ما هو يوم القيامة؟
يوم القيامة هو اليوم الذي يلي انتهاء الحياة الدنيا وزوال جميع الكائنات الحيّة؛ فلا يتبقى أحد سواه، فهو الحي الذي لا يموت، كما قال الله تعالى: كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ. في ذلك اليوم، يبعث الله جميع المخلوقات لتقف أمامه وتُحاسب على أعمالها التي قامت بها خلال حياتها على الأرض، ومن ثم يُفصل بين العباد، حيث يُسوق كلٌ إلى مصيره الخالد؛ إما إلى الجنة أو إلى النار. يُعتبر يوم القيامة يوم عظيمة تُكثر فيه الأحداث الصعبة، ولا ينجو من مخاطر ذلك اليوم إلا من قام بأعمال صالحة وآمن بالله تعالى.
أسماء يوم القيامة
هناك عدة أسماء ليوم القيامة وردت في القرآن الكريم، وفيما يلي بعض هذه الأسماء:
- يوم التغابن: كما ورد في قوله تعالى: يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ…
- يوم التلاق: جاء في قوله تعالى: رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ.
- يوم التناد: كما جاء في قوله تعالى: وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ.
- الحاقّة: في قوله تعالى: الْحَاقَّةُ * مَا الْحَاقَّةُ…
- يوم الحسرة: كما قال تعالى: وَأَنذِرهُم يَوْمَ الحَسرَةِ…
- يوم الخلود: ورد في قوله تعالى: ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ.
- الصاخّة: كما ورد: فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ.
- الطامة: في قوله تعالى: فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى.
- الغاشية: كما قال تعالى: هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ.
- اليوم الموعود: ورد في قوله: وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ.
- يوم الوعيد: كما جاء في قوله تعالى: وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ.
أحداث يوم القيامة بالتسلسل
يوم القيامة هو يوم عظيم يحدث فيه العديد من المواقف الرهيبة؛ تبدأ الأحداث ببعث الناس من قبورهم، يلي ذلك الحشر، ثم يأتي الحساب. وخلال فترة الحساب، تحدث أمور متعددة مثل تطاير الصحف وقراءة كتب الأعمال، ووزن الأعمال بميزان الله تعالى، يلي ذلك المرور على الصراط، وقد تحدث أيضاً واقعة الورود إلى الحوض، التي اختلفت الآراء حول وقوعها قبل أو بعد الصراط.
النفخ في الصور
تبدأ أحداث يوم القيامة بالنفخ في الصور، وهو بوق كبير يُنفخ فيه، حيث تؤول بذلك نهاية الحياة الدنيا وتموت جميع الكائنات باستثناء من شاء الله تعالى. هذه هي النفخة الأولى، التي يُنفخ فيها إسرافيل عليه السلام، ولا تحدث إلا بأمر الله تعالى. ثم يأتي النفخة الثانية التي تكون لنفخ البعث. ذكر اسم إسرافيل في النصوص الشرعية، وهو اسم متفق عليه. كما ورد في العديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تناولت حال الناس عند النفخ في الصور. من بينها قوله تعالى: وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاءَ اللَّـهُ…
البعث وأهوال يوم القيامة
يوم القيامة هو اليوم الذي يتصرف فيه الله تعالى وحده، باعتباره مالك يوم الدين، وأوقاته من الغيب الذي لا يعلمه إلا الله. كما قال الله تعالى: إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا. وتتعدد الأهوال التي تحدث في هذا اليوم، ومن تلك الأهوال:
- تبديل الأرض والسماء، قال تعالى: يَومَ تُبَدَّلُ الأَرضُ غَيرَ الأَرضِ وَالسَّماواتُ وَبَرَزوا لِلَّـهِ الواحِدِ القَهّارِ.
- انبساط الأرض بحيث تصبح مستوية، قال تعالى: وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ.
- إلقاء الموتى وكل ما في باطن الأرض، قال تعالى: وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ.
- نسف الجبال كي تفقد شكلها، كما قال تعالى: يَنسِفُها رَبّي نَسفًا.
الحشر
يبدأ يوم الحشر بقيام الجميع من قبورهم إلى أرض المحشر، التي تقع في الأرض المقدسة، ويتميز هذا المكان بكونه مستوياً وذا لون أبيض، دون أي متعرجات. وقد وصف النبي هذا المكان في حديثه بقوله: يُحْشَرُ النَّاسُ يَومَ القِيامَةِ عَلَى أرْضٍ بَيْضاءَ عَفْراءَ…
الشفاعة
شفعاء يوم القيامة
خص الله النبي محمداً -عليه السلام- بشفاعة فارقة، حيث يقول: شَفَعَتِ المَلائِكَةُ، وشَفَعَ النَّبِيُّونَ، وشَفَعَ المُؤْمِنُونَ، ولَمْ يَبْقَ إلَّا أرْحَمُ الرَّاحِمِينَ. ويقوم النبي بشفاعة من كان سيدخل النار، فيجعل الله -تعالى- شفاعته مقبولة. كما يُشفع الملائكة وصغار المؤمنين بآبائهم، حيث تتطلب الأبعاد الروحية تقبل الشفاعة. ويؤكد القرآن الكريم أن الشهداء يمتلكون شفاعة خاصة، فقال النبي: يُقالُ: ادعُوا الشُّهداءَ، فيَشفَعون لمَن أَرادوا…
شفاعة الرسول يوم القيامة
عند تفاقم البلاء يوم القيامة، يحتاج الناس من يتوسط لهم لدى الله من أصحاب المنازل العليا، فيتوجهون من نبي إلى آخر حتى يصلوا إلى خاتم الأنبياء محمد -عليه السلام- الذي يتوسل لله في شفاعة أمته، وقد استجاب الله لطاعته. وقد ثبت ذلك في حديث عن أنس بن مالك، حيث قال النبي: كُلُّ نَبِيٍّ سَأَلَ سُؤْلًا أوْ قالَ: لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ قدْ دَعا بها فاسْتُجِيبَ…
- الشفاعة في الموحّدين الذين دخلوا النار بأعمالهم.
- الشفاعة لمن تساوت حسناته بسيئاته.
- الشفاعة في رفع درجات المتقين في الجنة.
- الشفاعة لأقوام يدخلون الجنة بغير حساب.
- شفاعة النبي لمسؤولية جسيمة ونعماء الخلق.
- شفاعة النبي للمؤمنين بدخول الجنة.
الحساب والميزان
يبدأ الحساب يوم القيامة بتلقي كل إنسان صفيحته حسب أعماله، فمن كان من المؤمنين يأخذ صحيفته بيمينه ومن كان غير ذلك يأخذها بشماله. وقد أوضح القرآن الكريم حال أصحاب اليمين وأصحاب الشمال. بعد ذلك يتم نصب ميزان الله، ويتقدم الناس واحداً تلو الآخر لمواجهة النتائج، حيث يُسأل كل شخص عن أعماله. من يزن حسناته وثقُلَت تتوجه إلى الجنة، بينما مَن خفَت حسناته تجاه سيئاته يُعاقب. يُظهر الله للعبد المؤمن أعماله في الدنيا، ويغفر له ذنوبه، في حين يواجه غير المؤمن عقوبات قاسية. وتتعدد أشكال الحساب وفق ما قام به كل شخص بشكل خاص
الحساب ينطبق على جميع الخلق، إلا من يستثنيهم النبي، ممن يدخلون الجنة بلا حساب. ومما يدلل على عدالة الله أن حسنات المؤمن لا تُفقد، بينما الكافرين يُجازون بما فعلوه في الدنيا، حتى تصل العقوبة إلى عدم حصولهم على مكافآت في الآخرة.