تائية الشاعر الإلبيري: دراسة في ملامحها الأدبية والفكرية

تائية الإلبيري

تُعتبر تائية الإلبيري من أشهر قصائد الشاعر الأندلسي أبي إسحاق الإلبيري، واسمه إبراهيم بن سعيد بن مسعود، الذي يُعدّ واحدًا من أبرز شعراء العصر الأندلسي. تحتوي هذه القصيدة على أكثر من 110 أبيات، وتركز على المواعظ، الحكم، والدروس القيمة من تجارب الحياة. فيما يلي تحليل لمحتوياتها.

تحليل تائية الإلبيري

يبدأ أبو إسحاق الإلبيري بقوله:

تَفُتُّ فُؤادَكَ الأَيّامُ فَتّا

وَتَنحِتُ جِسمَكَ الساعاتُ نَحتا

وَتَدعوكَ المَنونُ دُعاءَ صِدقٍ

أَلا يا صاحِ أَنتَ أُريدُ أَنتا

أَراكَ تُحِبُّ عِرساً ذاتَ غَدرٍ

أَبَتَّ طَلاقَها الأَكياسُ بَتّا

تَنامُ الدَهرَ وَيحَكَ في غَطيطٍ

بِها حَتّى إِذا مِتَّ اِنتَبَهنا

فَكَم ذا أَنتَ مَخدوعٌ وَحَتّى

مَتى لا تَرعَوي عَنها وَحَتّى

يُشير الشاعر إلى أن الأيام تهدم قلبك وتستنزف صحتك، لذا ينبغي عليك استغلال الوقت فيما ينفع، لأن الموت يدعوك في كل لحظة، ويأتي ملك الموت ليقول لك “أريدك”. لذلك اختار الحكماء التخلي عن الدنيا والتوجه نحو العمل للآخرة، تمامًا كما يطلق الرجل زوجته ذات العيب.

تتغافل عن هذه الدنيا، مضيّعًا أيامك، وعندما يأتي أجلك، تصحو مدركًا ما فاتك، حينها، لن يفيد التذكّر. كم من مرة خدعتك الدنيا وزخرفاتها؛ متى ستعود إلى رشدك؟

أَba بَكرٍ دَعَوتُكَ لَو أَجَبتا

إِلى ما فيهِ حَظُّكَ إِن عَقَلتا

إِلى عِلمٍ تَكونُ بِهِ إِماماً

مُطاعاً إِن نَهَيتَ وَإِن أَمَرتا

وَتَجلو ما بِعَينِكَ مِن عَشاها

وَتَهديكَ السَبيلَ إِذا ضَلَلتا

وَتَحمِلُ مِنهُ في ناديكَ تاجاً

وَيَكسوكَ الجَمالَ إِذا اِغتَرَبتا

يَنالُكَ نَفعُهُ ما دمت حَيّاً

وَيَبقى ذُخرُهُ لَكَ إِن ذَهَبتا

هُوَ العَضبُ المُهَنَّدُ لَيسَ يَنبو

تُصيبُ بِهِ مَقاتِلَ مَن ضَربتَا

وجهتُك إلى طلب العلم، حيث أن الاستجابة لذلك لها فوائد جمّة. إذا أدركت أهميته، ستصبح قائدًا مُطاعًا، ويصبح لديك القدرة على التمييز بين الصواب والخطأ، وبالتالي التفريق بين طرق الهداية.

هذا العلم ينفعك في حياتك الدنيا وبعد مماتك، كما سيظل يتذكر الناس خيرًا بفعل معرفة ما أعطاك الله، فهو سلاح لا يفشل أو يجري.

وَكَنزاً لا تَخافُ عَلَيهِ لِصَّاً

خَفيفَ الحَملِ يوجَدُ حَيثُ كُنتا

يَزيدُ بِكَثرَةِ الإِنفاقِ مِنهُ

وَينقُصُ أَن بِهِ كَفّاً شَدَدتا

فَلَو قَد ذُقتَ مِن حَلواهُ طَعماً

لَآثَرتَ التَعَلُّمَ وَاِجتَهَدتا

وَلَم يَشغَلَكَ عَنهُ هَوى مُطاعٌ

وَلا دُنيا بِزُخرُفِها فُتِنتا

وَلا أَلهاكَ عَنهُ أَنيقُ رَوضٍ

وَلا خِدرٌ بِرَبرَبِهِ كَلِفتا

إنّ العلم كنزٌ لا يمكن سرقته، فهو موجود معك دائمًا، ويمتدّ بالزيادة كلما شاركته مع الآخرين. فلو اكتشفت طعمه، ستفضل طلب العلم على الانشغال بأمور الدنيا.

كذلك، لو عايشت فوائد العلم، لن يلهيك جمال الدنيا وخيراتها عن التعلم، سواء كانت زهورًا أو مظاهرًا أخرى.

فَقوتُ الروحِ أَرواحُ المَعاني

وَلَيسَ بِأَن طَعِمتَ وَأِن شَرِبتا

فَواظِبهُ وَخُذ بِالجِدِّ فيهِ

فَإِن أَعطاكَهُ اللَهُ أَخَذتا

وَإِن أوتيتَ فيهِ طَويلَ باعٍ

وَقالَ الناسُ إِنَّكَ قَد سَبَقتا

فَلا تَأمَن سُؤالَ اللَهِ عَنهُ

بِتَوبيخٍ عَلِمتَ فَهَل عَمِلتا

فَرَأسُ العِلمِ تَقوى اللَهِ حَقّاً

وَلَيسَ بِأَن يُقال لَقَد رَأَستا

غذاء الروح الحقيقي يكون في طلب العلم، وليس في الاستمتاع بالشهوات. استمر في السعي لهذا العلم، فبه تتحصل على خير الدنيا والآخرة.

كما أن كونك راسخ العلم يزيد من مدح الناس لك، يجدر بك أن تتذكر أن الله سيحاسبك عن هذا العلم، فالتقوى والالتزام هم أصل العلم، وليس مجرد الحديث عنه.

الأفكار الرئيسية في تائية الإلبيري

تتناول تائية الإلبيري مجموعة من الأفكار المهمة، منها:

  • ضرورة استثمار الوقت في الحياة وعدم الانشغال بما لا ينفع.
  • أهمية السعي لتعلم العلم والتزود منه.
  • الاحتفاء بقيمة العلم والعلماء.
  • ضرورة الربط بين العلم وتطبيقه في الحياة.
  • تحذير من محاسبة الله -عزّ وجل- للعلماء بشأن ما اكتسبوه من علم.

تفسير بعض الألفاظ في تائية الإلبيري

تتضمن تائية الإلبيري بعض الألفاظ التي تتطلب توضيحًا، منها:

المفردةمعنى المفردة
تَفتّأي تضعف وتوهن.
المنونتشير هنا إلى الموت.
عِرساسياق الزواج بين الزوجين.
غطيطصوت النائم في نومه العميق.
عشاهاعشا تعني ضعف البصر أو الرؤية.
العضبتشير إلى السيف.
زخرفهاتعني الزينة.
Scroll to Top