حرمانية الاحتفال برأس السنة الميلادية
- مع اقتراب احتفالات رأس السنة الميلادية، يبدأ العديد من الأشخاص في التحضير للاحتفال بنهاية العام الجاري واستقبال عام جديد.
- لكن يتبادر إلى أذهانهم السؤال: هل هذا الفعل جائز أم محرم؟ وما هو حكم تهنئة المسيحيين في أعيادهم؟ وما هي حرمانية الاحتفال برأس السنة الميلادية؟
- تحمل هذه التساؤلات إجابات تشير إلى أن الاحتفال مع غير المسلمين محرم، ومن الواجب علينا تجنب ذلك.
- إلا أنه هناك الكثير من الذين يقدمون هذه الإجابات دون معرفة أدلتها.
- بعضهم قد لا يدرك ما إذا كانت إجاباتهم دقيقة، بل يتبعون آراء الآخرين.
- فحينما يقال إنه محرم، يؤيدون ذلك، وحينما يشير البعض إلى إباحته، يوافقون على ذلك دون تمحيص.
- لذا، سنناقش في هذا السياق حرمانية الاحتفال برأس السنة الميلادية.
- وسنقدم الأدلة من القرآن والسنة لدعم الآراء المتعلقة بهذه المسألة.
لذا يمكنكم الاطلاع على:
وجهة نظر العلماء والدين حول الاحتفال برأس السنة الميلادية
- يعتبر الاحتفال مع غير المسلمين بأعيادهم، مثل رأس السنة الميلادية، غير جائز؛ حيث يرى أهل العلم والدين أن العيد يتطلب نشاطًا مخصصًا.
- هذا الاحتفال يتضمن عناصر تتعلق بالأعمال الدينية الخاصة بالمسيحيين.
- وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التشابه مع غير المسلمين في مناسباتهم، وقد تم ذكر ذلك في كل من القرآن والسنة.
- في كتاب الله، قال تعالى في سورة الفرقان الآية 72: (وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً).
- وقد فسر العلماء، مثل مجاهد والربيع بن أنس، أن هذه الآية تشير إلى أعياد المشركين.
- كما قال عبدالله بن سيرين بأن الزور هو عيد الشعانين، وهو من أعياد النصارى الذي يحتفلون به قبل عيد الفصح.
- يتم الاحتفال به من خلال حمل السعف، مما يدل على اعتقادهم بذكري دخول النبي عيسى عليه السلام إلى القدس.
حكم الاحتفال برأس السنة الميلادية في الإسلام
- جاء في حديث أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
- عند وصول النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، وجدهم يحتفلون بيومين، فسألهم عنهم. فقالوا: كنا نلعب في الجاهلية، فأجابهم النبي: “إن الله قد أبدلكم بخير منهما: يوم الأضحى ويوم الفطر” رواه أبو داود، وأحمد، والنسائي على شرط مسلم.
- هذا الحديث يوضح عدم إعطاء أهمية للأعياد الجاهلية ودعوة المسلمين إلى الابتعاد عنها.
- فالله قد أمرهم بالتخلي عن عاداتهم السيئة وأعطاهم طقوسًا بديلة، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا إلى عدم التشبه بالمشركين لئلا يكون المسلمون منهم، حسب ما رواه ابن عمر: (من تشبه بقوم فهو منهم) رواه أحمد.
رؤية السلف الصالح حول الاحتفال برأس السنة الميلادية
- يتمثل إجماع السلف الصالح وعلماء الدين في وجوب عدم المشاركة في ما يفعله اليهود والنصارى، وعلى الأخص الاحتفال بأعيادهم مثل رأس السنة الميلادية.
- إذا كانت الاحتفالات تتضمن تجهيزات وهدايا وأغانٍ، فلا يجب على المسلمين أن يشاركوا فيها، كما كان يفعل المسلمون عبر العصور.
- نجد أيضًا أن الصحابي عمر بن الخطاب رضي الله عنه وضع شروطًا على أهل الذمة، والتي تم الموافقة عليها من قبل بقية الصحابة.
- إذ قال إن أهل الذمة، وهم اليهود والنصارى، يتوجب عليهم عدم الاحتفال بأعيادهم في بلاد المسلمين.
- لذا، يجب عليهم عدم إظهار هذه الاحتفالات، ويجب على المسلمين مقاطعتها.
- مثل هذه الأنشطة لا يجب المشاركة فيها.
- كما قال عمر رضي الله عنه: (إياكم ورطانة الأعاجم، وألا تدخلوا على المشركين يوم عيدهم في كنائسهم فإن السخطة تتنزل عليهم) رواه أبو الشيخ الأصبهاني والبيهقي بإسناد صحيح.
- نجد أيضًا أن البيهقي روى عن عمر: (اجتنبوا أعداء الله في عيدهم).
حرمانية الاحتفال برأس السنة الميلادية وفقًا لابن تيمية
- الإمام ابن تيمية يعبر عن رأيه في الحرمة بقوله عن عمر رضي الله عنه:
- إن عمر نهى عن تعلم لسان غير المسلمين.
- كما نهى عن الدخول إلى كنائسهم في أعيادهم.
- فكيف بمن يحتفل معهم ويقوم بما يفعلونه من مظاهر الاحتفال أو يقتدي بدينهم؟
- الموافقة على أفعالهم والمشاركة فيها تُعتبر أكبر من مجرد الاتفاق على لسانهم.
- كما ذكر عمر رضي الله عنه.
- إن القيام بأعمالهم استعدادًا للاحتفال يُعتبر أكثر خطورة من مجرد الدخول إلي كنائسهم.
- ورأى أن غضب الله قد ينزل بسبب هذه الأعياد التي ليس لها أساس ديني.
- فما هو جزاؤه من يساعدهم أو يشاركهم؟
- كما أن قوله (واجتنبوا أعداء الله في عيدهم) هو نهي واضح عن المشاركة معهم.
- يعتقد ابن تيمية أن الاتفاق على جملة من أفعالهم هو بمثابة المؤسسات المسلمة للاتفاق على جميع ما يقومون به من أعمال دينية.
- لذلك يرى أن مثل هذه المشاركات تدل على احتمالية الانجرار إلى الشرك بالله والدخول في دين غير الإسلام، والعياذ بالله.
رأي تهنئة غير المسلمين في أعيادهم
- من خلال مناقشة حرمة الاحتفال برأس السنة الميلادية، يتعين علينا الإجابة عن تساؤلات بعض الناس حول جواز تهنئة المسيحيين.
- أو غير المسلمين في أعيادهم، استنادًا إلى أنهم يهنئون المسلمين في أعيادهم.
- جاءت الإجابة على هذا السؤال بأنها غير جائزة؛ لأن احتفالات المسلمين تشكل احتفالات حقيقية.
- فقد شرع لنا الإسلام عيدين أساسيين هما عيد الفطر وعيد الأضحى، ولكل منهما سبب واضح للاحتفال.
- فالرسول صلى الله عليه وسلم يعتبر يوم الجمعة عيدًا للمسلمين.
- وهذه الأعياد ليست مجرد مظاهر احتفالية، بل تُعتبر من العبادات التي تقرب العبد إلى الله.
- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن يوم الجمعة يوم عيد، فلا تجعلوا يوم عيدكم يوم صيامكم، إلا أن تصوموا قبله أو بعده) رواه أحمد والنسائي.
كيفية تجنب حرمة الاحتفال برأس السنة الميلادية
- من الواجب على المسلمين في يوم الاحتفال برأس السنة الميلادية أن يعتبرونه يومًا عاديًا مثل باقي أيام السنة.
- يجب عدم إظهار أي مظاهر احتفالية وعدم المشاركة في أي أنشطة تدل على ذلك.
- مثلًا: يجب على التجار ألا يقوموا ببيع الزينة والهدايا التي تُستخدم في هذا اليوم.
- وعليهم ألا يخافوا من الخسائر المحتملة في تجارتهم، حيث إن من يقدم دينه على تجارته فإن الله سيعوضه خيرًا.
- وعلى المسؤولين أن يشجعوا رعيتهم على الابتعاد عن هذه الأنشطة التي تشير إلى المشاركة في احتفالات غير مشروعة.
- كما يلزم الابتعاد عن أي تقليد لغير المسلمين، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ألا كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته) رواه البخاري.
- يجب عدم تبادل الهدايا بسبب هذا الاحتفال، حيث أن ذلك يُعتبر مشاركة غير مقبولة.
استمرار التوصيات بشأن تجنب حرمة الاحتفال برأس السنة الميلادية
- كما يدعو الإمام ابن القيم إلى تجنب تهنئة الكفار بأعيادهم؛ حيث قال: (وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة بهم، فحرام بالاتفاق، مثل تهنئتهم بأعيادهم، كقول: عيد مبارك عليك، هذا إن سلم قائله من الكفر، فهو من المحرمات، بل هو أشد إثما من تهنئته بشرب الخمر وقتل النفس وغيرها).
- لا ينبغي للمسلمين تعطيل أعمالهم أو تقديم إجازات في هذا اليوم.
- كما ينبغي تجنب المشاركة في البرامج التلفزيونية والإذاعية التي تشجع على احتفالات غير مشروعة.
- وهذا يمثل أضعف الإيمان من أجل تغيير المنكر الذي يحدث.
- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعته يقول: (من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) رواه مسلم.
إباحة الاحتفال برأس السنة عند بعض المسلمين
- على الرغم من جميع الأدلة التي تثبت حرمانية الاحتفال مع غير المسلمين.
- إلا أن هناك فئة من المسلمين الذين يرون إباحة المشاركة في الاحتفال، باعتباره مشاركة اجتماعية.
- وهذا ليس له علاقة بمشاركة دينية إنما يتعين على المسلمين الالتزام بالأحكام الشرعية.
- يجب ألا يقصر المسلمون في أداء الفرائض والواجبات الدينية المفروضة عليهم.
- كما يجب عليهم عدم القيام بأية أعمال محرمة مثل شرب الخمر.
- ينبغي أن يؤكد المسلمون على أن الاحتفال ليس عيدًا بل مناسبة اجتماعية تتم مع غير المسلمين.
- ومن بين الذين يتبنون هذا الرأي الدكتور محمود شلبي، وفق ما أُفيد عن دار الإفتاء المصرية.
- أيضًا، الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، أباح المشاركة الاجتماعية في احتفالات رأس السنة الميلادية.
- هذا الرأي يستند إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: (أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم في الدنيا والآخرة، ليس بيني وبينه نبيّ) رواه البخاري.
- أما في القرآن فقد جاءت الإشارة في قوله: (وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتْ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا).
- وأيضًا، جاءت الإباحة في قوله تعالى بسورة النساء: (وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا).
- وفي سورة الممتحنة: (لا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ).