حكم الإجهاض في الدين الإسلامي

فيما يتعلق بحكم الإجهاض في الإسلام، بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، تختلف آراء العلماء في هذا الموضوع، حيث يرى البعض أن الإجهاض محرم بشكل مطلق، واعتبره قتلًا عمدًا يستحق العقوبة كجرم قتل النفس تماماً، في حين أن آخرين أشاروا إلى جواز الإجهاض تحت ظروف معينة. سنقوم في السطور التالية بعرض تفاصيل حكم الإجهاض وأبعاده في الإسلام.

تعريف الإجهاض

  • مصطلح الإجهاض في اللغة مشتق من المصدر “أجهض”، حيث يُقال أن المرأة أجهضت حملها.
  • الإجهاض يعني إنهاء حمل الجنين في رحم المرأة بطرق غير مشروعة قبل موعد الولادة، مما يؤدي إلى وفاة الجنين.
  • أما في الاصطلاح، فهو عملية إنهاء الحمل عمدًا قبل وقت الولادة الطبيعية، مما يلحق الضرر بحياة الجنين.
  • يمكن أن يتم الإنهاء إما بقتل الجنين داخل الرحم أو إخراجه قبل موعد الولادة المحدد.

حكم الإجهاض في الإسلام

تباينت آراء العلماء حول موضوع الإجهاض، وهو ينقسم إلى ثلاث مراحل:

  • المرحلة الأولى: بعد مرور مائة وعشرين يومًا، يعد الإسقاط محرمًا، ومن يقوم به يُعتبر قاتلاً نفسًا، إلا في حالتين: إذا كانت حياة الأم في خطر، أو إذا كان الجنين ميتًا بالفعل داخل بطن أمه.
  • المرحلة الثانية: قبل مضي مائة وعشرين يومًا وبعد انتهاء الأربعين، ويُعتبر أيضًا محرمًا لكن دون أن يصل إلى درجة قتل النفس.
  • المرحلة الثالثة: تكون محظورة أيضًا، إلا إذا كان في إسقاطه فائدة أو لدفع ضرر، وفقاً لفتاوى الأزهر الشريف.

حكم الإجهاض غير العمد

  • بالنسبة للإجهاض غير العمد، يقول الله تعالى في كتابه الكريم: “لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت”. وفقًا لهذه الآية، فلا خطأ على من أجهضت دون علمها ورغبتها، وهذا يعكس رحمة الله الواسعة.
  • وروى رسول الله صلى الله عليه وسلم: “والذي نفسي بيده إن السقط ليجر أمه بسرره”، مما يدل على أن من تسقط وتُخلّف لها شفاعة يوم القيامة وهذا من رحمة الله.

حكم الإجهاض العمد

  • إن إسقاط الجنين بعد نفخ الروح يعتبر جريمة قتل عمد، حيث يقول الله تعالى: “وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد”.
  • يجب ألا يتم الإجهاض إلا بناءً على تقرير طبي موثوق يُثبت أن حياة الأم في خطر أو أن الجنين قد توفي بالفعل في رحمها.

حكم الإجهاض عند خطر على صحة الأم

  • تباينت الآراء حول هذا الموضوع؛ فيحال كان الجنين قبل الأربعين، يمكن جواز الإجهاض، لكن بعد تعدي الأربعين، يكون ذلك محرمًا.
  • إذا كان هناك تأكيد لموت الأم، وجب الإجهاض حتى وإن كان الجنين قد تجاوز الأربعين، وفقًا لقوله صلى الله عليه وسلم “لا ضرر ولا ضرار”.

الإجهاض لأسباب تجميلية

  • تنظيم النسل يعتبر جائزًا شرعًا، ولكن الإجهاض بدعوى الحفاظ على مظهر المرأة أو الخوف من مشقة الولادة لا يُقبل شرعًا.
  • من يقوم بإجراء الإجهاض لأسباب كهذه يُعامل كمن ارتكب جريمة قتل نفس، وفقًا لرأي الشيخ شوقي علام مفتي الأزهر سابقًا.

آيات قرآن عن الإجهاض

  • قال تعالى: “قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئًا وبالوالدين إحسانًا ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم، ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون” (سورة الأنعام).
  • فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية للناس ووجههم بالابتعاد عن قتل الأولاد خوفًا من الفقر، ودعاهم لحسن المعاملة مع الوالدين.
  • قال تعالى: “وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد”.

حكم الإجهاض نتيجة الزنا

  • إن الزنا هو جبن عظيم، ويستوجب الغضب الإلهي، وعلى الزاني والزانية العودة إلى الله وتصحيح أخطائهم بالتوبة.
  • أما ما قامت به الأم من قتل طفلها فهو جرم كبير، إذ أنها أضافت إلى جرم الزنا جريمة أخرى وهي القتل.

حكم إجهاض الجنين المشوه

أجمع العلماء على تحريم الإجهاض بعد نفخ الروح، إلا إذا كانت حياة الأم مهددة أو كان موت الجنين محققًا. ويجوز الإجهاض إذا كان الجنين يعاني من تشوهات خلقية كبيرة تؤثر على حياته.

رأي الشيخ الشعراوي بشأن إجهاض الجنين

  • رأى الشيخ الشعراوي أن الإباحة تكون إذا كان الأمر يتعلق بصحة الأم، وإذا كان هناك عدم توافق بين الزوجين ورغبتهم في الانفصال، فيجب أن يكون قبل مرور 120 يومًا وبموافقة الطرفين.
  • وأشار إلى أن الإجهاض يمكن أن يحدث قبل إكمال 120 يومًا.
  • استشهد أيضًا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: “إن أحدكم ليجمع خلقه من بطن أمه، نطفة أربعين يومًا، ثم علقة، ثم مضغة، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح” (رواه بن مسعود).

متى يجوز إجهاض الجنين شرعًا؟

  • من المعروف أن الشريعة الإسلامية تؤكد أهمية احترام الحمل وحمايته من الاعتداءات، حيث يقول تعالى: “ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين” (سورة المؤمنون).

حالات إجهاض الجنين شرعًا

  • عند تعرض حياة الأم للخطر.
  • موت الجنين في بطن الأم.
  • إذا كان عمر الجنين بين الأربعين ولم يتجاوز المائة وعشرين، وكان هناك تأكيد بأنه سيولد مشوهًا أو لن يستمر في الحياة.
  • يمكن الإجهاض إذا كان الجنين نطفة، سواء بعذر أو بدون عذر.

الضرورات المباحة للإجهاض

  • تشمل الضرورات التي تبيح الإجهاض تعرض المرأة الحامل لمشاكل صحية تؤثر على حالتها البدنية، مما يجعل الفقهاء يجيزون الإسقاط في هذه الحالات.
  • أيضًا، إذا كانت الأم تعاني من ضغوط تربية الأطفال مع عدم قدرة الأب على تلبية الاحتياجات الأساسية.
  • حتى الإجهاض في مرحلة المضغة لا يجوز إلا بقرار طبي موثوق يثبت أن الاستمرار يهدد حياة الأم.
  • فالفقهاء يحرمون الإجهاض بعد مرور أربعة أشهر إلا إذا ثبت طبيًا أن الجنين سيولد بحالة غير قابلة للعلاج.
  • بعض الفقهاء يرون جواز إسقاط الجنين في مرحلة النطفة، سواء كان ذلك بعذر أو بدون.

ما هي كفارة الإجهاض؟

  • فارقت آراء الفقهاء في أنه لا يجوز الإجهاض إلا عند وجود خطر يهدد صحة الأم.
  • في حال قامت الأم بالإجهاض بدون عذر، فإنها تقع في إثم عظيم ويجب عليها التوبة والاستغفار، والتصدق على المحتاجين.
  • بعض العلماء يقولون إنه إذا تم الإجهاض قبل نفخ الروح فلا كفارة، ولكن بعد مرور 120 يومًا، يجب دفع الكفارة والدية.
  • وقد اتفق العلماء على أن دية الجنين تعادل حوالي 213 جرام من الذهب، وأن الكفارة تشمل عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين.
Scroll to Top