تحليل قصة حول مرض الزهايمر

التحليل الموضوعي لأقصوصة الزهايمر

تتناول أحداث القصة شخصية يعقوب العريان، الذي يتوجه إلى بائعة العطور لشراء زجاجة عطر لزوجته. يعرف تمامًا أنها تفضل عطرًا معينًا يُدعى “إكسنتركس”، ولكن عند سؤاله عن اسم العطر، يجد نفسه عاجزًا عن تذكره. حاول بابكر عدة مرات أن يسترجع الاسم، لكن جهوده كانت دون جدوى. بدأت البائعة بمساعدته، مما جعله يشعر بالحرج والاضطراب، فاختار الاعتذار ومغادرة المتجر على أن يعود لاحقًا بعد أن يتذكر اسم العطر. ابتسمت له بلطف قبل مغادرته. تعتبر هذه الأقصوصة مجموعة من الرسائل التي أرسلها يعقوب لزوجته خلال فترة علاجه خارج وطنه، فقد فضل الانفصال عن أسرته لتجنب التأثيرات السلبية لمرضه عليهم.

في إحدى الرسائل التي أرسلها من المستشفى أثناء فترة علاجه من مرض الزهايمر، أبلغ يعقوب زوجته أن مرض الزهايمر يعتبر مرضًا خاصًا لأنه يصيب الشخصيات المعروفة. فقد ذكر بعض الشخصيات البارزة مثل السياسي الأمريكي باري جولدواتر والنجمة ريتا هيوارث والممثل الشهير شارلتون هيستون، وكذلك الملكة الهولندية يوليانا. ومن الجدير بالذكر أن الرئيس رونالد ريغان وصف هذا المرض بأنه “جميل”، حيث يلتقي المريض بنفس الأشخاص يوميًا لكنه يشعر وكأنه يلتقي بهم للمرة الأولى كل مرة.

التحليل الأسلوبي لأقصوصة الزهايمر

عندما مر الدكتور غازي القصيبي بفترة المرض، أنهى أقصوصته الأخيرة والتي نُشرت بعد وفاته. يظهر في نصه أسلوب الرسائل القصيرة، حيث أشار إلى أنها ليست سيرة ذاتية بقدر ما هي رسائل من زوج إلى زوجته. تحتوي الأقصوصة على اثنتي عشرة رسالة كتبها طارق العريان لزوجته خلال رحلته العلاجية خارج وطنه.

تعكس أقصوصة القصيبي مشاعر الإنسان المؤلمة التي ترافق تداخل الذكريات، إذ حاول الهروب من تلك الذكريات نحو عالم النسيان والسلام النفسي، كما تعكس اهتمام الكاتب بالقضايا التربوية والاجتماعية من خلال تعزيز التعاطف مع مرضى الزهايمر.

الاستعارة والصور الفنية في أقصوصة الزهايمر

استخدم الدكتور غازي القصيبي في نصه العديد من القواعد النحوية الأساسية المطلوبة في القصص القصيرة، بما في ذلك استخدام ضمير الغائب وعلامات الوصل والحذف والاستبدال. وتعكس هذه الأساليب الحالة النفسية المضطربة التي يعيشها مريض الزهايمر بين الذاكرة والنسيان. كما سعى للحفاظ على تماسك النص من خلال حبكة جيدة تمكّن من إنشاء روابط دلالية واستعارة وشبه.

تضمن النص العديد من المعايير، مثل الترابط النحوي والحبكة القوية، مما أضفى على الأسلوب سهولة وسلاسة بعيدة عن التعقيد. ساهم هذا الأمر في جذب القارئ العادي، كما تنوعت المعلومات المقدمة بين المستوى المنخفض والمتوسط والعالي. وشكل الحوار جزءًا بارزًا من الرسائل، مع استخدام الأمثلة الشعبية والنصوص الدينية، مما عزز من ترابط النص وأثره في المتلقي.

تظهر الاقتباسات التالية مجموعة من الأساليب الفنية الجمالية:

  • وراءَ كُلّ إنجازٍ عظيم.. إيمانٌ عظيم.
  • كيف تستطيع أمة أن تصنع مستقبلها وهي في قبضة ماضيها؟
  • سنوات المراهقة في حياة كل إنسان (وإنسانة) هي سنوات ضائعة لا معنى لها، مسروقة من الطفولة والرجولة معًا.
  • هذا مرض جميل!
  • الكرامة البشرية مرتبطة ارتباطًا عضويًا بالعقل البشري.

الحوار والسرد في أقصوصة الزهايمر

سرد بطل الرواية طارق العريان تجارب مريض الزهايمر المتمثلة في المعاناة والعزلة اليومية، وقد عرض الدكتور غازي القصيبي في روايته العديد من القضايا المهمة، مثل القضايا السياسية والعلاقات بين العرب واليهود، بالإضافة لقضية الاختلاط والمراهقة. في رسالته العاشرة، عبر عن شعوره تجاه المرض الذي وصفه بـ”الموت قبل الموت”.

يعيش المريض حالة من الغياب والضياع، حيث لا يعود كما كان في السابق وتصبح ذكرياته محجوبة خلف جدار سميك. كما استخدم الأسلوب الساخر في سرد الرسائل، حيث مزج بين موضوعات الحب والموت والحرية والفراغ بطريقة درامية ساخرة، وهو ما تجلى بوضوح عندما وصف حواره مع الدكتور هنري كيسنجر.

تحليل الشخصيات في أقصوصة الزهايمر

قدم الدكتور غازي القصيبي بطل الرواية كإنسان مريض ويعاني من النسيان، وهو الشخصية الأساسية التي لا يمكنها مواجهة الأقدار. كان طارق العريان محروماً من النضال ضد المصير، وهو ما يميز شخصية مريض الزهايمر. كما كان لزوجته التي تلقّت رسائله دور في الرواية، حيث ناقش فيها مشاعره ومخاوفه بينما هو بعيد عنها. تضمنت الشخصيات الأخرى بائعة العطور التي قدمت الابتسامة العذبة، فيما أشار إلى شخصيات شهيرة تعاني من نفس المرض دون التوسع في تفاصيلها.

آراء النقاد حول أقصوصة الزهايمر

لقد أشار بعض النقاد إلى أن نقص الترابط بين الرسائل أدى إلى فقدان الدافع لدى القراء للاستمرار في القراءة. ولكن أسلوب الكاتب الجذاب وخبرته في جذب القارئ ساعدت بشكل كبير في توضيح القصة. ونتيجة لذلك، انتهت الرسائل تحت عنوان مشترك، حيث جُمعت مع الأوراق الشخصية لطارق العريان بعد وفاته المفاجئة، مختومة بتوقيع طبيبه في قسم الزهايمر بجامعة جورج تاون.

تحتل أقصوصة الدكتور غازي القصيبي مكانة هامة، حيث تسلط الضوء على معاناة مرضى الزهايمر من خلال شخصية طارق العريان. وقد اعتمد القصيبي على مجموعة متنوعة من الأساليب الأدبية في السرد والحوار واستخدام الصور الفنية، مما ساهم في تطور الأحداث وتحريكها، مع تسجيل نقد لاذع للوضع الراهن.

Scroll to Top