إن دعاء الاستفتاح يعد من الأمور التي قد لا يعيها الكثيرون، فهو دعاء يتفرد بطُرق متعددة في الصلوات. ويشير أهل الفقه إلى وجود أربع صيغ من الأئمة الأربعة، من أبرزها: “سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك”. ويتحقق ذلك في الصلوات الخمس وركعات النوافل.
حكم دعاء الاستفتاح
- يتفق معظم العلماء على استحباب دعاء الاستفتاح، إذ يُعتبر من السنن القولية التي تُضاف إلى الصلاة، باستثناء الإمام أحمد الذي اعتبره واجبًا. لكن من يعتمد على الآراء الأخرى، يراها مستحبة، حيث يستدل العلماء بممارسات النبي صلى الله عليه وسلم في استخدامه لهذا الدعاء.
- لقد قام النبي صلى الله عليه وسلم بأداء دعاء الاستفتاح في صلاته، ولم يكن يعلم أصحابه عنه إلا حينما سألهم أبو هريرة عن الكلمات التي يقولها في بداية الصلاة، مما يؤكد أن هذا الدعاء ليس فرضًا بل مستحب.
- وبذلك يُعتبر دعاء الاستفتاح سُنة مستحبة، وليست واجبة في صلاة الفريضة أو النوافل، لذا يُفضل أن يختار المسلم في بعض الأوقات من صيغ الدعاء التي علمها له النبي.
- إذا اقتصر المسلم على صيغة واحدة من الأدعية، فلا حرج في ذلك، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم ينوع في دعاء الاستفتاح لتعزيز سلاسة العبادة على المؤمنين، كما فعل في ذكرياته بعد الصلاة.
- لقد كانت تنويعات النبي صلى الله عليه وسلم لإجراء هذه الأذكار تهدف إلى تجنب الروتين والملل، حيث أنه إذا كرس الشخص نفسه لنمط معين من الدعاء، سيشعر بالاعتياد عليه وقد يهمله لاحقًا.
- بسبب ذلك، فإنه من المهم أن يستمر المسلم في تنويع الأدعية حتى يستشعر معانيها ويعزز الطلاقة الروحية في صلاته.
دعاء الاستفتاح
- يُعتبر دعاء الاستفتاح بمثابة المقدمة التي يبدأ بها المسلم صلاته، مما يتيح له أن يطلب من الله الخير والبركة، وهو يمثل أحد أشكال العبادة المفضلة. وقد علمنا النبي صلى الله عليه وسلم العديد من صيغ دعاء الاستفتاح التي يمكن للمسلم اختيار أحدها لبدء صلاته.
- من الصيغ المشهورة: “وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله”.
- وصيغة أخرى: “اللهم باعد بيني وبين خطاياي، كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كالثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد”.
- ومن الصيغ الأخرى: “سبحانكَ اللهمَّ وبحمدِكَ وتباركَ اسمُكَ وتعالى جدُّكَ ولا إلهَ غيرك”.
- وتوجد صيغة رابعة مشهورة هي: “سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك”.
مناسبات ترديد دعاء الاستفتاح
- يُعتبر دعاء الاستفتاح من المسلمات عند بداية كل صلاة فريضة، حيث يُقال في الركعة الأولى بعد تكبيرة الإحرام. فعند أداء المسلم لصلوات أربع ركعات، يُستحب أن يقوله بعد التكبيرة لأول ركعة، بينما إذا صلى بشكل ثنائي، يُبادر بالدعاء في أول ركعة بعد التكبيرة.
- لكن عند أداء صلاة النفل، يُقال الدعاء في الركعة الأولى فقط، وفقاً للسنة المتبعة.
الدعاء بعد تكبيرة الإحرام
- تكبيرة الإحرام تشير إلى قول المصلي “الله أكبر”، أو أي عبارة تعبر عن الدخول في الصلاة. وقد اجمع الفقهاء على أن تكبيرة الإحرام تعتبر ركنًا أساسيًا لا تصح الصلاة بدونه.
- سبب التسمية يعود إلى حظر جميع الأفعال المسموح بها قبل الصلاة، مما يجعل الحديث بعد تكبيرة الإحرام محصورًا في صلب العبادة.
- بعد هذه التكبيرة، تُسمى الأدعية التي تُلقى “دعاء الاستفتاح”، وقد وضح الفقهاء عدة صيغ لهذا الدعاء.
شعائر الإمام والمأموم أثناء قراءة الفاتحة
- قد ينشغل بعض المصلين في دعاء الاستفتاح بسرعة، وخاصة إذا كانوا لم يقرأوا منه شيئًا، في حال عدم تبعهم للإمام، وهذا يتطلب منهم الالتزام بالدعاء قبل الانصياع لقراءة الفاتحة.
- بعض العلماء يرون أن على المأموم أن يُصلي الفاتحة بعد التكبيرة، وخاصة إذا كان لديه الوقت لذلك قبل أن ينحني الإمام للركوع.
- يجب أن تجد التوازن بين الالتزام بدعاء الاستفتاح وقراءة الفاتحة لتحقيق الخشوع في الصلاة.
آداب الدعاء
- من الأهمية بمكان أن يتحلى الداعي بالإيمان بأهمية دعائه وصفات الله، مع الصدق في الدعاء، إذ أن ذلك هو الأصل في قبول العبادة.
- يُفضل طلب العون من الأسماء الجميلة لله ومن ثم حمده قبل الشروع في الدعاء، مع الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم.
- استقبال القبلة ورفع اليدين هو جزء من آداب الدعاء، حيث تُرفع اليد بأن تأمل السماء انتظارًا لرحمة الله.
- من المهم الإصرار على الدعاء وعدم الاستعجال في انتظار الإجابة، مع الالتزام بالعزم وبذل الجهد في الدعاء، دون التفكير في الاستثناءات.
- تجنب الدعاء ضد الآخرين أو لأسباب غير مشروعة يعد من السلوكيات الواجبة.
الفوائد من دعاء الاستفتاح
يوجد العديد من الفوائد المرتبطة بدعاء الاستفتاح، ومنها:
- يعتبر دعاء الاستفتاح بداية الصلاة التي تتضمن مناجاة بين العبد وربه، مما يكرس انتباه المسلم في صلاته.
- تشتمل بعض صيغ الاستفتاح على الاعتراف بالذنوب، مما يُقلل من دوافع الكبر والنفور من الله.
- يُظهر الدعاء استسلام العبد وضعفه أمام الله، ويعزز الإخلاص في الإيمان.
- تأكيد في قول “وجهت وجهي” يبرز توحيد الله وعبادته من خلال كلمات تبرز تمجيده.
- يُعتبر هذا الدعاء وسيلة للطلب من الله الهداية، وهي مطلب لا غنى عنه لجميع البشر.
- يوضح أن هناك اختلافات وسُنَن بين العباد، ويُستفاد من قول “اهدني لما اختلف فيه” حِكمة الله في شؤون الخلق.
- يعبر الدعاء عن إيمان الفرد بالله وبمقاصده، ويُشكل دليلاً على وجود إيمان قوي بالغيب.
- تساعد الأدعية في معالجة الهموم والشعور باليقين في قلب المؤمن، وهو ما يُظهره ختم الدعاء كـ “حق”.
- يشير دعاء الاستفتاح إلى أن الصلاة نور يُضيء الطريق للمؤمن في حياته الروحية.
- تعليم المؤمن أهمية تمجيد الله من خلال الكلمة والسلوك، ويُعد تمجيدًا مستمرًا يُعزز علاقة العبد بجالبه.