تعتبر الخطابة فنًا قديمًا حيث استخدمه الناس عبر العصور كوسيلة فعالة للتواصل مع الجمهور وإيصال آرائهم لإقناع الآخرين. ومن المواضيع التي نالت اهتمامًا خاصًا في الخطب المختلفة هو مفهوم التقوى.
إن التقوى تتجسد في أشكال عديدة وتتنوع مجالاتها، وقد حث ديننا الإسلامي على اتباع طرقها، وفق ما أوصانا الله جل وعلا ورسوله الكريم. وفيما يلي نستعرض واحدة من الخطب التي تتناول موضوع التقوى.
خطبة قصيرة حول التقوى
الحمد لله الذي يكفي، والصلاة والسلام على نبينا محمد، صلوا عليه وسلموا (اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد)
أما بعد، عباد الله، اتقوا الله جميعًا، واعلموا أن الله عز وجل يراقبكم ويرى أفعالكم في السر والعلن، ويعلم ما تخفيه الصدور.
لذا ينبغي أن تكون تقوى الله عز وجل دائمًا أمام أعينكم، سواء في السر أو العلن، لأنه يعلم ما في النفوس وما تعلن.
يا أيها المسلمون، قال الله تعالى في كتابه الكريم: “بسم الله الرحمن الرحيم ودعوا يومًا ترجعون فيه إلى الله. ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون” صدق الله العظيم (البقرة: 281).
نحدثكم اليوم عن تقوى الله، وهي تعني خشية الله والتجنب عن الذنوب طمعًا في رضاه.
وقد نصحنا رسولنا الكريم، صلى الله عليه وسلم، بتقوى الله، قائلاً: “أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة.”
التقوى، عباد الله، تعني وضع حواجز تمنع المسلم من عذاب الله عن طريق الالتزام بما أمر الله به وتجنب ما نهى عنه. يجب أن يكون المسلم حذرًا في أفعاله كما لو كان يسير بعيدًا عن الأشواك بخطوات حذرة.
كما ينبغي الحرص على تقوى الله خوفًا من الوقوع في الآثام التي قد تؤدي إلى غضبه، وللمتقين في الآخرة نعيم جزيل.
صلوا على الحبيب الذي يُطهر القلب بذكره، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
كانت هذه كلمات خطبة قصيرة عن التقوى، فاللهم اجعلنا من عبادك المتقين.
معنى التقوى ودرجاتها
تكررت الإشارة إلى معنى التقوى ودرجاتها في العديد من الخطب القصيرة.
التقوى تعني الابتعاد عن كل ما يضر أو يشين، وتحمل اسم فعل “اتقى” من مصدر “الاتقاء”، وتعني وقاية النفس من كل ما هو ضار.
في الشريعة الإسلامية، يشير مفهوم التقوى إلى تجنب المحرمات والالتزام بما أمر به الله. كما تعني وقاية النفس من كل ما قد يضلها عن طريق الحق. وتوزع التقوى إلى ثلاث درجات، وهي:
- ترك المباحات والشبهات، مما يعكس زهد قلب المسلم في الدنيا، وهي تقوى خواص الخواص.
- ترك الشبهات التي قد تدفع لغضب الله، وهي تقوى الخواص.
- الابتعاد عن المحرمات، وهو ما يُعرف بتقوى العوام.
فوائد تقوى الله عز وجل
للتقوى فوائد جمة، فكل من اتقى الله في عمله ينال البركة، ومن اتقى الله في ماله يزداد رزقًا، ومن اتقى الله فيمن حوله ينعم بالسكينة، والذين يتقون الله في عبادتهم يحصلون على فضله الذي لا يُعد ولا يُحصى.
وقد ذُكرت فوائد المتقين في أكثر من خطبة قصيرة تتناول نعم الله على المتقين مع البراهين من القرآن والسنة. ومن هذه النعم:
- عن أبي ذر رضي الله عنه قال: “قلت يا رسول الله أوصني.” فأجاب: “أوصيك بتقوى الله، فإنه رأس الأمر كله”.
- قال الله تعالى: “ولو أنهم آمنوا واتقوا لمثوبة من عند الله خير لو كانوا يعلمون” (البقرة: 103).
- قال الله تعالى: “ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فاخذناهم بما كانوا يكسبون” (الأعراف: 96).
- قال الله تعالى: “وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين” (آل عمران: 133).
- قال الله تعالى: “بلى من أوفى بعهدِه واتقى فإن الله يحب المتقين” (آل عمران: 76).
من هم عباد الله المتقون؟
تم تناول التقوى في العديد من الخطب القصيرة من قبل المشايخ والأئمة، وكانت جزءًا من وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم.
فمن هم المتقون الذين ينعمون بخيرات الدنيا والآخرة؟ يمتاز المتقون بصفات تجعلهم متميزين عن غيرهم من المسلمين، ومنها:
- من صفاتهم أنهم ينفقون المال والوقت والجهد في سبيل الله.
- يحتفظون بهدوئهم في أوقات الغضب، ويصفحون عن من ظلمهم، وإذا ارتكبوا ذنبًا يطلبون المغفرة.
- وقد قال الله تعالى: “والذين يُنفِقُون في السَّراء والضَّراء والكَاظمين الغَيظ والعَافين عَن النَّاس والله يُحِب المُحسنين” (آل عمران: 134).
- كما أنهم يستغفرون الله عند ارتكاب معصية ولا يصرون عليها وهم يعلمون” (آل عمران: 135).
حكم التقوى في الإسلام
بسبب الأهمية الكبيرة لمفهوم التقوى، تم توجيه العديد من الخطب القصيرة لتسليط الضوء على حكمها في الشريعة الإسلامية.
قال بعض الأئمة إن التقوى تعد واجبة على كل مسلم ومسلمة، وتُذكر في مواضع عديدة في القرآن والسنة. ومن الأمثلة على ذلك:
- عن أبي ذر رضي الله عنه قال: “قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اتق الله حيثما كنت”.
- قال ابن تيمية: “التقوى واجبة على الخلق وقد أمر الله بها ووصى بها في موضع، وذم من لا يتقي الله”.
- قال الله تعالى: “ولله ما في السماوات وما في الأرض ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله” (النساء: 133).