حرب داحس والغبراء
يتعلق الأمر هنا بكل من داحس، وهو فرس ينتمي إلى قيس بن زهير بن جذيمة العبسي، والغبراء، الذي يمتلكه حُذيفة بن بدر الفزاري. يُروى أن قرواش بن هني، وهو أحد رجال بني عبس، دخل في جدال مع حمل ابن أخ حُذيفة حول تفوق الفرسين، حيث زعم حمل أن الغبراء هو الأجود، بينما اعتبر قرواش أن داحس هو الأفضل. وقد راهنا على الفرسين وكان الرهان عشرة في عشرة. وأدى هذا التحدي إلى اندلاع حرب داحس والغبراء، وهي واحدة من الحروب الجاهلية التي وقعت في أواخر العصر الجاهلي، وتحديدًا بين قبيلتي بني عبس وبني ذبيان. استمرت هذه الحرب لمدة تقارب الأربعين عامًا، مما يعكس وحدتهم كجماعة جاهلية ودفاعهم عن أنفسهم، سواء كانوا ظالمين أو مظلومين، في محاولة لإظهار قوة القبيلة وعزتها.
أسباب اندلاع حرب داحس والغبراء
تُعزى أسباب حرب داحس والغبراء إلى سباق جري بين فرسين، حيث أُقيم سباق ورهان بين داحس والغبراء بإشراف سيدا قبيلتي عبس وذبيان، قيس بن زهير وحذيفة بن بدر. كان يُعتقد أن داحس هو الأكثر حظًا في هذا السباق، لكن تدخل أحد رجال ذبيان بكمين لداحس، مما أدى إلى إفساد فرصته في الفوز. وبالتالي، فاز فرس الغبراء في السباق. فعلى إثر هذا، رفض قيس الاعتراف بنتيجة السباق وطلب الرهان المتفق عليه، مما تسبب في نشوب صراع بين الطرفين، وانطلقت الحرب التي سُميت بناءً على هذين الفرسين.
ختام حرب داحس والغبراء
انتهت حرب داحس والغبراء بفضل تدخل سيّدين من قبيلة ذبيان، هما هرم بن سنان والحارث بن عوف المرّي، حيث قاما بكفالة ديات القتلى مما ساهم في إنهاء النزاع. تجدر الإشارة إلى أن الروابط بين العرب في العصر الجاهلي كانت متقطعة، وقد كانت العصبية المذمومة إحدى السمات الأساسية لثقافتهم، والتي أدت إلى اندلاع حروب شرسة بين القبائل. كانت عادة الهجوم على الآخرين شائعة، مما جعل الحروب تشتعل لأتفه الأسباب وأبسطها.