مُقدّمة
عاشَت الأمّة الإسلامية أبهى عصورها أثناء فترة الخلافة الإسلامية، حيثُ سادت العدالة والمساواة بين أفرادها، ولم تتعالَ على أيّ فئة سواء كانت عربية أو غير عربية. وازدهرت الثقافة والعلم والاقتصاد في الوقت الذي كانت فيه أوروبا غارقةً في الجهل والفقر. تُعد فترة الحكم العثماني واحدة من أهم المحطّات في تاريخ الأمة الإسلامية، ويُعتبر الخليفة محمد الفاتح، المعروف بلقب “الفاتح”، من أفضل الحكّام العثمانيين.
السُلطان مُحمّد الفاتح
السُلطان محمد خان الفاتح هو ابن السّلطان مراد الثاني، وُلِدَ عام 833 هـ الموافق لعام 1429 م. وكان في المرتبة السابعة ضمن سلسلة السلاطين العثمانيين. تولّى محمد الفاتح الخلافة في سن الثانية والعشرين بعد أن تنازل له والده مراد الثاني عن العرش، وكان ذلك في عام 855 هـ.
شخصيّة محمد الفاتح
امتاز السُلطان محمد الفاتح بالقوة والعدل، وهاتان الصفتان لا تجتمعان إلا في شخصٍ يسعى للحق ويمتثل للهدى والدين. لم تؤثر عليه القوة أو السلطة في تحقيق العدالة بين الناس. كان أيضًا بارعًا في الشؤون العسكرية، ويمتلك نظرة ثاقبة في التخطيط الاستراتيجي، مما ساهم في نجاحه في فتح مدينة القسطنطينية، حيث أطلق عليه لقب “الفاتح” بسبب هذا الإنجاز.
فتح القسطنطينيّة
كانت القسطنطنيّة تُعتبر المعقل الاستراتيجي للإمبراطورية البيزنطيّة، ودافعةً للحروب الصليبية ضد المسلمين. اكتسبت المدينة أهمية كبيرة في نظر السُلطان محمد الفاتح، وكانت قد أُسست عام 330 م على يد الإمبراطور البيزنطي قسطنطين الأول. وقد اتخذها البيزنطيون عاصمةً لهم وسُمّيت بهذا الاسم تيمناً به.
جهود السُلطان محمد الفاتح لفتح القسطنطينيّة
كانت بشارة النبي – صلى الله عليه وسلم – لفاتح القسطنطينيّة عاملاً رئيسيًا في سعي خلفاء المسلمين نحوها، حيث قال النبي في الحديث المروي عند أحمد: “لتُفتحنّ القسطنطينيّة على يد رجلٍ، فلنعم الأمير أميرها، ولنعم الجيش ذلك الجيش”. نظم السُلطان محمد الفاتح جيش المسلمين بناءً على هذا الحديث، وعمل على تجهيزهم بالإيمان وروح الجهاد، مستعينًا بالتوكل على الله عز وجل.
أعد السُلطان محمد الفاتح أكثر من أربعمائة سفينة للحرب، وعقد اتفاقيات مع الأعداء لتقليل عدد الجهات التي يتعين محاربتها، ثم انطلق نحو القسطنطينية المطوّقة بين المياه من ثلاث جهات: مضيق البسفور وبحر مرمرة والقرن الذهبي. رغم التحديات، أنعم الله عليه بالنصر، مما جعله يُلقب بالفاتح.
وفاته
توفي السُلطان محمد الفاتح بن مراد الثاني في عام 886 هـ، الموافق لعام 1481 م، بعد أن قضى 31 عامًا في الحكم. ووفاته كانت قد حدثت عن عمر ناهز 53 عامًا بعد معاناةٍ من مرض شديد في مدينة أزنكميد.