الخلافة الإسلامية
بدأت الرسالة الإسلامية عند بعثة الله عز وجل للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، الذي سعى لتبليغ هذه الرسالة لنشر توحيد الله وعبادته وحده. وبما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان بشراً، فإن وفاته كانت حتمية، حيث توفي عام 11 هجري. وقد تباينت ردود فعل الناس حيال وفاته بين مصدق ومكذب، ومن هنا بدأت الخلافة الإسلامية.
تاريخ الخلافة الإسلامية مر بمراحل وفترات متعددة، بعضها ازدهر وقوي، حيث عاشت الأمة الإسلامية أوقات قوة، بينما تعرضت أيضًا لفترات ضعف وانحسار. لذا، سنسرد جزءًا من تاريخ الخلافة الإسلامية في هذا المقال، علمًا أن الموضوع يحتاج إلى مجلدات عدة لإيفائه حقه.
الخلافة الراشدة
بدأت الخلافة الراشدة عقب وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وتولاها:
الخليفة أبو بكر الصديق رضي الله عنه
توجت الخلافة الإسلامية بأبي بكر الصديق رضي الله عنه كأول الخلفاء الراشدين، واستمرت خلافته حتى جمادى الآخرة سنة 13 للهجرة. بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، انتاب الناس الحزن والذهول، لكن الله سبحانه وتعالى ثبّت أبا بكر، الذي خرج ليخاطب الناس قائلاً: “أما بعد، فمن كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حيٌ لا يموت”، ثم تلا قوله تعالى: “وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل، أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم”. مما ساعد في تهدئة النفوس، واتفقت الأمة على تسليم زمام الأمور لأبي بكر الصديق.
حين تولى أبو بكر الخلافة، واجه فتنة ردة بعض المسلمين، لكنه قرر إكمال مسيرة النبي صلى الله عليه وسلم، حيث أرسل جيشاً إلى بلاد الروم تحت قيادة أسامة بن زيد، والذي كان له أثر كبير في تعزيز نفوس المسلمين بعد أن حققوا انتصارًا ملحوظًا. كما قام أبو بكر بإرسال جيوش لمحاربة المرتدين، وتمكنوا من القضاء عليهم وإعلاء كلمة الله.
بعد المعارك التي خاضها الصحابة ضد المرتدين، استشهد العديد من الحفاظ على القرآن الكريم، مما أثار مخاوف عمر بن الخطاب من اختفاء جميع الحفاظ. لذا، عرض مشورته على أبي بكر بجمع القرآن الكريم. وقد شرح الله صدر أبي بكر لهذا الأمر، وكلف زيد بن ثابت بجمع القرآن، ثم تابع أبو بكر إرسال الجيوش لفتح البلاد ونشر الإسلام.
الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه
بعد أبي بكر، تولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه الخلافة بتفويض من أبي بكر، حيث تم بيعته من قبل الناس واستمرت خلافته حتى سنة 23 للهجرة. وتابع عمر الفتوحات الإسلامية في العديد من المناطق، ومن أبرزها فتح القدس ودمشق ومصر.
تميزت فترة حكم عمر بن الخطاب بالعدل والمساواة، حيث كان يتمنى الموت في ساحة المعركة، ولكن قضاء الله قضى بأن يلقى ربه في فراشه بسبب طعنة من أبي لؤلؤة المجوسي.
الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه
بعد عمر، تولى عثمان بن عفان الخلافة حتى عام 35 للهجرة. وكان عثمان يُلقب بذي النورين لتزوجه من ابنتين للنبي محمد صلى الله عليه وسلم. واستمر في تقليد أسلافه بإرسال الجيوش لفتح البلاد غير المسلمة وتعليمهم الإسلام.
كما قام بنسخ المصحف الذي تم جمعه في عهد أبي بكر الصديق، وأرسل نسخًا منه إلى مختلف البلاد الإسلامية.
الخليفة علي بن أبي طالب رضي الله عنه
بعد مقتل عثمان، بايع الناس علي بن أبي طالب خليفةً للمسلمين، باستثناء معاوية بن أبي سفيان في الشام. ومع ظهور العديد من الفتن في عهده، ذهب ضحيتها الكثير من الأرواح، وظهرت حركة الخوارج. استمرت خلافة علي رضي الله عنه حتى عام 40 للهجرة، حيث اغتيل قبل صلاة الفجر أثناء توجهه لإيقاظ الناس.
الخلافة الأموية
الخليفة معاوية بن أبي سفيان
بعد وفاة علي بن أبي طالب، بايع أهل المدينة الحسن بن علي، إلا أنه تنازل لمعاوية بن أبي سفيان تحاشيًا لإراقة الدماء، ومن هنا بدأت الخلافة الأموية، التي استمرت حتى عام 60 للهجرة. كان معاوية فقيهًا وصاحب رؤية، حيث اقترح إنشاء أسطول بحري إسلامي في عهد عثمان، وساهم في إعادة الأمن إلى البلاد.
حاول معاوية تمرير الحكم لابنه يزيد قبل وفاته، مما أدى إلى تدهور العلاقات مع الحسن والحسين.
الخليفة يزيد بن معاوية
استمرت خلافة يزيد بن معاوية حتى عام 64 للهجرة.
الخليفة عبد الله بن الزبير
خلف يزيد ابنه معاوية، لكن ضعف موقفه أدى إلى تولي عبد الله بن الزبير الخلافة حتى عام 86 للهجرة. شهدت فترة حكمه صراعات مع مروان بن الحكم الذي بايعه الناس في الشام، إلا أن مروان توفي، وبايع أهل الشام ابنه عبد الملك بن مروان، الذي تمكن أخيراً من السيطرة على البلاد.
الخليفة الوليد بن عبد الملك
تولى الوليد بن عبد الملك الخلافة بعد عبد الملك، واستمرت خلافته حتى عام 96 للهجرة.
الخليفة عمر بن عبد العزيز
ثم تولى عمر بن عبد العزيز الحكم حتى عام 101 للهجرة، حيث عُدّ من الخلفاء الراشدين بسبب تشابهه معهم.
بعد وفاة عمر بن عبد العزيز بسبب السم الذي وضعه له غلامه، تولى يزيد بن عبد الملك حتى عام 105 للهجرة، واتبعه هشام بن عبد الملك حتى عام 125 للهجرة، ثم الوليد بن يزيد بن عبد الملك حتى عام 126 للهجرة، الذي لم تستمر خلافته طويلاً. ثم تولى يزيد بن الوليد بن عبد الملك الخلافة، وتوفي بعد شهور بسبب الطاعون. وآلت الخلافة إلى مروان بن محمد والتي استمرت حتى عام 132 للهجرة.
لقد كانت فترة الأمويين فترة ازدهار حيث سُجّلت كلمة التوحيد في كل أرجاء الأرض، ورغم المحاولات المتعددة للخلع على الحكم، فإنها انتهت بالفشل.
الخلافة العباسية
انتقلت الخلافة إلى العباسيين في عام 132 للهجرة، وكان أول الخلفاء العباسيين عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس. شهدت الدولة العباسية مراحل من القوة والضعف، حيث كانت الفترة الأولى من الخلافة العباسية فترة ازدهار، ولكنها بدأت بالتدهور في المرحلة التالية مع ظهور حركات وفرق غير إسلامية.
بعد انهيار الخلافة العباسية، تسلمت الدولة الفاطمية زمام الحكم في البلاد الإسلامية.