تاريخ الأردن في العصر الحجري
يمتاز موقع الأردن الاستراتيجي ومناخه الملائم بأنه كان موطنًا للحضارات القديمة على مر العصور، بدءًا من العصر الحجري القديم (500,000 إلى 14,000 قبل الميلاد) مرورًا بالعصر الحجري الأوسط (14,000 إلى 8,000 قبل الميلاد) وصولاً إلى العصر الحجري الحديث (8,000 إلى 4,500 قبل الميلاد). وقد تشكّلت آثار الإنسان في العديد من المناطق داخل الأردن، مما يؤكد وجود الإنسان في تلك الفترات. وبحلول العصر الحجري الحديث، بدأ الأردن يشهد تطورًا ملحوظًا في الزراعة وتربية الحيوانات، حيث برزت بعض التجمعات والقرى الزراعية الصغيرة، على سبيل المثال: قرية عين غزال الواقعة في جنوب شرق عمان.
الأردن في العصر النحاسي
تغطي هذه الفترة الزمنية من 4,500 إلى 3,300 قبل الميلاد حيث استمر تطور الأردن. تم اكتشاف النحاس واستُخدم في صناعة العديد من الأدوات كالمناجل والفؤوس. كما ظهرت تقنيات الفخار المتنوعة في الألوان حسب الاستخدامات. بالإضافة إلى ذلك، تم تأسيس بعض البلدات المستقرة مثل وادي فينان في منطقة الطفيلة.
الأردن في العصر الحديدي
تُشير هذه الفترة إلى ما بين 3,300 إلى 300 قبل الميلاد، حيث كان يُعرف الأردن في البداية ببلاد عبر الأردن (بالإنجليزية: Trans Jordan)، ثم تغيرت أسماؤه تبعًا للممالك الساكنة فيه والمناطق الجغرافية. وقعت على أراضي الأردن ثلاث ممالك عربية رئيسية، وهي:
المملكة الأدومية
استقر الأدوميون في الأردن، وكانت عاصمتهم بصيرا، الحالية في منطقة الطفيلة. شملت مملكة الأدوميين مناطق الشراة ووادي عربة والبادية الشرقية، بالإضافة إلى خليج البحر الأحمر (مدينة العقبة حاليًا). تألفت المملكة من عدة قبائل تحت قيادة شيخ يُدعى شيخ المشايخ، وتطورت حتى أصبح الشيخ يتولى حكم البلاد، وبرزت قوتهم البحرية والبرية، مستفيدين من القوافل التجارية والموارد الزراعية والرعوية. كان نظام الحكم في المملكة الأدومية وراثيًا.
المملكة المؤابية
نبث المؤابيون في الأردن، وكان مركزهم ديبون شمال وادي الموجب، وانتقلت العاصمة لاحقًا إلى قبر حارسة (الكرك حاليًا) خلال حكم الملك ميشع. كانت الكرك وذيبان أبرز مدن المملكة، وقد حقق الملك ميشع انتصارات هامة مدونة على حجر ذريبان، وعبر الزمن، أصبحت مملكة مؤاب ولاية بابلية في عهد الملك نبوخذ نصر.
المملكة العمونية
استوطن العمونيون شمال ووسط الأردن، وكانت عمون أو ربة عمون (مدينة عمان الحالية) عاصمتهم. امتد حكمهم إلى بلاد كنعان (فلسطين)، قبل أن تحتلها البابليون، ثم انتهى الحكم البابلي على يد الفرس الذين جعلوا الأردن تحت نفوذهم حتى وصول الإسكندر الأكبر الذي أعلن سيادة اليونان على المنطقة.
الأردن في الفترة اليونانية
تشير هذه الفترة من 300 إلى 30 قبل الميلاد، إلى فترة احتلال اليونانيين لعمون، إحدى المناطق المهمة، إذ أعادوا بناءها وأطلقوا عليها اسم فيلادلفيا. شهدت ربة عمون تطورًا كبيرًا في الحكم اليوناني، حيث أصبحت واحدة من مدن التحالف العشر، وحاصر الملك أنطيوخس الثالث المدينة لفترة طويلة حتى نجح في احتلالها. استمر الحكم اليوناني نحو مائة عام تقريبًا حتى جاء الأنباط وطردوا اليونانيين.
العرب الأنباط
بدأ حكم الأنباط بعد سيطرتهم على الدولة الأدومية في جنوب الأردن، إذ ازدهرت مملكتهم وأصبحت واحدة من القوى البارزة في المنطقة، وقد تضمنت مناطق صخرية وواحات خصبة، وكان مركزهم مدينة البتراء، التي تقع حاليًا في وادي موسى. تختلف الطبقات الاجتماعية للأحباء إلى الأرستقراطية العربية، المواطنين الأحرار، العبيد، وفئة الأجانب؛ حيث كانت مملكة الأنباط من أولى الممالك التي سيطرت على الأردن، حتى جاءت الرومانيون واحتلوا المنطقة بقيادة القائد تراجان.
الأردن في العصر الروماني
تستمر هذه الفترة من 63 قبل الميلاد حتى 630 ميلادي، حيث استمر الاحتلال الروماني في الأردن ومناطق مجاورة له لما يقارب الأربعمائة عام. تم تشكيل اتحاد المدن العشر (الديكابوليس) خلال هذه الحقبة، حيث شمل العديد من المدن اليونانية مثل فيلادلفيا وجراسا وجدارا وأرابيلا. أعاد الرومان بناء المدن التي تضررت أثناء الحروب، وبنوا الكنائس المسيحية وزينوها بالفسيفساء، وأبرزها تلك الموجودة في مدينة مأدبا. شهد الأردن فترة ازدهار كبيرة تحت الحكم الروماني واستمر حتى انتهى المسلمون من السيطرة الرومانية.
الأردن في العصور الإسلامية
تمكن المسلمون من السيطرة على الأردن عقب انتصاراتهم في معركة اليرموك ومعركة مؤتة، وتم تقسيم منطقة بلاد الشام إلى قطاعات عسكرية تُعرف بالأجناد. خلال عهد الخليفة عمر بن الخطاب، انتشر مرض الطاعون والذي أودى بحياة العديد من القادة المسلمين الذين دفنوا في الأردن، كالقائد أبو عبيدة عامر بن الجراح المدفون في غور الأردن. تولى معاوية بن أبي سفيان ولاية بلاد الشام واستمر كذلك خلال خلافتي عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب حتى تأسيس الدولة الأموية ومن بعدها الدولة العباسية.
الدولة الأموية
امتدت فترة حكمها من 660 إلى 750 ميلادي، حيث أسس معاوية بن أبي سفيان الدولة الأموية وعاصمتها دمشق، ونظرًا لموقع الأردن proximity الجغرافي، ازدهرت الحياة فيه وأصبح طريقًا للحجاج، ومع تطور الحياة، تم بناء المدن والقصور وتوسعت التجارة، مع تحول الكتابة العربية لتحل محل اليونانية وأصبحت اللغة الرسمية للبلاد.
الدولة العباسية
تأسست الدولة العباسية من 750 إلى 1258 ميلادي بعد هزيمة الأمويين على يد أبي العباس الذين نسبوا اسمهم إلى العباس عم الرسول. تم نقل مركز الخلافة إلى بغداد، مما أدى إلى تراجع أهمية الأردن نتيجة البعد عن مركز الحكم الجديد.
الأردن في زمن الحكم العثماني
تحت السيطرة العثمانية بعد هزيمة المماليك، تم تقسيم بلاد الشام إلى ثلاث ولايات، حيث تبع شرق الأردن لدمشق، ومع ذلك، عانت المنطقة من الإهمال نظرًا لكونها ليست طريقًا رئيسيًا للحجاج. خلال القرن التاسع عشر، تسلّمت القبائل البدوية زمام الأمور في الأردن، وأسست العثمانيون إمارة للحج في الأردن، بما في ذلك بناء القلاع لحماية الحجاج مثل قصر قطرانة وقلعة الحسا. ثم جرى إنشاء سكة حديد الحجاز عام 1900 من دمشق إلى المدينة المنورة مرورًا بشرقي الأردن. ومع تدهور الدولة العثمانية وتعاظم الأزمات الأمنية، عانى الأردن من إهمال فادح في مجالات التعليم والصحة، مما أدى إلى تفشي الجهل والأمية حتى حدوث الثورة العربية الكبرى وظهور الحكم الهاشمي في البلاد.