تأثير الإسلام على البشرية
ظهر الإسلام كمصدر أساسي لتلبية الفطرة الإنسانية، حيث يلبي حاجة الإنسان للتواصل مع خالقه، ويساعد على إنماء بذور الخير الكامنة في النفس، مما يوفر الطمأنينة النفسية والسعادة القلبية. ولذلك، أصبح الإسلام ضرورة ملحة لا يمكن الاستغناء عنها.
قال الله -تعالى-: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّـهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّـهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ). فالإسلام يعمل على الحفاظ على الدين، بدءًا من تربيته في النفوس، وصولاً إلى الاهتمام به والعمل على تعزيز استمراريته.
فهم الإنسان لمقصد وجوده
خلق الله -عزّ وجلّ- الإنس والجن لعبادته، وكل نوع له عبادته الخاصة به. قال -تعالى-: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)، حيث تتجلى عبادة البشر من خلال تعمير الأرض واستخلافها.
قال -تعالى-: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً). وتتحقق الخلافة من خلال الإنفاق في سبيل الله كما جاء في قوله: (وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ). فالمُلك لله وقد جعل عباده ممثلين له، مما يكمل مفهوم الخلافة التي من أجلها خُلق الإنسان.
تحقيق الاستقامة والصلاح
أخرج الله عباده من ظلمات الكفر إلى أنوار الهداية والعلم، حيث أرسل الرسل لإرشاد البشرية إلى خالقهم، وحثهم على السير في طريق الله المستقيم، محذرين من ارتكاب المعاصي. قال -تعالى-: (اللَّـهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ)، وذلك لينقذهم من العذاب الأليم.
تنظيم المعاملات بين البشر
وضع الإسلام إطارًا متكاملًا ينظم العلاقات بين البشر في كافة مجالات الحياة وفقًا لأحكامه. لا يُعتمد على الأحكام الوضعية إلا في حال عدم ورود نصوص شرعية، بشرط توافقها مع الشريعة. وامتازت القوانين التي وضعتها الشريعة بصلاحيتها لكل زمان ومكان.
يجب أن تكون جميع عمال الحياة اليومية مبنية على ما هو مباح، وأن يسير الإنسان في الطريق الحلال للوصول إلى أهدافه. فقد قالت عائشة -رضي الله عنها-: (مَن عَمِلَ عَمَلاً ليسَ عليه أمْرُنا فَهو رَدٌّ). وروى أنس بن مالك -رضي الله عنه-: (فمَن رَغِبَ عن سُنَّتي فليسَ مِنِّي).
تقوم جميع المعاملات على مبادئ التسامح، التي تعزز التواد والتعاطف بين أفراد المجتمع. فقد روى جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم-: (رَحِمَ اللَّهُ رَجُلاً سَمْحاً إذا باعَ، وإذا اشْتَرَى، وإذا اقْتَضَى).
القضاء على العصبية
عزز الإسلام فكرة الأمة الواحدة والقضاء على العصبية القبلية، فقال -تعالى-: (إِنَّ هَـذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ). وزرع في النفوس أن الرابطة العقدية أقوى من الرابطة القبلية، حيث أوكل الإسلام حق الانتقام للدولة، كاسرًا بذلك طوق القبيلة.
جعلت مهمة القبيلة في ذلك تكليف القاتل للأوليات الرسمية، حيث قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّـهِ أَتْقَاكُمْ). كما قال الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-: (والنَّاسُ بنو آدمَ، وخلقَ اللَّهُ آدمَ من الترابِ).
نشر الأمن والسلام بين الناس
أعطى الإسلام اهتمامًا كبيرًا لحماية حق الحياة وحق العمل المشروع لغير المسلمين ضمن المجتمع. وكون التسامح أساسًا للعلاقة بين المسلمين وأهل الكتاب، ضمنت الدولة حق المساعدة الاجتماعية للمحتاجين من هؤلاء.
ومن ثم، أكدت الدولة الإسلامية حق الأمن والحماية لغير المسلمين، فيما يلتزمون بالشروط الواجب تحقيقها تجاه الدولة الإسلامية.
تحقيق الرفعة الروحية والأخلاقية
استطاعت الشريعة الإسلامية الوصول بالروح والأخلاق إلى مستويات عالية لكل من يتبعها، من خلال تعزيز تقوى الله ومحاسبة النفس. قال الله -تعالى-: (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّـهِ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ).