الفلاحة والصناعة في المغرب: تحليل شامل لقطاعي الزراعة والصناعة

الزراعة في المغرب

يُعتبر القطاع الزراعي في المغرب أحد الأعمدة الأساسية للاقتصاد، حيث يسهم بنحو 14-20٪ من الناتج المحلي الإجمالي. ويعمل حوالي 43٪ من إجمالي القوى العاملة في هذا القطاع في المناطق الريفية، ويصل معدل العمالة في تلك المناطق إلى 78٪. تجدر الإشارة إلى أن 80٪ من الأراضي الزراعية تقع في مناطق جافة أو شبه جافة، في حين لا تزيد نسبة الأراضي المروية عن 15٪.

تنقسم المساحة الصالحة للزراعة في المغرب إلى 98,950 كم2، أي ما يعادل 22.1٪ من إجمالي مساحة البلاد. على الرغم من أن 42٪ من هذه الأراضي تُعتبر أراضي جافة بسبب انخفاض معدلات الأمطار إلى أقل من 400 ملم، إلا أن إنتاج الحبوب والماشية يعتبران ركيزتين أساسيتين في هذا النظام الزراعي. وتستخدم هذه الأراضي في زراعة عدة محاصيل، كما يلي:

  • ٪43 محاصيل الحبوب.
  • ٪7 محاصيل متنوعة تشمل الزيتون، اللوز، الحمضيات، العنب، والتمر.
  • ٪3 البقوليات.
  • ٪2 الأعلاف.
  • ٪2 الخضراوات.
  • ٪2 البذور الزيتية والمحاصيل الصناعية مثل الشمندر السكري وقصب السكر والقطن.

أنواع الزراعة في المغرب

يمكن تصنيف الزراعة في المغرب إلى نوعين رئيسيين:

  • الزراعة التقليدية: تعتمد على المزارع الصغيرة في المناطق البعلية، والتي تعتمد أساساً على مياه الأمطار. يشمل إنتاج هذا النوع من الزراعة الحبوب والبقوليات، إضافة إلى تربية الماشية.
  • زراعة السوق: تتركز في المناطق المروية. على الرغم من أن هذه الزراعة تغطي نسبة صغيرة من المساحات الزراعية، إلا أنها تسهم بنحو 45٪ من الناتج المحلي الإجمالي و75٪ من الصادرات الزراعية، مما يعكس تكامل نظام المحاصيل والمواشي الذي يُعد مصدر دخل رئيسي للعديد من الأسر الريفية.

يتبع 44٪ من سكان المغرب أسلوب الزراعة الكفاف التقليدية، مما يعني أنهم يعتمدون بشكل كلي على هطول الأمطار في إنتاجهم الزراعي. وبالتالي، يرتبط إجمالي الناتج الزراعي ارتباطاً وثيقاً بمتوسط هطول الأمطار السنوي. لذا، فإن انخفاض معدلات هطول الأمطار يؤثر سلباً على الإنتاج الزراعي، مما يشكل تحدياً للاقتصاد. لذلك، يُعتبر المناخ المعتدل ومعدلات الأمطار الكافية من العوامل الأساسية لتطوير قطاع الزراعة في المغرب.

تم بناء العديد من السدود ومشاريع الري على الأنهار الرئيسية في المغرب، بما في ذلك نهر سبو في الشمال الغربي الذي يمثل مع روافده حوالي 45٪ من الموارد المائية في البلاد. وفي المناطق الريفية، تُستخدم الينابيع والآبار، بالإضافة إلى تحويل مجاري المياه من التلال والتخزين في السدود الحديثة.

التحديات التي تواجه الزراعة في المغرب

يعتبر تغير المناخ وازدياد الجفاف من التحديات الرئيسية التي تواجه الزراعة في المغرب. عانى المغرب من فترات جفاف دورية كل ثلاث سنوات، ومن المتوقع أن تزيد درجات الحرارة بمقدار ثلاث درجات مئوية بحلول عام 2050، بالإضافة إلى انخفاض في معدلات هطول الأمطار بنسبة 10٪. وبذلك، سيؤدي ذلك إلى زيادة الطلب على المياه بمقدار 6 مرات، مما يؤثر سلباً على معظم الأراضي الزراعية في المناطق ذات معدلات الأمطار المنخفضة. استجابة لهذه التهديدات، تسعى الحكومة إلى تحلية مياه البحر للاستخدام الزراعي تقليلاً لمخاطر تغير المناخ.

تؤدي فترات الجفاف الطويلة إلى تدهور وضع التربة؛ إذ يُهدد التصحر حوالي 80٪ من الأراضي في المغرب، بينما يتأثر نصفها تقريباً بفعل تآكل التربة. بالإضافة إلى ذلك، يزيد عدد السكان من الضغط على الموارد، مما يؤدي إلى إزالة الغطاء النباتي الطبيعي وتلوث المياه بسبب زيادة الترسب والطمي. لذا، تسعى الحكومة إلى معالجة هذه القضايا من خلال:

  • تعزيز بنية الري التحتية.
  • تشجيع زراعة المحاصيل المقاومة للجفاف.
  • الحد من الحراثة المكثفة التي أدت إلى فقدان المواد العضوية في التربة.

الصناعة في المغرب

يلعب القطاع الصناعي دوراً حيوياً في تعزيز اقتصاد البلاد، حيث يُساهم بنحو 21٪ من صادرات الدولة والتحويلات المالية. يتميز المغرب بمجموعة متنوعة من الصناعات، أبرزها الطاقة المتجددة وصناعة الطيران، وصناعة السيارات، والإلكترونيات، بالإضافة إلى الصناعات المتعلقة بالمنسوجات، الأغذية، الأدوية، والتعدين.

قبل أربع سنوات، أطلقت المغرب سياسة صناعية جديدة تُعرف بخطة التسريع الصناعي، والتي تهدف إلى رفع مساهمة القطاع الصناعي من 14٪ إلى 23٪ من الناتج المحلي بحلول عام 2030، بالإضافة إلى خلق 500,000 فرصة عمل جديدة. كما عملت المغرب على تطوير رؤية شاملة تجمع بين تطوير السوق المحلي وتوسيع نطاق التصدير لاستغلال إمكانات النمو بشكل أفضل وتحقيق استدامة اقتصادية.

القطاعات الصناعية في المغرب

فيما يلي تفاصيل لبعض القطاعات الصناعية في المغرب:

  • صناعة معالجة الأغذية: تُعد ثاني أكبر صناعة في المغرب بفضل المناخ المعتدل والتربة الخصبة والموارد المائية الوفيرة.
  • صناعة التعدين: لهذه الصناعة تأثير عميق على الاقتصاد الوطني نظراً لأن المغرب هو ثاني أكبر منتج للفوسفات على مستوى العالم، حيث يمتلك حوالي 75٪ من الاحتياطيات العالمية.
  • الطاقة المتجددة: اتجه المغرب نحو تنويع مصادر الطاقة، حيث زادت مساهمة الطاقات البديلة لتصل إلى 42٪ من إجمالي الطاقة الكهربائية في عام 2020. ومن المتوقع أن يستثمر المغرب حوالي 54 مليار دولار أسترالي في مشاريع جديدة لتطوير قطاع الطاقة بحلول عام 2030.
  • قطاع الطيران: يعتبر هذا القطاع عنصراً أساسياً في خطة التسريع الصناعي، حيث زادت الاستثمارات من قبل الشركات العالمية بنسبة 18٪ في عام 2017 مقارنةً بعام 2016. كانت التوقعات تشير إلى توليد مبيعات قدرها 2.8 مليار دولار وخلق 23,000 فرصة عمل بحلول عام 2020.
  • قطاع السيارات: يتصدر هذا القطاع قائمة القطاعات الصناعية بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بفضل التوقعات الإيجابية حول الإنتاج والنمو، بالإضافة إلى انخفاض تكاليف العمالة وبيئات العمل المواتية.

التحديات التي تواجه الصناعة في المغرب

تواجه الصناعة المغربية عدة تحديات تتعلق بالمنافسة، خاصة في سعيها لتكون مركز التصنيع الأبرز في إفريقيا. تشمل هذه التحديات ما يلي:

  • التوجه الاستثماري المتزايد من الدول مثل الصين وأوروبا ودول مجلس التعاون الخليجي نحو تنويع اقتصاداتها، مما يؤثر سلباً على جذب الاستثمارات إلى المغرب.
  • التأثيرات الناجمة عن الصراعات السياسية في شمال إفريقيا التي تحد من الفرص التجارية مع بعض دول القارة.
  • ارتفاع الرسوم الجمركية على الحواجز التجارية نتيجة السياسات الحمائية في دول أفريقيا الجنوبية، مما يعيق توسع التجارة المغربية مع تلك الدول.

أثر الصناعة على الزراعة في المغرب

تشكل الصناعة نحو سدس الناتج المحلي الإجمالي للمغرب، وهي تسهم بشكل فعال في النمو الاقتصادي. تشمل الصناعات الرئيسية معالجة المواد الخام للتصدير وتصنيع السلع الاستهلاكية للسوق المحلية. إلى جانب ذلك، نمت العديد من الصناعات منذ أوائل الثمانينات مثل المنسوجات والسلع الجلدية وتكرير النفط وأجهزة الكمبيوتر والإلكترونيات وصناعة الطيران. ومع ذلك، أدى ظهور هذه القطاعات الجديدة إلى تقليل الاعتماد على القطاع الزراعي، وفتح المجال لمزيد من التركيز على الصناعة.

Scroll to Top