تعريف الدولة العثمانية وأهميتها التاريخية

تاريخ الدولة العثمانية

امتد تاريخ الخلافة العثمانية لأكثر من خمسة قرون، حيث بدأت نشأتها عام 699 هـ. ورغم أنها لم تكن خلافةً ممتدةً منذ بدايتها، إلا أن الخليفة العباسي في القاهرة سلّمها إلى العثمانيين عام 923 هـ، واستمر الحكم العثماني حتى عام 1342 هـ. تعتبر الدولة العثمانية واحدة من أعظم وأقوى الدول في التاريخ.

بلغت حدودها أراضٍ شاسعة في العالم الإسلامي، وكانت مركز الخلافة الإسلامية، وعاصمتها مدينة القسطنطينية التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: “لتفتحن القسطنطينية، ولنعم الأمير أميرها، ولنعم الجيش ذلك الجيش”.

النهضة الحضارية في الدولة العثمانية

التعليم

حظي التعليم باهتمام كبير من الدولة العثمانية وسلاطينها، خاصة فيما يتعلق بتعليم القرآن الكريم واللغة العربية. وكانت الدروس تُعطى عادةً في المساجد، لكن مع تولي السلطان أورخان بن عثمان الحكم، انتقل التعليم من المساجد إلى المدارس، حيث تم افتتاح أول مدرسة في مدينة “إزميد”، وكان داود القيصري هو أول معلم فيها.

شملت المنهاج الدراسي في هذه المدرسة العديد من المؤلفات، بما في ذلك كتب التفسير مثل “تفسير الكشاف” للزمخشري و”تفسير البيضاوي”. كما تم تدريس الأحاديث النبوية الشريفة، وأهمها كتب الصِّحاح مثل “صحيح البخاري” و”صحيح مسلم”، فضلًا عن كتب السُّنة مثل “سنن الترمذي” و”سنن أبي داود” و”سنن النسائي” و”سنن ابن ماجة”.

كما أُولى الفقه والعقيدة الإسلامية والنحو أهمية خاصة، حيث تم تدريس كتب مثل “المغني” في الفقه و”القاضي الإيجي” في العقيدة و”ألفية ابن مالك” في النحو. وقد برز العديد من العلماء في الدولة العثمانية في تأليف مؤلفات باللغة العربية مثل حاجي خليفة وطاشكوبري زاده والكوراني وغيرهم.

الصحة

كان للصحة دور بارز في الدولة العثمانية، حيث تم إنشاء العديد من المستشفيات والمدارس الخاصة بتعليم الطب، إذ كان يتم تدريس الطب بشكل نظري وعملي، ثم يتم تدريب الطلاب في المستشفيات. من بين الكتب التي تم تدريسها:

  • كتاب “القانون” لابن سينا.
  • كتاب “ابن عباس المقوس”.

درّس في هذه المدارس الطبية عدد من العلماء والأطباء الذين تلقوا تعليمهم من البلاد العربية وإيران وتركستان، ومن أبرز الأطباء في تلك الفترة:

  • قطب الدين العجمي.
  • شكرا الله الشرواني.
  • إلياس القراماني.

نظام القضاء

تولى نظام القضاء في الدولة العثمانية مهام متعددة ومنح مناصب مختلفة. كان رئيس الهيئة القضائية يعرف بـ “القاضي عسكر”، وهو منصب وضعه السلطان مراد الأول. ومع اتساع الدولة العثمانية، عيّن السلطان محمد الفاتح والسلطان سليم الأول قاضٍ لأوروبا وقاضٍ لإفريقيا.

تتعلق مهامهم بالشؤون العسكرية والمدنية، حيث يعينون القضاة وجميع الموظفين القضائيين، ويشكلون محكمة الاستئناف العليا. يأتي بعد القضاة العسكريين العلماء الكبار الذين يعدون قضاة العاصمة والولايات، ثم يأتي العلماء الأصغر الذين يركزون على الشؤون الثانوية وما دون ذلك.

السلاطين والخلفاء البارزين في الدولة العثمانية

على مر العصور، حكمت الدولة العثمانية العديد من السلاطين الذين كان لهم تأثير كبير وإنجازات ملحوظة، ومن أبرز هؤلاء:

  • السلطان عثمان بن أرطغرل

يعتبر مؤسس الدولة العثمانية، وقد حكم خلال فترة تُعرف بـ (عصر السلاطين الأقوياء).

  • السلطان بايزيد الأول بن مراد

هو السلطان الرابع للدولة العثمانية، حيث شهد عهده توسع الجهاد. قاد البابا جيشًا ضخمًا ضده، ألحق بهم هزيمة كبيرة، لكن تيمورلنك أيضًا هزم الجيش العثماني وأسر السلطان بايزيد الذي توفي في الأسر سنة 805 هـ خلال عصر السلاطين الأقوياء.

  • السلطان محمد الثاني (الفاتح)

السلطان السابع للدولة العثمانية، وكان قائد الفتح التاريخي للقسطنطينية، مما أتاح دخولها تحت نظام الحكم الإسلامي. كان حكمه خلال الفترة المعروفة بـ (فترة الصراع بين أبناء بايزيد).

  • السلطان سليم الأول بن بايزيد

السلطان التاسع، الذي نجح في توحيد الأمة الإسلامية تحت الحكم العثماني للحد من تقدم الصليبيين. انتصر على الدولة الصفوية وهزم المماليك في مصر، ليصبح الخليفة بعد تنازل الخليفة العباسي في القاهرة له، مما جعله خليفة المسلمين.

  • السلطان سليمان (القانوني) بن سليم

كانت فترة حكمه فترة لنمو الدولة العثمانية وزيادة نفوذها، حيث وصلت حدودها إلى فيينا وبولندا، وكانت تتمتع بقوة ملحوظة. يُعتبر حكمه كعصر القوة والخلافة.

  • السلطان عبد الحميد الثاني بن عبد المجيد

آخر سلاطين الدولة العثمانية، الذي عُزل فيما بعد نتيجة مواجهة قويًّة مع تكتلات دولية مسيحية في أوروبا، وتمكن حزب الاتحاد والترقي من السيطرة على الحكم سنة 1923 م.

قوانين ودستور الدولة العثمانية

تكون دستور الدولة العثمانية من مائة وتسعة عشر مادة، تناولت عدة أقسام، منها:

  • القسم الأول: يتعلق بممالك الدولة العثمانية

يحتوي على سبعة مواد، أكدت أن السلطنة العثمانية هي دولة الخلافة الإسلامية، وأن السلطان هو حامي دين الإسلام.

  • القسم الثامن: من المادة (81) إلى المادة (91)

يتعلق بالمحاكم وينظم إجراءات المحاكمات ووضع القضاة وأمور التقاضي.

  • القسم العاشر: يتضمن المواد من (96) إلى (107)

يتعلق بالأمور المالية للدولة وتنظيمها، بما في ذلك الميزانية العامة والمحاسبة.

تاريخ سقوط الدولة العثمانية

انهارت الدولة العثمانية عام 1923 م بعد عزل السلطان عبد الحميد الثاني، وسيطرة حزب الاتحاد والترقي على الحكم وإعلان الجمهورية التركية برئاسة مصطفى كمال، منهية بذلك آخر فترة للخلافة الإسلامية حتى اليوم.

تعزى الأسباب وراء ذلك إلى عدة عوامل، بما في ذلك:

  • ضعف نظام الحكم والخلفاء.
  • اتساع مساحات الدولة وعدم القدرة على إدارتها بفعالية.
  • ظهور الحركات القومية.
  • سيطرة العقلية العسكرية المتمثلة في الفساد وترك مصالح الشعب وإحتياجاته جانباً.
  • محاولات الدول الخارجية والتآمر لإسقاط الدولة العثمانية.
Scroll to Top