في فجر التاريخ
تشير الأدلة الأثرية والتاريخية إلى أن مدينة قسنطينة الجزائرية قد أُسست في عام 1450 قبل الميلاد، حيث استقر بها العرب الكنعانيون بعد هجرتهم من فلسطين في بداية القرن الرابع عشر قبل الميلاد، وأطلقوا عليها اسم (سيرتا). وفي عام 428 قبل الميلاد، خضعت المدينة لحكم الملوك النوميديين، الذين جعلوها عاصمة لمملكتهم. من بين هؤلاء الملوك، يُعتبر الملك ماسينيسا الأكثر شهرة، حيث تولى الحكم من عام 203 إلى 149 قبل الميلاد. وقد نالت سيرتا (قسنطينة) أهمية كبيرة خلال حكمه، ولكن الرومان استطاعوا لاحقًا استعماره وضم المدينة إلى مملكتهم. في عام 325 ميلادية، تمكن الملك قسطنطين من فتح أجزاء من أفريقيا، وأصبح بذلك يُنسب إليه اسم المدينة (قسنطينة). وفي عام 429 ميلادية، خضعت قسنطينة لحكم الوندال، وبعدها انتقلت السيطرة إلى البيزنطيين.
في العهد الإسلامي
دخلت الجيوش الإسلامية بلاد المغرب العربي في منتصف القرن السابع الميلادي، وتمكنت قسنطينة من تحقيق حالة من الاستقرار والاستقلال حيث أدارت شؤونها دون تدخل خارجي، واستمر ذلك حتى القرن التاسع الميلادي. وفي القرن الثالث عشر الميلادي، استعادت الدولة الحفصية في تونس السيطرة على قسنطينة حتى تمكن العثمانيون من فتحها وضمها إلى الدولة العثمانية، بحيث أصبحت مركزًا للمقاطعة الشرقية للجزائر. يُذكر أن المدينة شهدت خلال العهد العثماني تطورًا عمرانيًا وتجاريًا ملحوظًا، تجلى في بناء القصور، والمساجد، والمدارس، وزيادة النشاط التجاري وممارسة الحرف التقليدية.
تحت الاحتلال الفرنسي
استمر حكم قسنطينة العثماني حتى عام 1937 ميلادية، حين وقعت تحت سيطرة القوات الفرنسية التي شنت حملات عسكرية على الجزائر. ومع ذلك، أظهر الشعب مقاومة شديدة وشجاعة على الرغم من أن الأحداث أدت في النهاية إلى احتلال البلاد، بما فيها قسنطينة، من قبل القوات الفرنسية. من المهم الإشارة إلى أن قسنطينة واصلت كفاحها ضد الاحتلال من خلال الثورات والدعوات للإصلاح الديني ونشر الثقافة العربية الإسلامية، حتى حققت استقلالها في عام 1962 ميلادية.