تُعتبر الأحاديث النبوية والآيات القرآنية التي تتناول فضل الوالدين، ولا سيما الأم، من المواضيع التي تحتل مكانة كبيرة في الشريعة الإسلامية. لقد عانت الأم من متاعب وصعوبات عديدة خلال مراحل تربية أبنائها، وقد تم التأكيد على أهمية إرضاء الأم والحرص على ذلك، لما في ذلك من أجر عظيم ومغفرة للذنوب، كما أخبرنا الله سبحانه وتعالى.
بر الأم
حث ديننا الحنيف على السعي للحصول على رضا الوالدين، مع بذل الجهد في برهم سواء في حياتهم أو بعد وفاتهم. فقد نمى معاني البر من خلال إضحاك الأم وإطعامها وإرضاء قلوبهم بالطاعة وعدم رفع الصوت عليهم، وقد ورد عن مكحول والإمام أحمد في بعض الروايات أن بر الوالدين هو كفارة للكبائر. وقد أوصى الصحابة من يقع في الذنوب أن يبادر إلى والديه ويسعى لإرضائهما ليغفر الله له.
بر الوالدين بعد وفاتهم
لا يتوقف البر عند فقدان الوالدين، فإذا توفوا، فإن الخير يصل إليهم من خلال ابنه الصالح بالدعاء والاستغفار. فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم: “إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له”.
ويتعين على الأبناء أيضًا بر والديهم بعد وفاتهم من خلال تسديد ديونهم بأنواعها، سواء المتعلقة بحق الله كالعبادات المفروضة مثل الحج والصيام، أو بحق الناس كالإلتزامات المالية وتنفيذ العهود.
الأم في القرآن الكريم
ذُكرت لفظ الأم في العديد من الآيات القرآنية التي تسلط الضوء على حقوقها وفضلها. إليكم بعض الآيات التي تتناول هذه الموضوعات:
- قال تعالى: (وَوصّينا الإنسان بوالديه حَمَلَته أُمُّه وَهْنًا على وَهْنٍ، وفصاله في عامين أنْ اشكر لي ولوالديك إليّ المصير)، لقمان: 14-15.
- قال سبحانه: (وَوصينا الإنسان بوالديه إحسانًا، حَمَلَته أُمُّه كُرْهًا ووَضَعَته كُرْهًا)، الأحقاف: 15.
- قال تعالى: (حُرِّمَت عليكم أمهاتكم)، النساء: 23.
- قال سبحانه: (وما جعل أزواجكم اللائي تُظاهرون منهن أمهاتكم)، الأحزاب: 4.
- (الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هُنَّ أمهاتهم* إنْ أمهاتهم إلا اللائي ولَدْنهم)، المجادلة: 2.
- قال سبحانه: (يَوْمَ يَفِرُّ المرءُ من أخيه وأُمِّهِ وأبيه)، عبس: 34-36.
- قال سبحانه: (ليس على الأعمى حرجٌ ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم أو بيوت أمهاتكم)، النور: 61.
- قال سبحانه: (فإن لم يكن له ولدٌ وورثه أبواه فَلأُمِّهِ الثلث)، النساء: 11.
- قال تعالى: (لما رجع موسى إلى قومه غضبان آسفاً قال: بئسما خَلَّفتموني من بعدي)، الأعراف: 150.
- وفي موضع آخر قال: (يا بن أُمّ لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي)، طه: 94.
أحاديث عن الأم في السيرة النبوية
- عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب إلى الله عز وجل؟ قال: (الصلاة على وقتها)، قلت: ثم أي؟ قال: (ثم بر الوالدين)، قلت: ثم أي؟ قال: (ثم الجهاد في سبيل الله) – صحيح ((الإرواء)).
- عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: (رضا الرب في رضا الوالد وسخط الرب في سخط الوالد).
- عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه أتاه رجل فقال إنه قتل امرأة أحبها، هل له من توبة؟ فقال: أمك حية؟ قال: لا. قال: تب إلى الله وقرّب له ما استطعت.
حديث عن الأم: أمك ثم أمك
- عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم من أبر؟ فقال: (أمك)، ثم أعدت السؤال: من أبر؟ فقال: (أمك)، ثم كررت السؤال ثلاثًا، فقال: (أمك)، ثم قال: (أبوك ثم الأقرب فالأقرب).
- عن أبي هريرة قال: قيل يا رسول الله من أبر؟ قال: (أمك)، قال: ثم من؟ قال: (أمك)، ثم (أمك) حتى السلسلة تتكرر.
حديث شريف عن الأم
- عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله ماذا يأمره، فقال: (بر أمك)، ثم أعاد السؤال أربع مرات، وفي الخامسة قال: (بر أباك).
- قال ابن عمر: “هل تفرق من النار وتحب أن تدخل الجنة؟”، قال: نعم. قال: “أتعيش والديك؟” قال: عندي أمي. قال: “فوالله لو ألنت لها الكلام وأطعمتها لتدخلن الجنة.”
- عن عروة بن الزبير في قوله تعالى: (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ).
حديث عن البر بالوالدين
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله عن الهجرة مع ترك أبويه يبكيان، فقال النبي: (ارجع إليهما وأضحكهما كما أبكيتهما).