يعتبر الحديث القدسي “ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة” بيانًا مهمًا يسلط الضوء على الثلاثة خصوم الذين سيواجههم الله عز وجل في يوم القيامة. كما يشير الحديث إلى أن كل ظالم لديه خصم الله، باستثناء هؤلاء الثلاثة الذين سنستعرضهم لاحقًا، مما يدل على خطورة أفعالهم على حقوق الله.
لقد حدد الله سبحانه وتعالى مجموعة من العبادات التي يجب على الأحرار أدائها، مثل الصدقة والحج والجهاد. ولكنه يعلم أنه من الصعب على العبيد القيام بهذه العبادات كما يفعل الأحرار. لذا، يتوجب على الجميع الوفاء بحق الله تعالى. في هذا المقال، سنقدم شرحًا مفصلًا لحديث “ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة”.
تفاصيل حديث “ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة”
عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: “قال الله ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حراً فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يعط أجره”. وفي السطور التالية، سنوضح هؤلاء الخصوم الذين يتناولهم الحديث.
خصوم الله يوم القيامة
- ذُكر أن هؤلاء الخصوم هم: رجل أعطى بيمينه ثم غدر، ورجل باع إنسانًا حرًا لأغراض نفسية غير مشروعة، ورجل استأجر شخصًا ولم يدفع له أجره.
- يجمع هذا الحديث بين البعدين: الخوف والرجاء. من جانب الخوف، يعبر الله عن عظم خطاياهم، حيث تُعتبر هذه الأفعال من الكبائر. ومن جانب الرجاء، يُظهر الحديث أن الغني والكريم يتحمل الوزر.
رجل أعطى بي ثم غدر
- يشدد العلماء على أن هذه الخيانة تُعد من المحرمات، حيث توعد الله من يقوم بالغدر. ويعني ذلك أن الشخص يُقطع عهده مع الله ويعود فيه بعد أن يحلف به.
- إذا أعطى الإنسان أماناً للآخر وذكر اسم الله خلال ذلك، ثم نقض ما وعد به، يُعتبر بذلك من الخطاة، حيث قال الله تعالى: “الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه…” (البقرة: 27).
- المؤمن الحق لا يغدر، بل يفي بعهد الله، كما جاء في قوله تعالى: “وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم…” (النحل: 91).
- كما ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم أن الغادر سيرفع له لواء يوم القيامة يُقال له: “هذه غدرة فلان بن فلان”.
- تؤكد هذه التصرفات على أهمية النظام والعلاقات القانونية، لذا دعا الله المسلم لمراعاة عهده حتى مع غير المسلمين، حيث يؤدي الغدر إلى انتشار الظلم.
رجل باع حراً فأكل ثمنه
- دنياً، يُعتبر بيع الإنسان الحر من الكبائر، حيث يتم ذلك بغرض تحقيق منافع شخصية. يُعد ذلك انتهاكًا لحقوق الله، حيث خلق الله الإنسان حرًا ولا يجوز لأحد أن يتاجر به.
- بيع الحر يعد تصرفًا غير قانوني بكل المعايير الأخلاقية والدينية، وهو يُعتبر عدوانًا على كرامة الإنسان.
رجل استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يعطه أجره
- هذا يظهر عدم إعطاء الأجر المستحق للعامل، وهو فعل محرم يساهم في الظلم الاجتماعي. يعتبر الشخص الذي يفعل ذلك خصمًا لله في اليوم العظيم.
- يدعو الرسول صلى الله عليه وسلم إلى إعطاء الأجير حقه بسرعة، حيث قال: “أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه”، مما يشير إلى ضرورة احترام حقوق العمال.
- الإسلام يحث أيضًا على حسن التعامل مع العمال وغيرهم من الخدم، ورغم ذلك يجب على الجميع تجنب التكبر أو التمييز بينهم.
- يمكننا أن نستشهد بتجربة أنس بن مالك، حيث خدم رسول الله صلى الله عليه وسلم لعقد من الزمن، دون أن يبدي الرسول أي شكل من أشكال الضيق.
للاطلاع على المزيد حول هذا الموضوع:
مكافحة الظلم في الإسلام
- يُعتبر الظلم من أبشع الأفعال، حيث يُعبر عن عدم احترام حقوق الآخرين. الظلم يتجاوز ما يتطلبه الدين ويؤدي إلى عدم استقرار المجتمع.
- أنواع الظلم تشمل ترك الحقوق وتطبيق الأذى على الآخرين. قال الله تعالى: “وقد خاب من حمل ظلمًا”، مما يدل على عواقب هذا السلوك. غالبًا ما يُمارس الظلم ضد الضعفاء الذين لا يستطيعون الدفاع عن حقوقهم.