حوار بين الأم وابنتها حول أهمية صلة الرحم
- الأم: بعد أن عادت الابنة من المدرسة، بدت شاردة الذهن. فسألتها الأم: لماذا أنت شاردة بهذه الطريقة، يا ابنتي؟!
- الابنة: لقد ناقشت معلمتنا اليوم موضوعًا بالغ الأهمية، وأود أن أشاركك حديثي حوله، يا أمي.
- الأم: قولي لي، ما هو هذا الموضوع؟ لقد شوقتني لمعرفة ما جعلك بهذا التفكير الشارد!
- الابنة: قالت المعلمة إن أنس – رضي الله عنه – روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الرحم شُجْنةٌ متمسكة بالعرش، تتحدث بلسان ذلق: اللهم صل من وصلني، واقطع من قطعني، فيقول تبارك وتعالى: أنا الرحمن الرحيم، وإني شققت للرحم من اسمي، فمن وصلها وصلته، ومن نكثها نكثه).
- الابنة: كما بدأت المعلمة بسرد قصة لشاب يذهب أسبوعيًا لحضور محاضرة عن الحديث الشريف.
قصة الشاب التي سردتها المعلمة
- ذهب الشاب إلى محاضرة الحديث الشريف التي تعقد أسبوعياً على يد سيدنا أبو هريرة. وأثناء المحاضرة، سمع أبو هريرة يقول: (من قطع صلة الرحم لا يجلس بيننا)، فتوقف، إذ أنه لم يكن يتواصل مع أخت أبيه التي تعيش في نفس المدينة.
- نهض الشاب وغادر المحاضرة مسرعًا إلى منزل عمته، حيث اعترف بخطأ عدم سؤاله عنها واعتذر، وبدأ في التفقد الدائم لأحوالها.
- سألته عمته عن سبب هذا التغير المفاجئ. ورغم قبولها اعتذاره، طلبت منه أن يسأل أبو هريرة رضي الله عنه عن معنى تلك الجملة.
- استياء العم من الأمر دفعه إلى التفكير في أسباب تخصيص أبو هريرة لهذه النقطة، وما يميز صلة الرحم عن بقية العبادات.
- رد أبو هريرة رضي الله عنه بأنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن أعمال بني آدم تعرض كل خميس، فلا يقبل عمل قاطع رحم).
- وبذلك، كان أبو هريرة يخشى أن يحرم الآخرين من بركات المحاضرة إذا استمر هذا الشاب في الجلوس.
ما هي صلة الرحم وما هي فوائدها؟
الجزء الأول من الحوار
- بدأت الأم بالتحدث قائلة: اهدئي، يا ابنتي، سأخبرك بكل ما ترغبين في معرفته.
- تعتبر صلة الرحم تعبيراً عن معاملة الأقارب بلطف واحترام، حتى وإن كانوا غير صالحين أو ذو صلة بعيدة أو غير مسلمين، أو غير قادرين.
- تشير جميع الأديان السماوية إلى ضرورة صلة الأرحام والحفاظ على العلاقات الأسرية، لكن الدين الإسلامي جعل من هذه القاعدة مطلبًا أساسيًا بوضعها في مكانة رفيعة.
- وذكر الإسلام أهمية معاملة الأقارب غير المسلمين بشكل جيد، حتى مع من يسيء لنا.
- قال سبحانه وتعالى: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ، أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ) [سورة محمد].
- الابنة: يمكن أن تخبريني يا أمي عن مزايا وصلة الأرحام!
- الأم: لها فوائد متعددة، فهي تساهم في دخول الفرد إلى الجنة.
- الابنة: هل حقًا ما تقولينه يا أمي؟
الجزء الثاني من الحوار
- الأم: نعم، فقد وردت أحاديث في السنة النبوية عن صلة الأرحام، مثل حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه.
- فقال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: أرني عملًا يدخلني الجنة.
- فرد النبي صلى الله عليه وسلم: (تعبد الله ولا تشرك به شيئًا، وتؤدي الصلاة، وتخرج الزكاة، وتصل الرحم).
- تابعت الأم قائلة: إن صلة الرحم تزيد من رزق المؤمن وتباركه، حيث ورد عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من أحب أن يُبسط له في رزقه ويُنسأ له في أثره، فليصل رحمه).
- الابنة: هل قطع صلة الأرحام يؤدي لضرر معين؟
- الأم: ليس من الجائز قطع العلاقات الأسرية، فهذا محرم في الإسلام بلا خلاف.
- كما أن قطع صلة الرحم يعد من الكبائر التي تغفر بالإكثار من الاستغفار والرجوع إلى الله بتوبة نصوحة.
- هذا يعني ضرورة السعي لإصلاح العلاقات مع الأقارب والعودة لهم، وذلك ليسقط الله التوبة.
الجزء الثالث من الحوار
- الابنة: هل هناك آيات في القرآن أو أحاديث نبوية تدعو لذلك، يا أمي؟
- الأم: بالطبع، فإن لعنة الله تنزل على الذين يقطعون الرحم، كما حذر الله تعالى هؤلاء الأفراد، وأدانهم النبي صلى الله عليه وسلم.
- يقول الله تعالى: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ).
- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة لا يدخلون الجنة: مدمن خمر، وقاطع رحم).
- الابنة: أمي، ما هي بعض الطرق التي يمكن من خلالها تعزيز الروابط مع الأقارب؟
اقرأ المزيد هنا:
طرق تعزيز صلة الأرحام
أولاً
- يمكن تنظيم زيارات أسبوعية لأقاربنا القريبين منا، أو سنوية لمن يقيمون خارج البلاد حسب الإمكانية.
- وإذا تعذر ذلك، يمكن الاتصال بهم أسبوعياً عبر الهاتف أو وسائل التواصل الاجتماعي.
- كما يمكن إرسال رسائل بريدية تعبر عن مدى الشوق لهم.
- أو يمكنك ببساطة رفع سماعة الهاتف والتواصل معهم لتعبري عن مشاعرك تجاههم.
- أثناء التجمعات العائلية، ذكريهم بمدى حبك واهتمامك، فهذه الأمور البسيطة تحدث فرقًا كبيرًا.
- يجب احترام كبار العائلة والاستماع إلى قصصهم وتجاربهم.
- تعاملي معهم بلطف واهتمام عبر إقامة جو من البهجة والسرور خلال التجمعات العائلية، وشاركي في بعض الألعاب الترفيهية.
- عليك عرض المساعدة بانتظام على الأقارب وأن تكوني موجودة بالنسبة لهم، إذ تُعتبر صلة الرحم نعمة من الله.
- استفيدي من الفرص المتاحة للزيارة والمساعدة، فهذا من أجل الله.
ثانيًا
- المحافظة على الحسنات سوف تُظهر نتائجها في الآخرة.
- من خلال تعزيز العلاقات الأسرية، ستشعرين بالسعادة والرضا، وسيكافئك الله على جميع الأفعال الطيبة.
- والأهم من كل ذلك، هو قدر المكافأة التي ستحصلين عليها من الله كلما رسمتِ الابتسامة على وجوه الآخرين، أو قمتِ بالتواصل معهم بإحدى الوسائل.
- ولا يغيب عن بالك أن كل لحظة تسامحين فيها أفراد عائلتك تُعد من الأعمال المباركة.
- لا تدعي الفرصة تضيع عليك، ولا تكوني من أولئك الذين يقطعون ما أمر الله به.
- قال تعالى: (وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ، وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ، وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ – أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ).