تاريخ دولة سانت فينيست والغرينادين
تعد جزيرة سانت فنسنت واحدة من آخر الدول التي شهدت الاستيطان في منطقة البحر الكاريبي، حيث قام السكان الأصليون بالمقاومة ضد الاستعمار ونجحوا في الحفاظ على أراضيهم. وقد كانت الشعوب الأصلية في سانت فنسنت وجزر غرينادين من الكاريبيين، الذين سُمّيَت المنطقة الآن باسمهم، إذ يُعرف المكان بـ”سانت فينيست هيرونا” ما يعني “الأرض المباركة”.
في عام 1719، بدأ المستوطنون الفرنسيون القادمين من جزيرة مارتينيك المجاورة باستغلال الجزيرة لزراعة محاصيل مثل البن، والتبغ، والسكر، وغيرها من المحاصيل التي تم تصديرها إلى الأسواق الأوروبية المزدهرة في ذلك الوقت. وقد كانت الإمبراطورية البريطانية قد أنشأت لها موطئ قدم في المنطقة بحلول ذلك الوقت.
في عام 1763، وبموجب معاهدة باريس، حصلت بريطانيا على السيطرة على جزيرة سانت فنسنت، واستمر الاستيطان رغم رفض الكاريبيين للاعتراف بالسيادة البريطانية. وفي عام 1779، تمكن الفرنسيون من الاستيلاء على الجزيرة، ولكنها عادت إلى السيطرة البريطانية في عام 1783 بموجب معاهدة فرساي، مما أدى إلى استمرار المقاومة الكاريبية للاحتلال البريطاني في حربين متتاليتين (1772-1773 و1795-1796). وتم ترحيل العديد من السكان إلى جزيرة قريبة قبالة سواحل هندوراس، قبل أن يهاجروا لاحقًا إلى دولة بليز ومناطق أخرى على طول سواحل المحيط الأطلسي في أمريكا الوسطى.
الحكم البريطاني في سانت فينيست والغرينادين
بعد الغزو الكاريبي، أصبحت الحكومة البريطانية تسيطر بالكامل على البلاد بموجب معاهدة باريس عام 1763، مما أدى إلى انضمام سانت فنسنت إلى اتحاد إداري يعرف بجزر ويندوارد، والذي ضم أيضًا جزر غرينادا، ودومينيكا، وتوباغو وجزر غرينادين. وقد تمت مشاركة إدارة هذا الاتحاد عبر جمعية تمثيلية كان مقرها في غرينادا.
سرعان ما انهار هذا الاتحاد، ليتم منح الجزر مجالس تمثيلية مستقلة. وفي عام 1791، تم تقسيم جزر غرينادين بين غرينادا وسانت فنسنت، حيث كانت سانت فنسنت تتحكم إداريًا بالجزر الشمالية الأقرب إليها، مما ساعد في إدارتها بشكل أكثر فعالية. واستمر هذا النظام الإداري حتى عام 1877، عندما تم استبداله بنظام مستعمرة التاج الذي يتم فيهثل من قبل حاكم ومجلس معينين من قبل التاج البريطاني.
استقلال سانت فنسنت وجزر غرينادين
بعد انهيار الاتحاد الكاريبي في عام 1962، بدأت جهود جديدة تهدف إلى خلق اتحاد سياسي بين الدول الأعضاء السابقة، ولكن هذه الجهود لم تتمخض عن نتائج. وبدلاً من ذلك، سعت معظم الجزر نحو الاستقلال بشكل فردي، وتم تحقيق استقلال سانت فنسنت في 27 أكتوبر 1979.
بعد ذلك بفترة قصيرة، أُطلق على الكيان السياسي رسميًا اسم “سانت فنسنت وجزر غرينادين”، حيث تم تشكيل حكومة جديدة كنظام ملكي دستوري وانضمت إلى الكومنولث. وأجريت أول انتخابات في ديسمبر من نفس العام، حيث فاز حزب العمال في سانت فنسنت، وهو الحزب الحاكم في تلك الفترة. وأصبح زعيمه ميلتون كاتو أول رئيس وزراء للبلاد المستقلة، حيث أتبع كاتو سياسة قومية لتعزيز علاقات وثيقة مع حكومتي ترينيداد وتوباغو وبربادوس.
التطوّر السياسي لدولة سانت فينسنت والغرينادين
في يوليو 1984، حقق الحزب الديمقراطي الجديد بقيادة جيمس ميتشل فوزًا في الانتخابات العامة، حيث بدأ ميتشل برنامجًا لإعادة تنظيم الزراعة والتقليل من نسبة البطالة من خلال تشجيع صناعة البناء وتسهيل تسوية الأراضي بالنسبة للعمال الزراعيين. استمر حزب ميتشل في تحقيق الانتصارات في الانتخابات اللاحقة، حتى تقاعد من القيادة في أغسطس 2000، ليخلفه أرنهيم يوستاس الذي دعا لإجراء انتخابات عامة في مارس 2001، حيث حقق حزب الوحدة اليساري انتصارًا ساحقًا، وأصبح رالف غونسالفيس رئيسًا للوزراء.
في انتخابات 2001، أحرز حزب الوحدة العمالي الاشتراكي الديمقراطي 12 مقعدًا من أصل 15 مقعدًا متنازعًا عليه، ليصبح رالف غونسالفيس رئيسًا للوزراء. بينما تقلص عدد مقاعد الحزب الديمقراطي الجديد المحافظ إلى ثلاثة. وتمت مراقبة الانتخابات من قبل مراقبين دوليين. أما في ديسمبر 2005، فقد قاد غونسالفيس حزبه لإعادة انتخابه، حيث حصل مرة أخرى على 12 مقعدًا من المقاعد الخمسة عشر، بينما حصل الحزب الوطني الديمقراطي المعارض على المقاعد الثلاثة المتبقية.
بحلول عام 2009، أصبحت السياسة في سانت فنسنت وجزر غرينادين متأثرة بشكل متزايد بالصراعات خلال الاستفتاء الذي جرى في نوفمبر لاستبدال دستور عام 1979 بدستور تمت مراجعته من خلال لجنة شكلتها الحكومة. وبعد ست سنوات من المناقشات، تضمن الدستور المقترح تغييرات هامة، مثل إتاحة الانتخابات الوطنية لممثلي رجال الدين والمواطنين ذوي الجنسية المزدوجة، بالإضافة إلى إدراج أحكام صارمة ضد العمل القسري، وعرف الزواج بأنه علاقة بين رجل بيولوجي وامرأة بيولوجية فقط.