تاريخ مدينة القسنطينة: لمحة عن ماضيها الغني وأهم محطات تطورها

مدينة قسنطينة

تعتبر مدينة قسنطينة واحدة من المدن الجزائرية الرائدة، حيث تُعرف أيضًا بلقب “مدينة الجسور” و”عاصمة الشرق” في الجزائر. تُعد قسنطينة من أكثر المدن كثافة سكانية في البلاد، وتتميز بأنها مشيدة على صخرة من الكلس القاسي، مما يمنحها جمالاً طبيعيًا واخّاذًا لا يُضاهى. لنقل من ضفة إلى أخرى، يتعين على الزوار عبور الجسور التي تم تشييدها منذ العصور القديمة، حيث تحتوي المدينة على أكثر من ثمانية جسور، وهذا سبب إطلاق لقب “مدينة الجسور” عليها.

تاريخ مدينة قسنطينة

يعود تاريخ قسنطينة إلى فترة قديمة بدأت مع وصول الأمازيغ إلى المنطقة، الذين شكلوا قبائل فيها، وأطلق الإغريق عليهم اسم الليبيين. تأسست قسنطينة على يد التجار الفينيقيين، وكانت تُعرف قديمًا باسم “قرتا”، التي تعني في الفينيقية “القرية” أو “المدينة”، بينما أطلق عليها القرطاجيون اسم “ساريم باتيم”.

برزت مدينة قسنطينة في التاريخ بعد حصار “يوغراطة”، الذي رفض الاستسلام، وقام بتقسيم مملكة والده إلى ثلاث أقسام. بعد حصار دام خمسة أشهر، تمكن من اقتحام المدينة واستعادة الحياة إليها، واحتلت المدينة بعد ذلك تحت سلطة الرومان. خلال العهد البيزنطي، تعرضت المدينة للتدمير على يد الرومان الذين قاموا بأمر الإمبراطور ماكسينوس بتخريبها. ثم في العام 313 ميلادي، أعاد الإمبراطور قسطنطين بناء المدينة، وسُميت لاحقًا باسم قسنطينة.

دخول المسلمين إلى قسنطينة

بدأ دخول المسلمين إلى المغرب، وفي القرن التاسع، توافدت القبائل الهلالية إلى قسنطينة. بحلول القرن العاشر، بدأ أهل المدينة في استخدام اللغة العربية، واستوطن الأندلسيون فيها. خلال القرن الثالث عشر، أصبحت المدينة تحت سيطرة الدولة الحفصية في تونس، وظلت كذلك حتى غزاها الأتراك الذين حاولوا احتلالها عدة مرات. هُزم الحفصيون بسبب حملة بقيادة الداي محمد صالح رايس، الذي استولى على المدينة دون قتال، وأخضع البلاد بعد هزيمته لـ عبد المؤمن زعيم الحفصيين. وقد قام صالح باي بتطوير المدينة من خلال بناء جامع ومدرسة “القطانية”، ومدرسة “سيدي لخضر”.

الاحتلال الفرنسي لقسنطينة

عندما اجتاحت القوات الفرنسية الجزائر، أبدى الأهالي مقاومة شديدة ورفضوا الاستسلام. قاد “أحمد باي” حملة ناجحة لصدهم عن قسنطينة، لكن استطاع الفرنسيون الدخول إلى المدينة عبر معابر سرية، ودام القتال بينهم وبين السكان المحليين حتى تمكنوا من السيطرة عليها، مما خلف عددًا كبيرًا من القتلى. ونجح “باي أحمد” وخليفته “بن عيسى” في الفرار إلى الجنوب.

Scroll to Top