الحج
يعتبر الحج فريضة وعبادة يسعى من خلالها المسلمون للتقرب إلى الله -عز وجل- من خلال التوجه إلى بيت الله الحرام في مكة المكرمة. يتضمن الحج مجموعة من المناسك والأعمال المحددة التي فرضها الله -تعالى- على الحجاج، حيث يطلب المؤمنون المغفرة ويأملون في دخول الجنة. يُعتبر الحج أحد أركان الإسلام الخمسة الأساسية، ولا يكتمل إسلام الشخص إلا إذا استطاع أداء هذه الفريضة.
الجذور التاريخية لفريضة الحج
تتعدى جذور الحج ارتباطها بالنبي محمد -صلى الله عليه وسلم- والمؤمنين، بل يعود تاريخها إلى ما قبل ذلك عند أنبياء الله إبراهيم وإسماعيل -عليهما السلام-. لذلك، فإن للحج أهمية تاريخية تعزز مكانته في قلوب المؤمنين.
إذ قام إبراهيم وابنه إسماعيل -عليهما السلام- ببناء بيت الله في منطقة صحراوية قاحلة، هاربين من الشرك في العراق، واستقروا في المكان الذي أُمِروا فيه بعبادة الله -تعالى- وحده. وقد أُمروا ببناء الكعبة كمكان لعبادة الله بلا شريك، حيث أصبح للحجاج اليوم قدرة على زيارة هذا المكان المقدس كما قام به إبراهيم وإسماعيل سابقاً.
استمرت العبادة في هذا المكان حتى أدخل العرب عبادة الأصنام إلى مكة، فابتُدِلت شعائر الحج وأصبحوا يعبدون الأصنام. وعندما بعث الله نبيه محمد -عليه الصلاة والسلام- وفتح مكة، قامت أول حجة إسلامية في بيت الله الحرام بعد أن أقر الله -تعالى- فرض الحج على المسلمين.
قام الرسول -عليه الصلاة والسلام- بتعليم المسلمين مناسك الحج التي لا تزال تُمارس حتى اليوم وفقاً لنفس التقاليد.
مناسك الحج
تتضمن مناسك الحج العديد من الطقوس التي تعتبر ضرورية، كل واحدة منها تشير إلى جانب خاص من العبادة، وهي كالتالي:
- الإحرام
وفي هذه المرحلة، يقوم المسلمون بقص أظافرهم، والاغتسال، وأداء الوضوء، ثم يرتدون ملابس الإحرام ويصلون ركعتين مع نية الحج، ومن ثم يبدأون بالطواف.
- يوم التروية
في اليوم الثامن من ذي الحجة، يشرب الحجاج الماء من مكة ثم يتوجهون إلى منى، ويمكنهم قضاء الليل هناك، موجهين الدعاء إلى الله عز وجل. بعد أداء الصلوات الخمس، ينتقلون بعد الفجر إلى عرفة.
- يوم عرفة
في اليوم التاسع من ذي الحجة، يتوجه الحجاج إلى جبل عرفة، حيث يجب على كل حاج أن يقف داخل حدود الجبل لضمان صحة حجه. يتوجهون إلى الله بالدعاء والذكر، ثم يواصلون طريقهم إلى منى لرمي الجمرات.
- يوم عيد الأضحى
في اليوم العاشر من ذي الحجة، يغادر الحجاج من مزدلفة إلى منى لرمي جمرة العقبة، ثم يذبحون الهدي، يحلقون أو يقصرون شعرهم، مما يتيح لهم التحلل الأول من إحرامهم. يتوجهون بعد ذلك إلى مكة لأداء طواف الإفاضة، ويصلون ركعتين، ويشربون من ماء زمزم، ويسعون بين الصفا والمروة، مما يحقق لهم التحلل الثاني.
- أيام التشريق
في الأيام الحادية عشر والثانية عشر والثالثة عشر من ذي الحجة، يرمون الجمرات الثلاث مع التكبير والدعاء، ثم يعودون إلى منى ليقضوا ليلتهم هناك، ويقومون في النهاية بأداء طواف الوداع حول الكعبة سبع مرات.
أهمية الحج
للحج مكانة عظيمة، ومن بين أهم فوائده:
- تعزيز الإحساس بعظمة الله تعالى وقربه.
- خلق أجواء من الوحدة بين جميع الحجاج بغض النظر عن الفروق الاجتماعية.
فجميع الحجاج يرتدون نفس الملابس ويؤدون ذات المناسك، مهما كانت مكانتهم في المجتمع، فهم في أعين الله سواسية كأسنان المشط.
- التخلص من الذنوب والمعاصي.
فالحاج يعود كيوم ولدته أمه، خالياً من الذنوب، وذلك لمن صحت حجه.