تطور النثر في العصر الأموي والعباسي
شهدت فنون النثر في العصرين الأموي والعباسي تنوعًا ملحوظًا، يمكن تلخيصه كما يلي:
النثر في العصر الأموي
تسجل أشكال النثر في العصر الأموي تطورًا كبيرًا، حيث برز فن الخطابة كأحد أبرز مجالات الأدب، تأثرًا بالخلافات السياسية بين بني أمية وبني هاشم وطوائف المسلمين الأخرى. لذلك، أصبح فن الخطابة محط اهتمام في تلك الفترة.
أنماط النثر في العصر الأموي
تعددت الأشكال النثرية في العصر الأموي، ومن بين هذه الأنماط:
الخطابة
تميزت الخطابة خلال العصر الأموي بتنافس الخطباء في إلقاء خطب مختلفة، سواء كانت في المناسبات الدينية أو الخطبة الأسبوعية يوم الجمعة. وكان الهدف هو إظهار الفصاحة وقوة التأثير في نفوس المستمعين، من حيث الوعظ والإرشاد. تم اعتماد أسلوب المناظرة والمحاورة، مما ساهم في تطوير فن الخطابة ومكانته في ذلك الوقت.
الدواوين
يُعتبر عمر بن الخطاب هو أول من بدأ في تسجيل الدواوين في عصر الإسلام. في العصر الأموي، وتحديدًا خلال فترة حكم معاوية بن أبي سفيان، تم إنشاء ديوان الرسائل، حيث كان يكتب فيه أوامر الخلفاء والولاة، وكذلك ديوان الخاتم الذي استخدم لضمان عدم تغيير الرسائل عند تسليمها.
الكتابة
قبل ظهور الإسلام، كان العديد من العرب أُميين لا يجيدون القراءة والكتابة. ولكن، مع ظهور الإسلام وتحديدًا في العصر الأموي، شهد العرب تطورًا ملحوظًا في مجال الكتابة. حيث بدأوا بتدوين تاريخهم وثقافتهم، وتوثيق أخبار الجاهلية وتاريخ الإسلام بالإضافة إلى خطب ووقائع الخلفاء الراشدين.
كما انتشر تسجيل شؤون الدول المفتوحة ونظمها السياسية، وتكون جيل من الكتاب في مدينتي الكوفة والبصرة، ومن أبرز هؤلاء الكتاب هو أبو عمرو بن العلاء.
النثر في العصر العباسي
تحقق تطور ملحوظ في النثر خلال العصر العباسي، وذلك بفضل العديد من العوامل التي ساهمت في هذا التطور، ومنها:
- دعم الخلفاء والأمراء للأدب، مما عزز من مكانة الكتاب ودفعهم للتنافس في مختلف أشكال النثر الأدبي.
- تواصل العرب مع الحضارات الأخرى، مثل الفارسية والهندية واليونانية.
- استقرار وزيادة العمران في العصر العباسي مما ساهم في ازدهار الثقافة والأدب.
أنماط النثر في العصر العباسي
تتنوع فنون الأدب النثري في العصر العباسي، ومنها:
فن الوصايا
مال فن الوصايا في العصر العباسي إلى العقلانية والهدوء، إذ تُعتبر كلمات حكيمة تتضمن نصائح من شخص ذو خبرة، وغالبًا ما يكون شيخًا كبيرًا.
تتجلى الخصائص الأدبية لجنس الوصايا في:
- وضوح العبارات وقصرها.
- الدقة ووضوح المعاني.
- استخدام الإطناب والترادف والتعليل والإيقاع الموسيقي المتناغم.
- تنوع الأساليب بين الخبرية والإنشائية.
فن الخطابة
تأخذ الخطابة دورها في مجالس الخلفاء والوزراء، حيث تنوعت أنواع الخطابة بين تهنئة ومدح، إلى جانب خطب الإرشاد والوعظ. كان للخطباء تأثير كبير في المجتمع، ويعتبرون من طبقة النخبة، وكان من بينهم شخصيات بارزة مثل الإمام ابن الجوزي والمأمون.
فن التوقيعات
برز فن التوقيعات كعبارات بلاغية موجزة تُوقع من قِبل الملوك ووزرائهم. استخدمت هذه التوقيعات في شتى المجالات، بما في ذلك الشكاوى ورفع الظلم، وانتشرت بشكل واسع في المصادر التاريخية والأدبية.
مثال على ذلك، ما قاله طاهر بن الحسين للعباس بن موسى الهادي:
وليس أخو الحاجات من بات نائماً
ولكن أخوها من يبيت على وجل
فن المقامات
يمثل فن المقامات مجموعة من الأحاديث التي تُلقى في التجمعات، ويعتبر بديع الزمان الهمذاني هو أول من أطلق مصطلح “مقامة”. ازدهرت المقامات خلال العصر العباسي، وأُسست على قواعد أساسية تنظم الحياة السياسية والاجتماعية والأدبية، وظهرت المقامة الحرامية كأول مقام في ذلك الوقت.