تحسين إنتاج الكتلة الحيوية: استراتيجيات وأساليب فعالة

طرق تعزيز إنتاج الكُتلة الحيويّة

يمكن تحقيق تحسين في إنتاج الكُتلة الحيويّة للنباتات الخشبيّة الموجودة في الغابات من خلال تطبيق تقنيات التكنولوجيا الحيويّة، وذلك عن طريق تعديل الجينات المسؤولة عن نمو فروع النباتات. يُمكن أن تبدأ الفروع الجانبيّة بالنمو والتفرع مباشرة في السنة الأولى من عمر النبات، مما يمنع دخول فترة السكون إلى الربيع القادم. نتيجة لذلك، يزداد عدد الفروع والأوراق على الأشجار.

يؤدي ذلك إلى ارتفاع النمو العام للنبات، مما يساهم في زيادة الكُتلة الحيويّة الناتجة دون التأثير على قدرته على إنتاج الغذاء الضروري للبشر. علاوة على ذلك، يمكن لهذه التكنولوجيا أن تلعب دورًا في تقليل آثار ظاهرة الاحتباس الحراري وتعزيز أمن الطاقة.

تعتبر الطحالب من المصادر الواعدة لإنتاج الكُتلة الحيويّة القابلة للتحويل إلى طاقة، إلا أن الطحالب قد تتنافس مع الكائنات الحيّة الأخرى على الموارد مثل الماء والضوء، كما أن تكلفة إنتاج الطاقة منها لا تزال مرتفعة. وللتغلب على هذه التحديات، يعمل الباحثون في جامعة جورجيا على تحسين إنتاج الطحالب المجهريّة في أنظمة البرك المفتوحة باستخدام محفزات نمو منخفضة التكلفة، خاصة عند استخدام المغذيات الدقيقة التي تعزز نمو وتكاثر الطحالب. وتشير النتائج الأولية إلى أن هذه الطريقة يمكن أن تزيد إنتاج الكُتلة الحيويّة بنسبة تصل إلى 138٪.

حرصاً على زيادة كفاءة استخدام الكُتلة الحيويّة لإنتاج الطاقة، هناك عدة استراتيجيات أخرى يمكن اعتمادها:

  • استغلال النباتات العشبيّة المُعمِّرة التي تنمو بشكل ذاتي دون الحاجة لإعادة زراعتها، مثل الثمام العصوي (Switchgrass) الذي يكثر في السهول الكبرى ويتميز بقدرته على استعادة العناصر الغذائية في التربة، مما يعزز النمو في المواسم التالية.
  • استثمار النباتات التي يمكنها العيش في بيئات غير ملائمة للمحاصيل الزراعية، مثل أشجار الحور التي تستطيع التأقلم مع التربة السامة نظرًا لقدرتها على إزالة الملوثات.
  • تطوير سلالات نباتية مقاومة للجفاف وملوحة التربة العالية.

العوامل المؤثرة على إنتاج الكتلة الحيوية

تساعد دراسة العوامل المؤثرة في إنتاج الكتلة الحيوية في تحديد أفضل الطرق لتحسين الإنتاج. ومن بين العوامل الأساسية التي تلعب دورًا في تأثير الكتلة الحيوية في النباتات:

  • توافر مغذيات التربة

يمكن أن يؤثر نقص المغذيات في التربة سلبًا على الكتلة الحيوية وإنتاج الثمار. لذلك، إدارة كمية المغذيات عند مستوياتها المثلى تؤدي إلى زيادة الكتلة الحيوية وتحسين الإنتاج. تعتبر عملية التسميد من أبرز الطرق الشائعة لتعزيز مغذيات التربة.

  • رطوبة التربة

تمثل مستويات رطوبة التربة أهمية كبيرة في نمو جذور النبات، مما يؤثر على امتصاص المغذيات. بعض النباتات، مثل شجرة الزيتون، تكون أكثر حساسية لنقص الرطوبة خلال مراحل معينة من النمو، مما يؤدي بدوره إلى تأثير سلبي على الكتلة الحيوية والإنتاج.

  • درجة حرارة التربة

يمكن أن تؤثر درجة حرارة التربة على نمو الجذور وبالتالي على مستوى امتصاص المياه والمغذيات. إذا كانت درجة الحرارة ملائمة لنمو الجذور، فإن ذلك يساعد في تحسين امتصاص المغذيات والمياه، مما يُعزز الكتلة الحيوية.

  • درجة حرارة الهواء

تُعتبر درجة حرارة الهواء عاملًا حيويًا يؤثر على عملية البناء الضوئي، والتي تُعَدُّ من أبرز الوظائف الفيسيولوجية للنباتات. وقد تختلف درجة الحرارة المثلى وفقًا لنوع النبات.

  • رطوبة الجو

يمكن أن يُثري الانخفاض في رطوبة الجو من عملية النتح على سطح أوراق النباتات، مما يؤدي إلى تقليص مخزون المياه داخل النبات وبالتالي تأثير سلبي على الكتلة الحيوية ومعدل النمو.

  • فترة الإضاءة

تلعب مدة الإضاءة خلال اليوم دورًا في تحديد الكتلة الحيوية نظرًا لتأثيرها المباشر على النمو الخضري.

  • شدة الإضاءة

يُعتبر الضوء بالإضافة إلى غاز ثاني أكسيد الكربون (CO2) من أبرز العوامل المؤثرة على معدلات البناء الضوئي. زيادة الضوء إلى المستويات المثلى تساهم في تحفيز أداء عملية البناء الضوئي، مما يُعزز الكتلة الحيوية.

استغلال الكتلة الحيوية لإنتاج الطاقة

يمكن حرق الكتلة الحيوية مباشرة لإنتاج الطاقة الحيوية، كما هو الحال في حرق الأخشاب والنفايات، واستخدامها في محطات توليد الكهرباء. كما يمكن تحويل الكتلة الحيوية إلى أشكال أخرى كغاز حيوي ينتج عن تحلل الورق وفضلات الطعام والنفايات في مكبات النفايات، أو من خلال معالجة مياه الصرف الصحي ورماد الحيوانات في أوعية خاصة تُسمّى الهاضمات.

يمكن أيضًا تحويل الكتلة الحيوية إلى وقود سائل مثل الإيثانول، والذي يمكن الحصول عليه من تخمير محاصيل مثل الذُرة وقصب السكر، ويُستخدم في تسيير المركبات. كما يمكن تحويل الزيوت النباتية والدهون الحيوانية إلى وقود الديزل الحيوي، الذي يُستخدم كمصدر للتدفئة أو كوقود للمركبات.

فوائد استخدام الكتلة الحيوية كمصدر للطاقة

يعتبر العديد من المهتمين بالشأن البيئي أن الطاقة الناتجة عن استخدام الكتلة الحيوية كوقود أقل تأثيرًا سلبيًا على البيئة مقارنة بالوقود الأحفوري. على الرغم من أن كلا النوعين يُحرّران غاز الكربون عند احتراقهما، إلا أن الوقود الحيوي يحتوي على كربون تم إزالته حديثًا من الغلاف الجوي، مما يقلل من تأثيره على توازن الغازات في البيئة.

توجد أيضًا تقنيات مثل “التغويز” التي تحوّل غاز ثاني أكسيد الكربون إلى أول أكسيد الكربون، المستخدم أيضًا كوقود، مما يعني عدم إطلاق أي نفايات ضارة من ثاني أكسيد الكربون. فالكربون الناتج عن احتراق الوقود الأحفوري يعود لمخزون قديم تم الاحتفاظ به لآلاف السنين، وإطلاقه يؤدي إلى زيادة تركيز انبعاثات الغازات الدفيئة في الجو، مما يتسبب في تغير المناخ وتشكيل الضباب الدخاني. وعلى الجانب الآخر، لا ينتج عن احتراق الوقود الحيوي سموم، في حين يُنتج احتراق الوقود الأحفوري سمومًا مثل الكبريت والزئبق.

تشمل الفوائد الأخرى لإنتاج الطاقة من الكتلة الحيوية تعزيز الاقتصاد الزراعي المحلي، وجذب بعض الحشرات المفيدة التي تساعد في مكافحة الآفات الزراعية، مما يقلل من الحاجة لاستخدام المبيدات الحشرية. كما يمكن تقليل تكلفة إنتاج الطاقة وزيادة كفاءتها من خلال استخدام الميكروبات المدروسة لتسريع عملية تخمير المحاصيل وإنتاج الإيثانول.

سلبيات استخدام الكتلة الحيوية كمصدر للطاقة

رغم الفوائد العديدة التي تقدمها الكتلة الحيوية كمصدر للطاقة، إلا أنها تحمل بعض السلبيات مثل:

  • استغلال الأراضي والموارد الأخرى لزراعة النباتات المخصصة لإنتاج الوقود الحيوي عوضًا عن زراعة المحاصيل الغذائية، مما قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار المحاصيل الغذائية في الأسواق.
  • تأثير سلبي على الأنظمة البيئية من خلال قطع الغابات واستبدالها بأشجار يمكن استغلالها في إنتاج الطاقة. مثلًا، هناك حالات لقطع الغابات في ماليزيا لزراعة أشجار النخيل التي تُحوَّل زيوتها إلى وقود. كما أن إدخال أصناف جديدة إلى بيئات مختلفة قد يؤدي إلى الإضرار بالأنواع الأصلية.
  • تحتاج المحاصيل المستخدمة في إنتاج الوقود الحيوي إلى كميات كبيرة من الماء والأسمدة.
Scroll to Top