دعاء (اللهم اجعلني خيراً مما يظنون)
إن المسلم الحقيقي هو الذي يلجأ إلى الله في جميع جوانب حياته، ويطلب العون منه -عز وجل- في كل تفاصيل يومه. ويحرص المسلم على الاقتداء برسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصحابته الكرام في هذا الأمر، حيث تعلم هؤلاء الصحابة على يد الرسول الكريم كيف يتمكن الإنسان من التوجه إلى الله في كل الأوقات.
ومن أبرز نماذج الالتجاء إلى الله هو أبو بكر الصديق -رضي الله عنه-، الذي كان يلجأ إلى الله في جميع أحواله. وقد وردت عنه العديد من الأدعية المناسبة لمختلف المواقف والأوقات. ومن الأدعية التي كان يرددها عندما يُمدح، ما قاله: “اللهم أنت أعلم بي من نفسي، وأنا أعلم بنفسي منهم، اللهم اجعلني خيراً مما يظنون، واغفر لي ما لا يعلمون، ولا تؤاخذني بما يقولون”.
مناسبة دعاء (اللهم اجعلني خيراً مما يظنون)
كان أبو بكر يردد هذا الدعاء أثناء تلقيه المديح خشية أن يُفتتن بهذا الثناء، أو أن يكون فيه ما لا يتوافق مع واقعه. إذ كان يدعو بهذه الكلمات ليُذكر نفسه بتقصيره تجاه الله فيما لا يعرفه الآخرون، كما يُذكر المادح بأن هناك أموراً خاصة بين العبد وربه لا يعلمها الناس، مما يحثهم على التقليل من مدح الغير لئلا يؤدي ذلك إلى الفتنة.
نتعلم من هذا الدعاء أن أبا بكر الصديق، على الرغم من مكانته العالية في الإسلام وكونه أحد المبشرين بالجنة وأول من أسلم من الرجال، كان يخشى أن يُفتتن بالمدح. لذا، كان يدفع هذه الفتنة بدعائه. وهذا يُظهر لنا أن علينا نحن كمسلمين، الذين قد نكون أكثر تقصيراً، أن نكون أشد حذراً، وألا نفرح كثيراً بمدح الآخرين، وأن نُذكر أنفسنا بهذا الدعاء في الأوقات المناسبة.
دلالة الدعاء على تواضع أبي بكر
بعض الناس قد يشعر بالفخر والسعادة عند تلقي المديح، بينما نجد آخرين يسعون للحصول على هذا المدح، وهو أمر يتعارض مع تواضع الصحابة -رضي الله عنهم- الذين كان لديهم الاحترام الحقيقي لهذا النوع من الأطراء. فقد كانوا أكثر الناس تقوى وعلمًا، وأحسنوا التصرف عند تلقي الثناء.
عندما يقول أبو بكر الصديق: “اللهم أنت أعلم بي من نفسي”، فهو يعبر عن تواضعه وسعيه للتبرؤ أمام الله من ذنوبه. ورغم أن أبو بكر كان قليل الذنوب مقارنةً بحالتنا الحالية، إلا أن هذا يدل على عظم تواضعه وفقهه -رضي الله عنه-. فهو يعرف تماماً أن الاغترار بالعمل والفخر به قد يؤديان إلى عدم قبول العمل.