تاريخ الإسلام في الجزائر

دخول الإسلام إلى الجزائر

عندما توفي الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- كان الإسلام قد انتشر في شبه الجزيرة العربية. وخلال أقل من 25 عامًا، تمكن المسلمون من فتح العراق وبلاد الشام ومصر. وبعد الانتهاء من الفتح النهائي لمصر بموجب معاهدة الإسكندرية عام 21 هـ، بدأ عمرو بن العاص في توسيع عمليات الفتح، حيث سيطر على برقة في عام 22 هـ وطرابلس في عام 23 هـ، تاركًا بعض قواته لحماية الأراضي التي تم فتحها.

ساهم عمرو بن العاص -رضي الله عنه- في نشر الإسلام بين أهل المنطقة، وقد لاحظ استجابة سكان تلك الأصقاع لدعوة الإسلام، مما عزز رغبته في التوجه نحو أفريقيا. بدأ بإرسال السرايا لاستكشاف المناطق الشمالية من القارة وعاد بعدة انتصارات، مما شجعه على اتخاذ قرار بغزو هذه المناطق. في عام 27 هـ (647 م)، صدر الأمر من الخليفة لوالى مصر، عبد الله بن سعد بن أبي سرح، لشن هجوم على أفريقيا مع جيش يتكون من 20,000 مقاتل.

شمل الجيش عددًا من الصحابة الكرام، مثل عبد الله بن الزبير، وعبد الله بن جعفر، وعبد الله بن عباس، وعقبة بن نافع. كان في مواجهة المسلمين قائد يدعى جرجير، الذي أتى بجيش يتألف من 120,000 من الروم والبربر. التقى الجيشان على بعد يوم وليلة من سبيطلة، وانتهت المعركة بمقتل جرجير وهزيمته، ليستعيد المسلمون المبادرة بتنفيذ الغارات على الروم والبربر. وبعد مرور سنة وثلاثة أشهر من إقامة العرب في أفريقيا، طلبت القبائل المحلية الصلح.

أبرز الدول التي حكمت الجزائر بعد الفتح الإسلامي

عند الفتح الإسلامي، كانت كلمة الجزائر تشير إلى مدينة ساحلية صغيرة فقط، ولم تكن تعكس بالكامل ما نعرفه اليوم عن الجزائر. فمصطلح الجزائر بالشكل الحديث لم يبدأ في الظهور إلا منذ القرن العاشر أثناء الحكم العثماني. ولم يكن المصطلح “المغرب الأوسط” الذي استخدمه العرب المسلمون يعبر بدقة عن الحدود الحالية للجزائر، حيث كانت المنطقة تحت حكم دولة الزيانية في القرن التاسع.

الدولة الزيانية – بنو عبد الواد

تعزى هذه الدولة إلى عبد الواد وتُنسب إلى زيان بن ثابت، حيث كان بنو عبد الواد معروفين بقوتهم وشجاعتهم. كانوا من الفرسان البواسل ومشهود لهم بكفاءتهم في القتال، ولقد ارتفعت مكانة الأشراف والفقهاء في حكمهم.

الاحتلال العثماني للجزائر

يمكن تقسيم حكم العثمانيين للجزائر إلى ثلاثة مراحل على النحو التالي:

  • مرحلة الولاة الملقبين بـ “بيكلربك” (1518 – 1587 م)

بدأت هذه المرحلة تحت ولاية خير الدين، الذي تمكن من هزيمة الإسبانيين، وحقق انتصارات متعددة. تولى بعده حسن أغا شؤون الجزائر، وتمكن من صد الحملات الإسبانية، ثم عُين حسن باشا بن خير الدين واليًا، حيث عمل على تعزيز الجزائر واستعادة تلمسان.

بعدها تولى صالح ريس الحكم، وقام بتنفيذ ضربات قوية ضد الإسبان وطردهم من بجاية والمهدية. عندما توفي، عاد حسن باشا إلى ولاية الجزائر، وواجه القوات المغربية التي تأخذت تلمسان، ووصل حتى أبواب فاس حيث دبر لاغتيال الأمير المغربي محمد الشيخ الملقب بالمهدي، ونجح في ذلك. بعد اغتياله، انطلق حسن باشا لمحاربة الإسبان، حيث حقق انتصارًا كبيرًا في مستغانم. بعد هذا الانتصار، استدعاه السلطان العثماني إلى حصار مالطة.

  • مرحلة الباشوات (1587 م – 1671 م)

كان الباشوات ولاة يُرسلون من إستانبول، يحملون لقب باشا ويحكمون لمدة ثلاث سنوات عبر شراء المناصب. وقد شهدت هذه الفترة عدة اضطرابات وحروب داخلية أدت إلى صعود رؤساء البحرية للسلطة، مما أسفر عن حكم الدايات.

  • مرحلة الدايات (1671 م – 1830 م)

انتقلت السلطة إلى الدايات، الذين هم رؤساء البحرية، وتم تعيين واحد منهم حاكمًا مدى الحياة. ومع عجز الدولة العثمانية عن فرض إرادتها، توقف إرسال الباشوات، ومنحت الدايات لقب باشا باعتبارهم ممثلين عن السلطة العثمانية.

الاحتلال الفرنسي للجزائر

يُرجع بعض المؤرخين بداية الحملة الفرنسية على الجزائر إلى عام 1827 م، ولكن الحرب الفعلية ضد الجزائر بدأت في عام 1538 م عقب معركة “بروزة” حيث انتصر العثمانيون بقيادة القائد خير الدين بربروسا على أساطيل القوى الصليبية المتحالفة.

بعد هذا النصر، قام بربروسا بتأسيس أسطول إسلامي قوي مقره الجزائر، مما جعلها أقوى قوة بحرية في العالم. صارت الجزائر تُعرف باسم “دار الإسلام ودار الجهاد”، ومنذ ذلك التاريخ، انتبهت القوى الصليبية إلى الجزائر كمركز رئيسي لاهتمامها.

Scroll to Top