تاريخ علم البصريات
لطالما كان العلماء في العصور القديمة يبحثون في موضوع الضوء وخصائصه وكيفية انتقاله. هذا السعي دفعهم للقيام بتجارب عديدة لاستغلال الضوء وميزاته. ظهرت النتائج الأولية في عدة حضارات قديمة، ثم انتقلت إلى ثقافات أخرى حول العالم. وفيما يلي نظرة على تاريخ علم البصريات:
علم البصريات عبر العصور القديمة
يعود أصل علم البصريات إلى نحو 700 سنة قبل الميلاد، حيث قام قدماء المصريين وسكان بلاد الرافدين بتلميع البلورات لفحص ظاهرة انعكاس الصور المرئية في المياه. وفي الفترة بين عامي 710 و750 قبل الميلاد، أنتجت حضارة آشور القديمة أول عدسة معروفة، التي أُطلق عليها اسم “عدسة النمرود”، والتي استخدمت كعدسة مكبرة أو كوسيلة لإشعال النار. كانت هذه التجارب بداية انطلاق علم البصريات الكلاسيكي.
تطور علم البصريات في القرن التاسع
شهد القرن التاسع تقدماً ملحوظاً في علم البصريات، خاصة من خلال عمل العالم المسلم الكندي. كان الكندي أول من شرح كيف تنطلق أشعة الضوء في خطوط مستقيمة، وكيف تؤثر المسافة والزوايا على الرؤية. كما كتب دراسات متعمقة حول البصريات الفسيولوجية والهندسية، استفاد منها العديد من العلماء مثل الفيزيائي الألماني ويتلو والعالم المسلم الحسن بن الهيثم.
علم البصريات في القرن العاشر
استكمل الحسن بن الهيثم الأبحاث التي بدأها الكندي، وقدم إجابات للعديد من التساؤلات حول الرؤية والبصريات. وقد اكتشف أن قدرة الإنسان على الرؤية تعتمد على انكسار أشعة الضوء، وأوضح كيفية دخول الضوء إلى العين بنمط مخروطي.
كتاب البصريات
بين عامي 1011 و1021، قام الحسن بن الهيثم بتأليف كتابه المعروف “كتاب البصريات”، الذي جمع فيه كافة اكتشافاته المتعلقة بهذا المجال. تمت ترجمة الكتاب إلى عدة لغات، منها اللاتينية، مما ساهم في دعم العلماء الآخرين مثل ليوناردو دافنشي وروجر بيكون ويوهانس كبلر في فهم طبيعة الضوء والرؤية بشكل أدق.
علم البصريات من القرن الرابع عشر إلى السابع عشر
استمر تطور علم البصريات في هذه الفترة، حيث قام سالفينو دآرمات في عام 1284 بصنع أول نظارات يمكن ارتداؤها، والتي انتشرت بسرعة في جميع أنحاء أوروبا، مما أسهم في توسيع نطاق البصريات. كما ظهر علماء جدد مثل يوهانس كيبلر، الذي وسع مجال البصريات الهندسية وقدم أفكاراً جديدة حول عمل شبكية العين، وأنواع العدسات، وخصائص الضوء المتنوعة.
علم البصريات في القرن الثامن عشر
في عام 1704، نشر العالم إسحاق نيوتن كتابه “Opticks”، الذي احتوى على دراسات متنوعة في علم البصريات مثل الانكسار، التشتت، الحيود، والاستقطاب.
علم البصريات في القرن التاسع عشر
وجد العالم توماس يونغ أن الضوء يتكون من موجات بعد دراسته لظاهرة التداخل. في الوقت نفسه، افترض الفيزيائي جيمس كليرك ماكسويل أن الضوء هو نوع من الموجات الكهرومغناطيسية، وثبت العالم هيرتز هذه النظرية. بالإضافة إلى ذلك، ساهم كل من تسلا وماركوني في تطوير الراديو، بينما قام إيستمان باختراع الفيلم الفوتوغرافي.
علم البصريات في القرن العشرين
إلى جانب اختراع التلفزيون والمجهر الإلكتروني، شهد علم البصريات أيضاً إدخال تقنيات حديثة مثل الليزر والألياف الضوئية وأجهزة الكمبيوتر، فضلاً عن تطوير ألعاب الفيديو والروبوتات وغيرها من الابتكارات التكنولوجية.