تعريف التمييز من الناحية اللغوية والاصطلاحية
التمييز في اللغة يعني فَصل شيء عن آخر، كما ورد في قوله تعالى: {وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُون}، أي انفصلوا عن المؤمنين. أما في الاصطلاح، فقد عرّفه النحاة بأنه اسم نكرة فضلة منصوب يذكر لتوضيح المبهَم سواءً من حيث ذاته أو صفته.
يظهر من هذا التعريف أن التمييز والحال يتشابهان ويختلفان في جوانب معينة. من حيث أوجه الشبه، فإن كليهما منصوب وفضلة ويعمل على توضيح الإبهام. أما أوجه الاختلاف، فإن الحال غالبًا ما يكون مشتقًا من المصدر، في حين أن التمييز في غالب الأحيان يبقى جامدًا وغير مشتق. تركز الحال على توضيح الهيئات بينما يقوم التمييز بتوضيح الذوات وأيضًا جهة النسبة، كما سيأتي تفصيله لاحقًا.
أنواع التمييز في اللغة العربية
يظهر التمييز في كلام العرب على نوعين بناءً على جهة البيان المطلوبة: التمييز المفرد والتمييز الجملة. دعونا نستعرض تفاصيل ذلك:
التمييز المفرد
يُعرف هذا النوع من التمييز عند النحاة باسم “تمييز الذات”، ويكون عبارة عن تفسير لاسم مبهَم مُلفظ. كما في قوله تعالى: {وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا}، حيث جاء الاسم المبهَم وهو “اثْنَيْ عَشَرَ”، والكلمة “نَقِيبًا” توضح وتفسر ذلك الاسم المبهَم. يمكن تقسيم التمييز المفرد إلى خمس حالات بناءً على أنواع الاسم المبهَم الذي يسبقه، كما يلي:
- إذا كان الاسم المبهَم يمثل عددًا، سواء كان العدد صريحًا كقوله تعالى: {إِذ قالَ يوسُفُ لِأَبيهِ يا أَبَتِ إِنّي رَأَيتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوكَبًا}، أو كان مبهَمًا يمثل عددًا غير معروف كما في “كم مقالا كتبت؟”.
- إذا كان الاسم المبهَم دالًا على مقدار يمكن تقديره مثل الكيل كما في “خذ صاعًا شعيرًا”، أو المساحة في “اشتريتُ شِبرًا أرضًا”، أو الوزن في “احمل رطلًا زيتًا”.
- إذا كان الاسم المُبهَم يشبه نوعًا من أنواع المقادير مثل “عندي مدُّ البصر زيتونًا” أو “عندي جَرَّةٌ ذهبًا”، أو في قوله تعالى: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ}.
- يحدث التمييز بعد ما هو مُتَفرِّعٌ عنه، كما في “هذا خاتمٌ فضةً” حيث أن الفضة تمثل الأصل والخاتم مشتقٌ عنه.
التمييز الجملة
يُعرف التمييز الجملة بأنه “تمييز النسبة”، وهو يُفَصِّل جملة مُبهَمة من حيث النسبة. مثال ذلك في قوله تعالى: {وَاشتَعَلَ الرَّأسُ شَيبًا}، ويأتي على حالتين:
المُحوَّل
وهو ما يكون له أصل في الفاعل أو المفعول به أو مبتدأ. كقوله تعالى: {وَاشتَعَلَ الرَّأسُ شَيبًا}، حيث الأصل هو “اشتعل شيبُ الرأس”. وفي المثال الثاني قوله تعالى: {وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونا} حيث الأصل “فجّرنا عيون الأرض”. وفي المثال الثالث قولنا: “خالد أكثر منك طولًا”، حيث الأصل هو “طولُ خالدٍ أكثر”.
غير مُحوَل
ويكون ذلك عندما لا يتحول عن شيء، كما في “أكرمْ بتميمٍ قبيلةً”، و”للهِ درُّكَ عادِلًا”، و”امتلأتْ غرفتي كُتُبًا”. ويذكر ابن هشام أن هذا النوع قليل الاستخدام في اللغة العربية.
إعراب التمييز
التمييز دائمًا منصوب، ولا يتغير إعرابه مهما تم تعديل تركيب الجملة. إليكم أمثلة توضح ذلك:
- جاء أحد عشر طفلًا: طفلًا: تمييز منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره. “تمييز مفرد”.
- كم مسجدًا زرتَ؟ مسجدًا: تمييز منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره. “تمييز مفرد”.
- أتلفتُ صاعًا أرزًا: أرزًا: تمييز منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره. “تمييز مفرد”.
- زرعتُ مِترًا قمحًا: قمحًا: تمييز منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره. “تمييز مفرد”.
- اجلب لنا رطلًا خبزًا: خبزًا: تمييز منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره. “تمييز مفرد”.
- عندي ارتفاعُ الجبل عنبًا: عنبًا: تمييز منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره. “تمييز مفرد”.
- هذا بابٌ خشبًا: خشبًا: تمييز منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره. “تمييز مفرد”.
- سلمى أكثر منكِ سِترًا: سترًا: تمييز منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره. “تمييز جملة”.
- لله درك شاعرًا: شاعرًا: تمييز منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره. “تمييز جملة”.
على هذا، يتضح أن العرب تستخدم التمييز في كلامها لتفسير الأمور المبهمة، مما ينقسم إلى نوعين: تفسير لجملة مبهمة أو توضيح لاسم مُلفظ مبهَم.