تأسيس الدولة الأموية
تأسست الدولة الأموية عقب مقتل الإمام علي بن أبي طالب. في ذلك الوقت، بايع سكان الكوفة (في العراق) ابنه الحسن ليكون أمير المؤمنين. بينما في الشام، اختار أهل بيت المقدس مبايعة معاوية بن أبي سفيان ليكون خليفة المسلمين، وتُوج بلقب أمير المؤمنين.
دخل معاوية مدينة الكوفة حيث بايعه كل من الحسن والحسين، أبناء الإمام علي، وسُمي هذا العام بعام الجماعة في عام 41 هـ، باستثناء مجموعة واحدة لم توافق على مبايعته وهم (الخوارج). وهكذا، أُسست الدولة الأموية ليصبح معاوية أول خليفة أموي بعد نهاية عصر الخلفاء الراشدين.
مراحل الحكم في الدولة الأموية
تميز نظام الحكم في الدولة الأموية بتغيير جذري عن العهد السابق (خلافة الراشدين). فقد منح الخليفة معاوية ومن جاء بعده من خلفاء الدولة الأموية صفة الملك، متأثرين بالتجارب الحاكمة في الدول الفارسية والبيزنطية، حيث كان الحكم يقتصر على سلالة معينة.
هذا التغيير أوقف العلاقة مع النظام السياسي القديم الذي أسس له الخلفاء الأوائل، والذي اعتمد على مبدأ الاستخلاف وفقًا للأقدمية في الإسلام. لذا، حصر الأمويون الحكم في أيدي الأسرة السفيانية ومن ثم الأسرة المروانية، ونُقلت الخلافة الإسلامية من الجزيرة العربية إلى دمشق. وفيما يلي عرض لأبرز الأسر الحاكمة في الدولة الأموية:
الحكم السفياني
شهد الحكم السفياني في الدولة الأموية تعاقب عدد كبير من خلفاء بني أمية، ومن بينهم:
- خلافة معاوية بن أبي سفيان: تولى الحكم عام 40 هـ واستمر حتى عام 60 هـ.
- خلافة يزيد بن معاوية: تولى الحكم عام 60 هـ واستمر حتى عام 64 هـ.
- خلافة معاوية الثاني بن يزيد: تولى الحكم عام 64 هـ، واستمر حكمه لمدة ثلاث أشهر فقط.
الحكم المرواني
أما الحكم المرواني فتضمن عددًا آخر من خلفاء بني أمية، ومنهم:
- خلافة مروان بن الحكم: تولى الخلافة عام 65 هـ، واستمر 11 شهرًا فقط.
- خلافة عبد الملك بن مروان: تولى الحكم عام 65 هـ واستمر لمدة 20 عامًا.
- خلافة الوليد بن عبد الملك: تولى الحكم عام 86 هـ واستمر لمدة 10 سنوات.
- خلافة سليمان بن عبد الملك: تولى الحكم عام 96 هـ واستمر 3 سنوات.
- خلافة عمر بن عبد العزيز: تولى الحكم عام 99 هـ واستمر لمدة سنتين.
- خلافة يزيد الثاني بن عبد الملك: تولى الحكم عام 101 هـ واستمر 4 سنوات.
- خلافة هشام بن عبد الملك: تولى الحكم عام 105 هـ واستمر لمدة 20 عامًا.
- خلافات أخرى لأحفاد عبد الملك: الوليد بن يزيد، يزيد الثالث، إبراهيم بن الوليد، ومروان بن محمد.
تجدر الإشارة إلى أن فترة حكم الدولة الأموية استمرت 91 عامًا، بدءًا من عام 41 هـ حتى 132 هـ، تولى خلالها 14 خليفة من بني أمية، بدءًا من معاوية بن أبي سفيان وانتهاءً بمروان بن محمد بن مروان الجعبري.
مظاهر التقدم في الدولة الأموية
شهدت الدولة الأموية العديد من مظاهر التقدم الحضاري، ومن أبرزها:
نظام الخلافة
تميز عصر الخلافة الأموية بتنظيم كبير في شؤون الحكم والإدارة، مما انعكس على دمشق والأندلس. فقد ساهم هذا التنظيم، المُستمد من التأثيرات الفارسية والبيزنطية، في تعزيز نظام الحكم الوراثي.
مظاهر التحضر الاجتماعي
ظهرت في الخلافة الأموية مظاهر تحضر عديدة، مما أشار إلى تأسيس دولة تنفصل عن سابقتها. وكانت مجالس الشعر من أبرز هذه المظاهر، إذ استخدمت الدولة هذه المجالس كوسيلة لتحقيق أهدافها السياسية.
مظاهر التحضر العمراني والبناء
بدت مظاهر التحضر العمراني واضحة في الخلافة الأموية، حيث تُعد علامة على التطور والتنوع في أساليب البناء، خاصة في المدن التي شهدت استقرارًا سياسيًا وأمنيًا.
مظاهر التحضر الثقافي والفكري
ازدهرت العلوم والمعارف في العصر الأموي، حيث تأثرت بالحضارات الأخرى، وظهرت حركة ثقافية واسعة بين مختلف شرائح المجتمع. ومن أبرز ملامحها: تعريب الدواوين وصك العملة الأموية، والتفاعل بين اللغة العربية وغيره من اللغات.
مظاهر التوسع والفتوحات الإسلامية
توسعت الدولة الإسلامية بشكل ملحوظ خلال فترة الخلافة الأموية، وخاصة في عهد الوليد بن عبد الملك، حيث تمكن العرب من السيطرة على مساحات شاسعة، مع الوصول إلى حدود الصين شرقًا وشمال شرق إسبانيا غربًا.
سقوط الدولة الأموية في الشام
شكل سقوط الدولة الأموية صدمة للعديد من المؤرخين، نظراً لقوتها وعظمتها في ذلك الوقت. لكن هذا السقوط كان نتيجة لعدة عوامل جوهرية، منها:
المعارضة والعداء لآراء ومواقف بني أمية
أظهر أبناء الصحابة معارضة كبيرة للكثير من الآراء والمواقف التي تبناها بنو أمية، خاصة فيما يتعلق بولاية العهد واستبعاد نظام الشورى في الحكم. فقد اعتبروا أن نيل الحكم يجب أن يتم وفقًا لمبدأ الشورى.
ظهور الأحزاب السياسية
أثر ظهور أحزاب سياسية مثل الخوارج بشكل كبير على استقرار الدولة الأموية، حيث اعتبر هؤلاء أن منصب الخلافة يجب أن يشغله الأنسب دون النظر إلى الدرجات أو الأنساب.
موقف الخوارج كان واضحًا منذ إعلان مبايعة معاوية بن أبي سفيان للخلافة، حيث اعترضوا على ذلك واعتبروا أن الحكم يجب أن يُختار من قبل الأمة الإسلامية.
قيام الدولة الأموية في الأندلس
بعد سقوط الدولة الأموية على يد العباسيين، هرب العديد من بني أمية إلى شمال إفريقيا، حيث استقبلهم الوالي عبد الرحمن بن حبيب الفهري وأمنهم.
ومن بين الفارين كان الأمير الشاب عبد الرحمن بن معاوية بن هشام، الذي استطاع بفضل معركة المصارة في 10 ذي الحجة عام 138 هـ دخول عاصمة الأندلس، حيث نصب أميرًا على البلاد.
تمكن هذا الشاب البالغ من العمر 26 عامًا من تأسيس خلافة إسلامية في الأندلس، بعد انهيار خلافة أجداده في الشام، وقد تعاقب على الحكم فيها ثمانية أمراء من بني أمية هم:
- عبد الرحمن بن معاوية (الداخل).
- هشام بن عبد الرحمن.
- الحكم بن هشام.
- عبد الرحمن الأوسط.
- محمد بن عبد الرحمن.
- المنذر بن محمد.
- عبد الله بن محمد.
- عبد الرحمن الناصر.
كتب تناولت تاريخ الدولة الأموية
توجد العديد من الكتب المهمة التي تناولت تاريخ الدولة الأموية، ومن أبرزها:
- كتاب “الدولة الأموية” لمؤلفه د. يوسف العش.
- كتاب “عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار” لمؤلفه د. علي الصلابي.
- كتاب “تاريخ الدولة الأموية في الأندلس” لمؤلفه د. عبد المجيد نعني.
- كتاب “الدولة الأموية في الشام” لمؤلفه أنيس زكريا النصولي.