حكم ممارسة العادة السرية خلال نهار شهر رمضان

تعتبر مسألة الاستمناء في نهار رمضان موضوعاً يستدعي الكثير من النقاش، حيث يقوم الفرد بتحفيز نفسه عند لمس أعضائه التناسلية بشهوة حتى يحدث الإنزال. وقد اتفقت بعض آراء الفقهاء واختلفت آراء أخرى حول تحريمه.

في هذا المقال، سنستعرض حكم الاستمناء بصفة عامة، وحكمه الخاص في نهار رمضان.

احترام الشرع للجسم البشري

  • إن من أعظم ما حرص عليه الشرع هو الحفاظ على الجسم البشري الذي هو من خلق الله، وحمايته من كل ما يضر به.
  • على الرغم من أن الله خلق الإنسان بطبيعته محبًا للشهوات، إلا أنه شرع له قوانين تحكم هذه الشهوات.
  • قال الله تعالى في سورة النساء:
    • (زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة).
  • ورغم كون هذه الشهوات سببًا لاستمرار الجنس البشري، فقد وضع الله ضوابط لها تمنع انفلاتها.
  • من بين هذه الضوابط هو تحريم الاستمناء، ودعوة الإنسان لمقاومة ما فطر عليه من شهوات.
  • قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
    • (يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصيام، فإنه له وجاء).
  • وأكد الله تعالى في آياته المحكمات في سورة المؤمنون:
    • (والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين، فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون).
  • وقد وردت آيات تحظر الاعتداء على الفرج في سورة المعارج، وهذا التحريم ينطبق على جميع الأفراد سواء أكانوا رجالاً أم نساءً.

أسباب تحريم الاستمناء من قبل العلماء

  • تحرم العلماء الاستمناء لأنه يعتبر اعتداءً على الفرج، وتفريغ الشهوة في غير ما أحل الله، وسنستعرض ذلك بمزيد من التفصيل.
  • إضافةً إلى ذلك، يُعتبر الاستمناء من الذنوب التي يجب تجنبها، والتي حذر منها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وغلظ عقابها.
  • قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث صحيح:
    • (يؤتى بالرجل يوم القيامة بجبال من الصالحات، كجبال تهامة، ثم ينسفها ربي نسفًا، قالوا: ولم، يا رسول الله؟ قال: إنهم رجال مثلكم يصلون كما تصلون، ويقومون كما تقومون، ويحجون كما تحجون، ولكن إذا خلوا بأنفسهم انتهكوا حرمات الله).
  • كما أشرنا سابقًا، فإن الاستمناء يُعد اعتداءً على الفرج، وقد نهى الله عن ذلك بشكل صريح في سورتي المؤمنون والمعارج.
  • لم يشرع الله للإنسان منفذًا لتفريغ شهواته إلا من خلال العلاقة الزوجية.

حكم الاستمناء في نهار رمضان

  • أجمع معظم العلماء على حرمة الاستمناء في نهار رمضان، ورأوا أنه يعد من المفطرات دون عذر، ويتوجب على الفاعل القضاء.
  • لم يرد في القرآن أو السنة نص صريح بتحريمه أو العقوبة التي تترتب على هذا الفعل.
  • مصادر التشريع في الإسلام تبدأ بالقرآن والسنة ثم أقوال الصحابة واجتهاد العلماء، لذا نستند في أحكام الاستمناء إلى ما ورد في أقوال الصحابة واجتهادات العلماء.

وفيما يلي، نستعرض الآراء المتعلقة بهذا الشأن:

  • رأى الحنفية والحنابلة أن الاستمناء مكروه وقد يصل إلى حد التحريم، لكنهم أقروا بوجود استثناء واحد؛ حين يكون الاستمناء الوسيلة الوحيدة لتجنب الزنا أو الإصابة بمرض خطير.
  • تبنى الإمام ابن القيم رحمه الله هذا الرأي، حيث أجاز الاستمناء عند الضرورة القصوى مع الكراهة، لكن جميع هؤلاء العلماء يعتبرون الاستمناء في نهار رمضان معصية كبيرة. ويؤدي لفساد الصيام.
  • أما الإمام أحمد، فقد اعتبر الاستمناء مشابهًا للحجامة التي قد تقي من الزنا عند الضرورة الشديدة، لكنه على العموم اعتبر الاستمناء في نهار رمضان بلا عذر من المفطرات.
  • بالتالي، اعتبر جميع العلماء سالفي الذكر أن الاستمناء في نهار رمضان يُفطر الشخص ويلزمه القضاء.

متابعة لحكم الاستمناء في نهار رمضان

  • إلا أنهم اختلفوا في مدى حرمة فعله، فمنهم من جعله مكروهًا شديد الكراهة وجاز فعله عند الظروف الاستثنائية، وآخرون حرموه تحريمًا مطلقًا.
  • من العلماء الذين حرموا الاستمناء اعتبروا صيام رمضان أشد حرمة، مثل الإمام الألباني والإمام مهدي الغريفي والشيخ محمد المنجد، حيث حرموا الاستمناء بالكامل دون استثناء.
  • استند هؤلاء العلماء إلى ما جاء في سورة المؤمنون وسورة المعارج، حيث حذرت الآيات من انتهاك حرمة الفرج إلا في إطار الزواج.
  • استنتج الحنفية والشافعية تحريم الاستمناء بصورة عامة، وبالأخص في رمضان، معتبرين إياه من المفطرات.
  • الإمام ابن باز وعلي السيتاني اتفقوا أيضًا على التحريم المطلق دون استثناء، ويتوجب على من قام به التوبة والاستغفار.

رأي دار الإفتاء المصرية حول الاستمناء

  • أفادت دار الإفتاء المصرية بأن الاستمناء يعد حرامًا ويحتاج الفاعل إلى التوبة والاستغفار. وأكدوا أن السبيل الشرعي الوحيد لتفريغ الشهوة هو عبر العلاقة الزوجية.
  • أي وسيلة أخرى تُعتبر حرامًا، بما في ذلك إدخال الأعضاء التناسلية في حائط أو غيره، حيث يُعتبر الشخص آثمًا.
  • كذلك، فإن الاستمناء سواء في رمضان أو غيره يمنع الشخص من الصلاة أو مس المصحف إلا بعد الاغتسال.
  • الخلاصة، يدعو جمهور العلماء إلى تحريم الاستمناء بصورة مطلقة، مع تأكيد إباحته تحت ظروف قصوى، ويعد ذلك في نهار رمضان أمرًا محرمًا يؤدي إلى الفطر، ويتوجب التوبة والاستغفار.
  • بناءً على ما ذكر، فإن الاستمناء في نهار رمضان يعد تجاوزًا وخروجًا عن الفطرة السليمة التي خلق الله الإنسان عليها. يجب على العبد أن يستغل روحانية هذا الشهر ودرجة الخشوع التي قد لا تتكرر طوال العام.
  • النفس التي تجرأت على هذا الفعل تحتاج إلى مراقبة الله وتهذيب، وخسارة يوم من رمضان بفعل غير مشروع تُعتبر خسارة كبيرة.

لا تفوت قراءة:

Scroll to Top