ما هو التسونامي؟
تُشتق كلمة “تسونامي” من اللغة اليابانية، حيث تعني “أمواج المرفأ” (بالإنجليزية: Harbor wave). يُعرف التسونامي (بالإنجليزية: Tsunami) بأنه مجموعة من الأمواج الهائلة والعنيفة الناتجة عن انتقال كميات كبيرة جداً من مياه المحيطات نتيجة بعض الظواهر المفاجئة مثل الزلازل. تشبه أمواج التسونامي التموجات الكبيرة التي تحدث في بركة ماء، لكنها تختلف بشكل كبير عن الأمواج التقليدية التي تنتج عن حركة الرياح، وليس لها ارتباط بالمد والجزر الناتج عن حركة القمر. لذا، يُفضل عدم استخدام مصطلح “موجة المد” للتعبير عن التسونامي.
على الرغم من عدم تأثير ظاهرة المد والجزر على نشوء أمواج التسونامي، إلا أنها قد تؤثر على شدتها عند الوصول إلى السواحل؛ إذ أن حدوث التسونامي أثناء فترة المد قد يزيد من قوة الأمواج وقدرتها على اجتياح اليابسة. تمتاز أمواج التسونامي بقوة هائلة وسرعات كبيرة، حيث يمكن أن تُسجل سرعة الأمواج تصل إلى 804 كم في الساعة، وهي سرعة تعادل سرعة الطائرة النفاثة. يُعتبر التسونامي الذي وقع في عام 1960 مثالاً على السرعات العالية، حيث انتقلت موجاته من السواحل التشيلية إلى اليابان في غضون 22 ساعة واستغرقت 15 ساعة للوصول إلى هاواي.
أسباب حدوث التسونامي
تتعدد الأسباب التي تؤدي إلى حدوث التسونامي، والتي تُولد كميات ضخمة من مياه البحار والمحيطات، مما يؤدي لظهور الأمواج العملاقة. يختلف احتمال حدوث التسونامي في مناطق مختلفة بناءً على خصائص الصفائح التكتونية في تلك المناطق، حيث تُعتبر المناطق المحيطة بحوض المحيط الهادئ الأكثر عرضةً لحدوث هذه الظاهرة. من بين الأسباب الرئيسية التي يمكن أن تؤدي إلى حدوث التسونامي:
- الزلازل: تُعتبر الزلازل السبب الأساسي للكثير من حالات التسونامي حول العالم. عندما تحدث الزلازل في قيعان البحار أو المحيطات بفعل تداخل الصفائح التكتونية، يمكن أن تُنتج كميات هائلة من المياه ترتفع بسرعة وقد تؤدي إلى تكوين التسونامي. من المهم ملاحظة أن ليس كل الزلازل تؤدي إلى حدوث تسونامي، ولا تكون التسوناميات دوماً مدمرة.
تشير الدراسات إلى أن تسونامي واحدًا من كل خمسة عشر يتسبب في أضرار كبيرة؛ فمثلاً، في تسونامي عام 2011 الذي شهده اليابان، والذي نتج عن زلزال بقوة تسع درجات على مقياس ريختر، أودى بحياة العديد من الأشخاص وكان له تأثير مدمر كبير، حيث اجتاح الأراضي اليابانية لمسافة عشرة كيلومترات وارتفعت أمواجه لنحو 40 متراً.
- البراكين: تعتبر ثورات البراكين من المسببات المحتملة للظاهرة، ومن الأمثلة الشهيرة على ذلك ثوران بركان كراكاتوا في إندونيسيا عام 1883، الذي أدى إلى تسونامي أودى بحياة أكثر من 120 ألف شخص.
- الانهيارات الأرضية: من الممكن أن تتسبب الانهيارات الأرضية في قيعان البحار والمحيطات في حدوث التسونامي، كما في حالة التسونامي الذي وقع في خليج ليتويا بألاسكا عام 1958، والذي ارتفعت أمواجها إلى 30 متراً.
خصائص التسونامي
تتنوع شدة التسونامي وتأثيره على المناطق الساحلية حسب طبيعة هذه المناطق. في بعض المواقع، قد تكون التأثيرات طفيفة، بينما في مناطق أخرى قد تكون مدمرة. عند وصول قاع الموجة أولًا إلى الساحل، يمكن أن يؤدي ذلك إلى انخفاض ملحوظ في مستوى المياه، بينما إذا وصلت قمة الموجة أولاً، يمكن أن يتسبب ذلك في ارتفاع كبير في مستوى سطح البحر. تشمل الخصائص العامة لأمواج التسونامي ما يلي:
- الطول الموجي: يُعرّف الطول الموجي (بالإنجليزية: Wavelength) بأنه المسافة بين نقطتين متماثلتين بين موجتين متتاليتين. يتراوح الطول الموجي للأمواج العادية بين 100 و200 متر، بينما يمكن أن يصل طول موجات التسونامي إلى 500 كيلومتر.
- ارتفاع الموجة: يُشير مصطلح ارتفاع الموجة (بالإنجليزية: Wave height) إلى المسافة بين قاع الموجة وقمتها.
- سعة الموجة: تمثل السعة المسافة بين قاع الموجة وخط الماء الثابت وتختلف بحسب عمق المياه. عادةً ما تكون سعة الموجة (بالإنجليزية: Wave amplitude) هي نصف ارتفاعها.
- تردد الموجة: يُعرف تردد الموجة (بالإنجليزية: Wave frequency) بأنه الفترة الزمنية التي تحتاجها الموجة لتكرار نفسها. بينما تحتاج الموجات العادية في المحيطات إلى فترة تتراوح من 5 إلى 20 ثانية، قد تحتاج موجات التسونامي إلى فترة بين 10 دقائق وساعتين.
- سرعة الموجة: (بالإنجليزية: Wave velocity)، وتعبر عن السرعة التي تتحرك بها الموجة، حيث تصل سرعة أمواج التسونامي إلى 950 كم في الساعة، بينما تكون سرعة الأمواج العادية في المحيطات حوالي 90 كم في الساعة.
مخاطر التسونامي
يمكن أن تؤدي الظاهرة إلى العديد من المخاطر والأضرار التي قد تشمل الأفراد والممتلكات. تعتبر الأمواج الهائلة الناتجة عن التسونامي أبرز هذه المخاطر، والتي تمثل الأضرار الرئيسية. يمكن أن تشمل الأضرار الناتجة عن التسونامي أيضًا حطام يحمل عبر الأمواج، مما يمكن أن يتسبب في انهيار البنية التحتية على الشواطئ. كما قد يتسبب التسونامي في قطع الإمدادات الكهربائية والغازية، مما قد يؤدي إلى اندلاع حرائق. بالإضافة إلى ذلك، قد يُهدد الأمن الغذائي من خلال تدمير المحاصيل، مما يعرض البشر للمجاعات والأمراض.
التنبؤ بحدوث التسونامي
قد يتمكن الأفراد القريبون من الشاطئ من التنبؤ بحدوث تسونامي من خلال ملاحظة بعض العلامات غير الاعتيادية، مثل سماع صوت هدير قوي يشبه صوت الطائرة أو القطار، أو انخفاض غير طبيعي في مستوى سطح البحر. لذا، من المهم في مثل هذه الحالات مغادرة المناطق الساحلية والابتعاد نحو أماكن مرتفعة. وبالنسبة للتنبؤ العلمي، تتوفر عدة أنظمة لرصد التغيرات المائية. من هذه الأنظمة:
مقياس المد والجزر
يعرف هذا النظام (بالإنجليزية: Tide gauge) بتقييم مستوى ارتفاع بحر السطح، حيث يعمل بواسطة أنابيب عمودية مغمورة في المياه، مما يمكنه قياس تغيرات المستوى بدقة تصل إلى 1 مم.
الأقمار الصناعية
يمكن التنبؤ بالتسونامي عبر تقنيات الأقمار الصناعية التي تعتمد على إرسال نبضات كهرومغناطيسية إلى سطح المحيطات، متبعةً الزمن اللازم لقياس مستوى المياه.
نظام DART
يعتبر نظام DART (بالإنجليزية: Deep-ocean Assessment and Reporting of Tsunamis) تقييماً شاملاً لقياس الضغط في أعماق المحيطات وينقل البيانات إلى مراكز التحذير، وقد تم استخدامه منذ عام 1995 من قِبل الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA).
أبرز حوادث التسونامي
شهد التاريخ العديد من كوارث التسونامي المدمرة منذ العصور القديمة وحتى اليوم. ففي عام 365 ميلادياً، حدث تسونامي أثر على مناطق البحر الأبيض المتوسط، مما أسفر عن وفاة الآلاف. كما أدى ثوران بركان كراكاتوا عام 1883 إلى تسونامي مدمر أودى بحياة أكثر من 36 ألف شخص.
وتجدر الإشارة أيضاً إلى التسونامي الذي وقع في عام 2004، حيث شهدت سواحل سريلانكا والهند وتايلاند وجزر المالديف أمواجًا مدمرة بعد الزلزال الذي وقع في إندونيسيا، والذي أدى إلى وفاة أكثر من 200 ألف شخص. كما وقع تسونامي آخر في عام 2011 في اليابان، الذي كان له تأثير دمار هائل.
كيفية التصرف عند حدوث تسونامي
في حال كان الشخص في منطقة معرضة لخطر حدوث التسونامي، عليه اتباع عدة إجراءات لضمان سلامته، مثل:
- التوجه إلى أماكن مرتفعة بدلاً من البقاء في المناطق الساحلية المنخفضة.
- البقاء بعيدًا عن مناطق الخطر حتى يتم التأكيد من زوال الخطر.
- الحذر عند رؤية علامات تدل على احتمال حدوث تسونامي مثل انخفاض منسوب المياه.
- عدم الانخداع بالمظهر الأولي لأمواج التسونامي.
- تجنب التوجه إلى الشواطئ أثناء حدوث التسونامي.
- التعاون مع السلطات المختصة في إدارة الطوارئ.
- الابتعاد عن المباني في المناطق الساحلية المنخفضة.
- متابعة الأخبار ووسائل الإعلام لتلقي المعلومات الهامة عن التسونامي.