نبذة عن كليوباترا
تعتبر كليوباترا (بالإنجليزية: Cleopatra) ملكة مصرية شهيرة، تولت الحكم بعد وفاة والدها، بطليموس الثاني عشر، في سنة 51 قبل الميلاد. تُعد كليوباترا واحدة من الشخصيات الأكثر تأثيراً في التاريخ، ويعزى ذلك إلى علاقتها الشهيرة مع يوليوس قيصر وزواجها لاحقًا من مارك أنطوني. لقد كانت تجسد رمز الجاذبية والرومانسية في عصرها. من الناحية التاريخية، كان لها تأثير ملحوظ في السياسة الرومانية خلال فترات حرجة. تولت حكم مصر جنبًا إلى جنب مع شقيقها بطليموس الثالث عشر من عام 51 إلى 47 قبل الميلاد، ثم مع شقيقها بطليموس الرابع عشر حتى عام 44 قبل الميلاد، وأخيرًا مع ابنها بطليموس قيصر حتى عام 30 قبل الميلاد، حينما خسرت مصر سيادتها لصالح رومانيين بعد الهزيمة الموجعة لقوات كليوباترا وأنطوني ضد أوكتافيان.
حياة كليوباترا
وُلِدت كليوباترا، الابنة الثالثة لحاكم مصر، بطليموس الثاني عشر والمعروف بأوليتيس (بالإنجليزية: Auletes)، في شتاء عام 69 قبل الميلاد. اسمها يعني باللغة اليونانية “مجد والدها”، وقد انتمت إلى السلالة البطلمية التي حكمت مصر لأكثر من 250 عامًا. ابتُدأت هذه السلالة بتولي بطليموس الأول العرش في القرن الرابع قبل الميلاد كجنرال لعهد الإسكندر الأكبر، وانتهت بحكم كليوباترا.
حملت كليوباترا العديد من الصفات الموروثة من سلالتها البطلمية؛ إذ كانت تُظهر نفسها كمواطنة مصرية، رغم أصولها اليونانية. عاشت كليوباترا، المعروفة أيضًا باسم كليوباترا السابعة، في قصر بالإسكندرية، الذي كان يضم خمسة إخوة وأخوات. لم تكن هوية والدتها موثوقة بشكل كامل، ولكن يُعتقد أنها كانت كليوباترا الخامسة، أخت بطليموس الثاني عشر. كانت تلك الممارسة شائعة بين الفراعنة، الذين كانوا يتزوجون من الأقارب تأثراً بعقائدهم الدينية.
نشأت كليوباترا وإخوتها بشكل يؤهلهم لتولي المسؤوليات الملكية، حيث قدّم لهم التعليم الذي كان مسموحًا به للنساء في تلك الدولة، بما في ذلك إدارة علمهم للشؤون الحكومية على قدم المساواة مع الرجال، وذلك استنادًا إلى القوانين المصرية التراثية. عُرفت كليوباترا أيضًا بجمالها الذي أدهش العديد من الشخصيات البارزة في عصرها، فضلاً عن صوتها العذب وذكائها الحاد، بما في ذلك معرفتها بتسع لغات، لتكون أول من يتحدث اللغة المصرية بين البطالمة.
حكم كليوباترا في مصر
بدأت كليوباترا حكمها، وهي في الثامنة عشر من عمرها، بالتعاون مع شقيقها بطليموس الثالث عشر بعد وفاة والدها في عام 51 قبل الميلاد. وبينما كان من الممكن أن يتوج زواجهما كزواج ملكي كما جرت العادة بين البطالمة، قامت الأحداث بإقصائها عن الإسكندرية في عام 49 قبل الميلاد بتحريض من مستشاري شقيقها، مما أجبرها على الهروب إلى سوريا حيث أنشأت جيشًا لاستعادة العرش.
كليوباترا ويوليوس قيصر
عادت كليوباترا إلى مصر في 48 قبل الميلاد لمواجهة شقيقها على الحدود الشرقية، وكانت الأحداث متزامنة مع هروب القائد بومبي إلى مصر بعد نشوب حرب أهلية في روما. تم اغتيال بومبي على يد بطليموس الثالث عشر عند وصوله. كانت كليوباترا، التي أعدت نفسها لمقابلة قيصر البالغ من العمر 52 عامًا، قد دخلت القصر متخفية داخل سجادة وتوجهت إلى غرفة نومه، وفقًا لرواية كاسيوس ديو، ليكتشف بطليموس الثالث عشر وجودهم معًا في الصباح التالي.
شعر بطليموس الثالث عشر بالخطر بعد رؤية قيصر مع كليوباترا، مما دفعه إلى التحالف مع أخت كليوباترا، أرسينوي، التي تم نفيها إلى روما. في الفترة التي تلت النصر الكبير لقيصر ضد بطليموس الثالث عشر في معركة النيل، تم استعادة الحكم لكليوباترا وشقيقها الأصغر، بطليموس الرابع عشر. في عام 46 قبل الميلاد، وضعت كليوباترا ابنًا أطلقت عليه اسم قيصريون، مما أدى إلى اعتقاد المصريين بأنه طفل قيصر. بعد عام من عودة قيصر إلى روما، دعت كليوباترا للزيارة، حيث سافرت إليه في خريف عام 46 قبل الميلاد بصحبة شقيقها وزوجها بطليموس الرابع عشر وابنها قيصريون.
احتفل قيصر بانتصاراته في روما عام 46 قبل الميلاد، وقام بعرض أسرى من ضمنهم أرسينوي، التي أطلق سراحها لاحقًا لتلقى حتفها على يد مارك أنطوني بناءً على طلب كليوباترا. عاشت كليوباترا قريبًا من قيصر لمدة عامين في الفيلا الخاصة به، حيث حصلت على ألقاب وهدايا عدة؛ مما أثار سخط حلفاء قيصر كونه كان متزوجاً من كالبورنيا. انتشرت الشائعات حول خطط قيصر للزواج بكليوباترا، مما جعله يفكر في جعل ابنيهما وريثًا لحكمه، ولكن تم اغتياله في عام 44 قبل الميلاد في مجلس الشيوخ. أخفقت كليوباترا في العودة إلى روما بعد ذلك، وتوفي شقيقها بطليموس الرابع عشر، مما سمح لابنها قيصريون بأن يصبح شريكًا لها في الحكم.
كليوباترا ومارك أنطونيو
كانت مصر تحت حكم كليوباترا أقل قلقًا مما كانت عليه في السابق، ولكن بسبب الفيضانات التي أدت إلى انتشار الجوع، وأثناء انتصارات حلفاء قيصر -أوكتافيان ومارك أنطونيو وليبيدوس- لجأ كلا الجانبين لطلب دعم كليوباترا، مما جعلها ترسل أحد الجحافل الرومانية لدعم مواقفهم في عام 42 قبل الميلاد. هذه الخطوة أسهمت في هزيمة كاسيوس وبروتس في معارك فيليبي. عقب هذا النصر، استدعى مارك أنطوني كليوباترا إلى طرسوس، حيث كانت تتطلب منه تفسير دورها في اغتيال قيصر.
سافرت كليوباترا إلى طرسوس مبتكرة ومتحلية بملابس إيزيس الجذابة. على الرغم من ارتباط أنطوني بالإله اليوناني ديونيسوس، فقد وقع في حب سحر كليوباترا. اتفق على مساعدتها في حماية مصر من تهديدات شقيقتها. لم يكتفِ أنطوني بذلك بل تبعها بعد عودتها إلى مصر، مُخلفًا عائلته في روما. أمضى أنطوني فترته في الإسكندرية منذ شتاء 41 قبل الميلاد وحتى عام 40 قبل الميلاد مع كليوباترا، حيث أسسوا مجتمعًا للشراب والأدب. بعد أن عاد أنطوني إلى روما، أنجبت كليوباترا توأماً.
بسبب بوفاة زوجته السابقة، عقد أنطوني زواجًا دبلوماسيًا مع أوكتافيا، قبل أن يعود مجددًا لكليوباترا طلبًا للمال لمساندة حملته العسكرية ضد مملكة بارثيا. شهدت علاقتهم تجددًا ووضعت كليوباترا طفلاً آخر من أنطوني، ولكن الأمور تدهورت بعد هزيمته.
وفاة كليوباترا
تُظهر الروايات موت كليوباترا بعد هزيمة أنطوني في معركة أكتيوم، حيث تموت بسمة سمّ الثعبان. تتباين الآراء حول كيفية وفاتها، إذ تُشير بعض الدراسات إلى أن قبر كليوباترا قريب من القصر في الإسكندرية وقد أرسلت مذكرة لأوكتافيان قبل وفاتها مباشرة. وهذا الحدث يتعارض مع بعض الأفكار العلمية حول مدة وفاتها.
تأثير كليوباترا
حظيت حياة كليوباترا بتأثير كبير على الأدباء والمؤرخين، إذ تداول الكثيرون قصتها نظرًا لما شهدته مصر في عهدها من ازدهار وصراعات داخلية وخارجية. استطاعت كليوباترا فرض نفسها كقائدة، مما جعل اسمها يدوم حتى يومنا هذا.
أسرت كليوباترا خيال عشرات الفنانين .. وقد كانت محور العديد من الأعمال الأدبية مثل:
- كليوباترا تأليف إميل فريدريك ماسينيت.
- أنطونيو وكليوباترا تأليف ويليام شكسبير.
- كل شيء من أجل الحب تأليف جون درايدن.
- مذكرات كليوباترا بقلم مارغريت جورج.
- قيصر وكليوباترا تأليف جورج برنارد شو.
- كليوباترا تأليف فيكتورين ساردو.
- كليوباترا تأليف رايدر هجارد.
اللوحات الفنية لكليوباترا
استحوذ الفنانون الأوروبيون على تصوير كليوباترا من خلال لوحاتهم، خاصة في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. ومع ذلك، كانت هذه الأعمال الفنية تركز أكثر على الجوانب الدرامية من حياتها بدلاً من إبراز إنجازاتها. ومن الممكن أن تكون هذه اللوحات قد صورتها بشكل غير دقيق، حيث يظهر معظمها كأمرأة بيضاء ترتدي ملابس عصرية. ومن بين تلك الأعمال:
- لوحة جان أندريه ريكسينز التي تُصوّر كليوباترا خلال لحظات وفاتها.
- لوحتا جيامباتيستا تيبولو اللتان تُظهران كليوباترا و أنطوني.
- لوحة لويس غافيير التي تظهر جلوس كليوباترا مع أوكتافيان.
الأفلام عن كليوباترا
تم إنتاج العديد من الأعمال السينمائية عن كليوباترا، وأبرزها فيلم “كليوباترا” الذي عُرض في عام 1963. ركز الفيلم على جمال كليوباترا وأحداث حياتها، كما غفلت بعض الأعمال السابقة عن الوثيقة التاريخية. كما تنتشر الأسماء الأخرى المرتبطة بمسيرة كليوباترا في عالم السينما:
- فيلم أنطوني وكليوباترا الذي عُرض عام 1908.
- فيلم كليوباترا ملكة مصر عام 1912.
- فيلم كليوباترا (1917).
- فيلم كليوباترا الذي عُرض عام 1934 ونال جائزة أوسكار.
- فيلم قيصر وكليوباترا عام 1946.
- فيلم ثعبان النيل (1953).
- فيلم كليوباترا (1963) الحائز على أوسكار.
- فيلم كاري أون كليو (1964).
- فيلم أنطوني وكليوباترا (1974).
- فيلم كليوباترا (1999) المستند على كتاب مذكرات كليوباترا.