دراسة حول موقف الإسلام من ظاهرة التنمر

رفض الإسلام لظاهرة التنمر

يدعو الإسلام إلى الإلتزام بالأخلاق والآداب الرفيعة، ويتجنب الأخلاق السيئة بما في ذلك التنمر، حيث يتضمن ذلك الاستهزاء والسخرية من الناس. قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ).

هذه الآية تمنع الاستهزاء بالآخرين أو إهانتهم، كما تحذر من استخدام العبارات التي تسيء لسمعة الأفراد، وتؤكد على عدم استخدام الألقاب السيئة التي قد تُسَرِّح مشاعرهم بالسلب.

توعية الأبناء بضرورة تجنب التنمر

يجب على الأسر تحمل مسؤولياتهم في تربية أبنائهم وفقًا لقيم الأخلاق الحميدة الإسلامية، والابتعاد عن السلوكيات السيئة. قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَئِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ).

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كُلُّكُمْ راعٍ وكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والأمِيرُ راعٍ، والرَّجُلُ راعٍ عَلَى أهْلِ بَيْتِهِ، والمَرْأَةُ راعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ زَوْجِهَا وَوَلَدِهَا، فَكُلُّكُمْ راعٍ وكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ). وبالتالي، تقع على عاتق الأهل مسؤولية توعية أبنائهم حول التنمر وآثاره السلبية لكل من المتنمر والمتنمر عليه.

آثار التنمر على الأفراد

عندما يقوم شخص بالتنمر، فإنه يخالف المبادئ الإسلامية التي تدعو إلى تقدير الناس وعدم الاعتداء على الأضعف منهم أو أقل حظًا، ينبغي عليه أن يدرك أن القوة التي منحنا الله إياها ينبغي أن تُستخدم في فعل الخير ومساعدة الغير. كما يجب على الأهل أن يتفهموا عواقب إهمال تربية أبنائهم على قيم ومبادئ الأخلاق الإسلامية.

أما بالنسبة للمتنمر عليه، فإن آثار التنمر تلحق به أذى نفسيًا أو جسديًا، وقد تستمر هذه الأضرار لفترة طويلة. لذا، يُمكن أن تتطلب مسؤولية الأهل متابعة سلوك أبنائهم وتوجيههم نحو تعزيز مهاراتهم الشخصية وتعديل سلوكهم، بالإضافة إلى تدريبهم على كيفية الدفاع عن النفس والتعامل مع التحديات.

الإسلام كمؤسس لمكافحة التنمر

تعد حماية المجتمع من التنمر مسؤولية جماعية تشمل الأهل والمدارس والمساجد والعلماء. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (المسلِمُ من سلمَ المسلمون من لسانهِ ويدهِ). فالمسلم الحقيقي لا يؤذي الآخرين ولا يستخدم كلمات جارحة ضدهم، ويتجنب كل ما قد يؤدي إلى الإساءة لأخيه المسلم.

كما حذر النبي صلى الله عليه وسلم من إلحاق الأذى بالآخرين، حتى أنه ذكر أن الذين يؤذون جيرانهم لن يدخلوا الجنة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَن لا يَأْمَنُ جارُهُ بَوائِقَهُ). إن هذا التحذير يعكس أهمية تجنب التنمر ويعمل على حماية المجتمع المسلم من هذه الظاهرة وآثارها السلبية على الأفراد والمجتمع.

Scroll to Top