غزوة تبوك
تعتبر غزوة تبوك حدثاً محورياً في تاريخ الدولة الإسلامية، حيث عززت من هيبة الأمة الإسلامية في عيون أعدائها. بعد هذه المعركة، أصبح للإسلام والمسلمين دور بارز في الساحة العالمية كمؤثرين ضمن القوى العظمى. وكان الهدف من تلك الغزوة، التي قادها النبي محمد صلى الله عليه وسلم، هو بث الرعب في نفوس الرومان والإمبراطورية البيزنطية التي كانت تسيطر آنذاك على بلاد الشام. وقد أراد النبي أن يُظهر لهم أن المسلمين، باتباعهم لله ودينه، هم من يحددون مسار الأحداث ويقودونها.
سبب تسمية غزوة تبوك
أُطلق على هذه الغزوة اسم “تبوك” نسبةً إلى المكان الذي وقعت فيه المعركة، وهو منطقة تبوك. وقد نُقلت عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله لأصحابه أثناء توجههم لمواجهة الروم: “إنكم ستأتون غداً إن شاء الله عين تبوك”. كما عُرفت الغزوة أيضاً باسم “غزوة العسرة” بسبب الصعوبات والمشاق التي واجهها المسلمون، خاصة خلال فصل الصيف الحار. وقد تم الإشارة إلى هذه الفترة في كتاب الله، حيث قال: “لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة” (التوبة: 117). كما كان من أسباب تسميتها “الغزوة الفاضحة” بسبب كشفها للمنافقين الذين اعتذروا عن المشاركة بأعذار واهية.
تاريخ غزوة تبوك
وقعت غزوة تبوك في شهر رجب من العام التاسع للهجرة بعد مضي حوالي ستة أشهر من حصار الطائف. كانت المعركة في الجهة الشمالية من الحجاز بالقرب من الشام، وتبعد حوالي 1252 كم عن المدينة. وكانت المنطقة تسكنها قبيلة قضاعة وتحت السيادة الرومانية في ذلك الوقت.
أسباب غزوة تبوك وأهم أحداثها
أسباب غزوة تبوك
قبل غزوة تبوك، كانت الروم هي القوة الأعظم على وجه الأرض، وقد استعد قائدهم لمواجهة المسلمين في المدينة المنورة بعد مقتل رسول الله الذي بعثه لتحذيرهم. وعندما علم النبي بتجهيزهم للغزو، أصدر أمره للمسلمين بالاستعداد لتوجيه ضربة استباقية. وقد استجاب الصحابة بأسرع ما يمكن، حيث تم تجهيز الجيش في فترة قصيرة، مع بقائهم من غير تخلف إلا للمعذورين. عُين محمد بن مسلمة قائداً لجانب المدينة في غياب النبي، ورفض علي بن أبي طالب البقاء مع الضعفاء بالرغم من نصيحة النبي له، مما أظهر قوة إيمانه ورغبته في القتال.
أهم أحداث غزوة تبوك
بلغ عدد جيش المسلمين في غزوة تبوك حوالي ثلاثين ألف مقاتل، وهو أكبر عدد شهدته الأمة في معركة. ومع ذلك، كانت مؤنهم محدودة؛ إذ كان لكل ثمانية عشر مقاتلاً بعير واحد فقط، واضطروا لأكل أوراق الأشجار في ظل الجوع والعطش الشديد. وقبل الوصول لمكان المعركة، مروا بوادي القرى حيث تواجدت مياه وفيرة، لكن النبي صلى الله عليه وسلم نهى الصحابة عن استخدام تلك المياه خشية العذاب الذي أصاب قوم ثمود.
مع تصاعد مشقة الحرارة والعطش، دعا النبي ربه فأمطرت السماء عليهم. وعندما وصل جيش المسلمين إلى أرض المعركة، كانت تأثيراتهم واضحة وقد دخل الرعب في قلوب جيش الروم مما منعهم من مواجهتهم. هكذا انتهت المعركة دون قتال وبدون إراقة دماء. بينما في طريق العودة، حاول المنافقون اغتيال النبي، لكن الله أحبط مخططهم وكشف نواياهم. وبذلك، كانت هذه الغزوة Lesson توضح حكمة الله ورعايته للمؤمنين.