أثر درجات الحرارة على نمو النباتات

أثر ارتفاع درجات الحرارة على نمو النباتات

تتطلب النباتات ظروفاً مناخية مناسبة لنموها، ويؤثر نموها بشكل كبير على عوامل متعددة تشمل: درجة الحرارة، الهواء، خصائص التربة، توفر المياه، كمية الضوء، والرطوبة. ومن بين هذه العوامل، تعد درجة الحرارة المرتفعة أحد الأدوات الرئيسية التي تؤثر بشكل ملحوظ في عمليات نمو النباتات.

تشمل تأثيرات الحرارة الزائدة العمليات المتعلقة بالتمثيل الضوئي، والنتح، والتنفس، والإنبات، والتزهير. حيث تتزايد مع ارتفاع درجات الحرارة كل من عمليات التمثيل الضوئي، والنتح، والتنفس، وهو ما يؤثر بدوره على مراحل نمو النباتات، بتحولها من المرحلة الخضرية (بالإنجليزية: vegetative) إلى المرحلة الزهرية (بالإنجليزية: reproductive).

وفيما يلي توضيح لتأثير ارتفاع درجات الحرارة على النباتات:

أثر ارتفاع الحرارة على معدل الإنبات

يتأثر معدل الإنبات (بالإنجليزية: Germination) بتفاعلات كيميائية وفيزيائية تتعلق بدرجة الحرارة. حيث يقوم النبات بتفكيك الكربوهيدرات الموجودة في البذور والثمار للحصول على الطاقة اللازمة.

وتمتلك كل نوع من بذور النباتات درجة حرارة مثالية تعزز من معدل الإنبات. في حال كانت عملية الإنبات بطيئة، يزداد الوقت اللازم لظهور البذور، مما يزيد فرص فشلها حيث أن الشتلات في مراحلها المبكرة تكون معرضة للأمراض والعوامل البيئية الأخرى.

عند بطء الإنبات، قد تُستهلك الكربوهيدرات المخزنة داخل البذور، مما يؤدي إلى ظاهرة تعرف بالتقزم (بالإنجليزية: stunting). لذا، تُعتبر درجة الحرارة المثالية عاملاً مهماً في دعم نجاح هذه العملية. توجد نباتات تعيش في المناخات الباردة مثل الخس والسبانخ، بينما تفضل أخرى المناخات المعتدلة مثل الطماطم.

أثر ارتفاع الحرارة على التمثيل الضوئي والتنفس الخلوي

يسفر ارتفاع درجات الحرارة عن تغييرات فسيولوجية وكيميائية حيوية وجزيئية تؤثر على عملية التمثيل الضوئي (بالإنجليزية: photosynthesis)، والتي تُعد ضرورية لنمو الأشجار وإنتاجها. فقد أظهرت دراسة أجريت في عام 2014 أن هذه العملية تعود إلى وضعها الطبيعي بعد 6 ساعات من التعرض لدرجات حرارة مرتفعة.

تؤدي تغيرات درجات الحرارة إلى حدوث تفاوتات في التمثيل الضوئي على مستوى الأنزيم داخل الأوراق، مما ينعكس على وظائف الأنزيم في تلك الأوراق، وبالتحديد في مراحل النمو المختلفة، مما يزيد من فقدان النبات للمياه نتيجة ارتفاع ضغط بخار الماء في الهواء.

وفي دراسة أجرتها أكاديمية أكسفورد عام 2021، أظهر الباحثون كيف أن المسامات وأنظمة النقل في النباتات تتأثر سلباً بارتفاع درجات الحرارة، مما ينعكس على إنتاج المحاصيل بشكل عام.

تنمو النباتات بشكل جيد عندما تكون درجات الحرارة أعلى بمعدل 10 – 15 درجة مئوية خلال النهار مقارنة بدرجات الحرارة خلال الليل، حيث يتم فيهما التمثيل الضوئي والتنفس الخلوي (بالإنجليزية: respiration).

تؤدي درجات الحرارة المرتفعة إلى تسريع عملية التنفس لدى النبات بمعدل أكبر من التمثيل الضوئي، مما ينجم عنه استهلاك الكربوهيدرات بشكل أسرع من إنتاجها. لذا، لابد أن يكون معدل التمثيل الضوئي أعلى من معدل التنفس لضمان النمو السليم.

أثر ارتفاع الحرارة على ازدهار النباتات

تلعب درجات الحرارة المرتفعة دورًا في تسريع تزهير النباتات التي تنمو في المناخات الباردة مثل السبانخ، بينما تسهم درجات الحرارة المنخفضة في تباطؤ تزهير النباتات التي تنمو في المناطق الأكثر دفئًا مثل الطماطم.

أثر انخفاض درجات الحرارة على النباتات

تحتوي النباتات على مستشعرات لدرجات الحرارة، وهي حساسة جدًا لأي تغيير في بيئتها المألوفة، سواء كان ذلك التغيير إيجابيًا أو سلبيًا. تنتقل هذه الإشارات إلى جذور البذور، وتؤدي درجات الحرارة المنخفضة إلى اضطراب العمليات الفسيولوجية مثل نظام الماء، التغذية المعدنية، التمثيل الضوئي، والتنفس، وفقًا لدراسة أجريت عام 2017.

فيما يلي توضيح لتأثير انخفاض درجات الحرارة على النباتات:

أثر انخفاض الحرارة على جودة المحاصيل

تؤثر درجات الحرارة المنخفضة على جودة المحاصيل (بالإنجليزية: Crop quality)، حيث تقلل من استهلاك الطاقة مما يزيد من تركيز السكر في الثمار، ليجعلها أكثر حلاوة.

تقليل نشاط الإنزيمات في النبات

يساهم انخفاض درجات الحرارة في تقليل نشاط الإنزيمات داخل النباتات، مما يؤثر سلبًا على امتصاص العناصر الغذائية ويؤدي في النهاية إلى ضعف نمو النباتات وموته.

أثر انخفاض الحرارة على عملية التمثيل الضوئي

تؤثر درجات الحرارة المنخفضة سلباً على نمو النباتات وإنتاجها، حيث تعيق هذه الحرارة عملية التمثيل الضوئي عبر تعطيل الأنزيمات التي تحتاج إلى درجات حرارة مثالية لإجراء التفاعلات الكيميائية والحيوية.

تلف النباتات وموتها

إذا تعرضت النباتات التي تعيش في المناخات الدافئة لدرجات حرارة منخفضة، ستكون عرضة للتلف أو الموت. يؤدي انخفاض درجة الحرارة إلى حدوث الصقيع، مما يؤدي إلى تجمد جزيئات الماء الموجودة بين خلايا النبات، وبالتالي جفافها.

هذا الوضع يُعيق التنفس من خلال منع دخول الأكسجين، ويؤدي إلى تراكم المواد السامة، إضافةً إلى تأثر النظام الميكانيكي للنبات بفعل بلورات الجليد التي ترفع النبات من التربة.

تكيف النباتات مع اختلاف درجات الحرارة

تتكيف النباتات مع التغييرات في درجات الحرارة عبر فصول السنة، بتغيير عدة جوانب مثل توقيت الإزهار والنمو، وهو ما يُعرف باللدونة التطورية الحرارية (بالإنجليزية: thermal developmental plasticity). هناك جينات مسؤولة عن هذه الفروق، تتفاعل لتؤثر على صفات النبات، مثل السمات الخلوية، مما يسهم في التكيف مع الظروف الحرارية.

تنمو بعض الأشجار بالقرب من سطح الأرض أو بشكل يساعدها على التخلص من الثلوج المتراكمة حولها، كما أن بعض النباتات تحتفظ بالأوراق الميتة كحماية من الصقيع. تحتوي بعض النباتات على صمام داخل خلاياها يعمل على إغلاق الخلايا المتجمدة بشكل فردي لمنع حدوث تجمد متسلسل.

تتكيف بعض الأنواع مع الطقس بطرق متعددة، حيث تقوم بتمرير مساحة سطح أوراقها لتقليل التبخر وفقد الماء. وبعضها يعتبر أوراقه خلال الشتاء أقل عددًا لتقليل فقد الحرارة عبر تقليص المساحة الكلية الخارجية للنبات.

بينما تزداد سماكة وكبر قطر أوراق النباتات دائمة الخضرة خلال الشتاء، مما يساعدها على التخلص من الماء الزائد بشكل أكثر فعالية مع مواكبة الظروف الجوية المحيطة، كالرياح والأمطار.

Scroll to Top