ما هو الكذب؟
يمكن تعريف الكذب من عدة جوانب كما يلي:
- تعريف الكذب في اللغة
وفقاً لابن منظور، يُعتبر الكذب نقيض الصدق.
- التعريف الاصطلاحي للكذب
في السياق الشرعي، يُشير الكذب إلى الإخبار بشيء يتعارض مع حقيقته، سواء كان ذلك عن قصد أو عن طريق الخطأ. وقد أوضح النووي أنه “يُعتبر الكذب حديثاً يخالف الواقع، سواء كان ذلك عن عمد أو غير عمد، ويشمل كذلك الأنباء عن أحداث ماضية أو مستقبلية.”
حكم الكذب في الإسلام
توافق علماء الأمة على تحريم الكذب، حيث ورد النهي عنه في القرآن الكريم والسنة النبوية. يُعتبر الكذب من أفظع الذنوب وأكبر العيوب التي يمكن أن يُعرف بها الشخص، وقد اعتبره النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- دليلاً على النفاق، حيث قال: “آيَةُ المُنافِقِ ثَلاثٌ: إذا حَدَّثَ كَذَبَ، وإذا وَعَدَ أخْلَفَ، وإذا اُؤتُمِنَ خانَ.”
كما نهى الله -تعالى- عن الكذب في كتابه بقوله: “وَلا تَقفُ ما لَيسَ لَكَ بِهِ عِلمٌ إنَّ السَّمعَ وَالبَصَرَ وَالفُؤادَ كُلُّ أُولـئِكَ كانَ عَنهُ مَسئولًا”. ووصف النبي -صلى الله عليه وسلم- الكاذب بقوله: “إنَّ الصِدْقَ يَهْدِي إلى البِرِّ، وإنَّ البِرَّ يَهْدِي إلى الجَنَّةِ، وإنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حتَّى يُكْتَبَ عِندَ اللَّهِ صِدِّيقًا، وإنَّ الكَذِبَ يَهْدِي إلى الفُجُورِ، وإنَّ الفُجُورَ يَهْدِي إلى النَّارِ، وإنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حتَّى يُكْتَبَ عِندَ اللَّهِ كَذَّابًا.”
عقوبة الكذب
توعد الله -سبحانه وتعالى- الكاذب باللعنة، حيث قال: “فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ”، ويُعد الكذب من الكبائر. أشد أنواع الكذب هو الذي يتعلق بالله ورسوله، حيث إن الكاذب على النبي -صلى الله عليه وسلم- يبوء بمقعده من النار، واعتقاد جواز الكذب على الرسول -صلى الله عليه وسلم- يُخرج صاحبه من الإسلام. كما يُعتبر الكذب على الله -تعالى- بتصريح ما حرّمه الله بأنه حلال.
إذا اكتشف النبي -صلى الله عليه وسلم- كذب أحد أفراد أسرته، كان يعامله بتجاهل حتى يتوب عن كذبه، مما يبرز جديته في مجابهة الكذب. وعقوبة الكاذب بعد الموت شديدة، كما ورد في حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- الذي وصف عذاب الكاذب بالقول: “أَمَّا الرَّجُلُ الذي أتَيْتَ عليه، يُشَرْشَرُ شِدْقُهُ إلى قَفَاهُ، ومَنْخِرُهُ إلى قَفَاهُ، وعَيْنُهُ إلى قَفَاهُ، فإنَّه الرَّجُلُ يَغْدُو مِن بَيْتِهِ، فَيَكْذِبُ الكَذْبَةَ تَبْلُغُ الآفَاقَ”. إن العذاب في القبر شديد، ويوم القيامة يكون أشد.
الحالات المباحة للكذب
رغم أن الله -تعالى- قد حرم الكذب، إلا أن هناك استثناءات يتم فيها إباحة الكذب، شرط أن يسفر الكذب عن نتائج إيجابية لا يمكن تحقيقها إلا من خلاله.
بشكل عام، روت أم كلثوم -رضي الله عنها- حديثاً عن النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث قال: “ليسَ الكَذّابُ الذي يُصْلِحُ بين الناس، ويقولُ خَيْراً ويَنْمِي خَيْراً”. وقد ذكر ابن شهاب أنه لم يسمع بإباحة الكذب إلا في ثلاث حالات: الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل لزوجته وحديث المرأة لزوجها.
- الحرب
تُعتبر الحرب خدعة، حيث يتطلب النصر فيها استخدام بعض الحيل والخداع ضد الأعداء بطرق غير مباشرة، من خلال إستراتيجيات ذكية ومخادعات حربية تؤدي إلى تحقيق الانتصار.
- الإصلاح بين المتخاصمين
في سياق الإصلاح بين المختلفين، قد يحتاج المُصلح إلى نفي بعض أقوال أو أفعال أحد الأطراف أو تقديم حديث لم يُقال، بهدف تخفيف حدة النزاع وتعزيز الألفة والمحبة. فإذا قيلت الحقائق كما هي، قد يرتفع مستوى الخلاف بصورة تؤدي إلى تفاقم المشكلة.
- في الحياة الزوجية
أحياناً تحتاج الزوجة لإخبار زوجها بغير الحقيقة، وكذلك الزوج. ولكن هذا يجب أن يكون في إطار الأمور التي لاتضر الآخرين، حيث أن الاعتراف بالحقائق قد يؤدي في بعض الأحيان إلى أزمات أو حقد متبادل بين الزوجين. الأمر الذي يؤثر في المودة بينهما، حيث قد يحتاج أحدهما إلى تعبيرات جميلة تعزز الألفة والسعادة بينهما، وكل هذا لا يعتبر كذباً.
أضرار الكذب
تتعدد الأضرار التي تلحق بالكاذب، ومنها:
- اكتساب صفة من صفات المنافقين.
- يعتبر الكاذب موضع شبهة وعدم ثقة بين الناس.
- يصادر الكذب الخير والبركة في المعاملات التجارية.
- يفقد الثقة بين الأفراد.
- يؤثر على الحقائق، حيث قد يبيّن الباطل صحيحاً والصحيح باطلاً.
- يُعد سبباً من أسباب العذاب يوم القيامة.
- يحرم الكاذب من مرتبة الصديقية في الآخرة.