تاريخ مدينة تدمر القديمة

مدينة تدمر الأثرية

تعد مدينة تدمر واحدة من أبرز المدن الأثرية في الصحراء السورية المعروفة باسم بادية الشام. تقع هذه المدينة العريقة على بعد 243 كيلومترًا عن العاصمة السورية، دمشق، وتحيط بها مجموعة من الجبال، بالإضافة إلى منطقة خضراء غنية بالأشجار.

فيما يتعلق باسم المدينة، فإن معناه ليس ثابتًا، وقد ظهر الاسم في بداية الألفية الثانية قبل الميلاد تقريبًا. وهناك آراء تشير إلى أن الاسم قد يكون مشتقًا من الفعل الثلاثي “دَمر”، والذي يعني “حَمَى”. وفي العصور القديمة، عرفت تدمر بالاسم الروماني “بالميرا”، والذي يعني “الأشجار النخيلية”، في دلالة على أشجار النخيل التي كانت تحيط بها.

تاريخ تدمر

يمثل تاريخ تدمر سلسلة من العصور التي أسهمت في تطور وحضارة المدينة، مما ساعدها على الحفاظ على آثارها حتى اليوم. ومن المراحل التاريخية الهامة التي أثرت على تدمر:

العصر ما قبل التاريخ

تدل الاكتشافات الأثرية في تدمر على وجود مستوطنات بشرية منذ العصر الحجري، حيث عُثر على آثار في منطقة معبد بل. كما ساهمت عمليات التنقيب في اكتشاف مصنوعات معدنية تعود للعصر البرونزي. وتشير نصوص تاريخية إلى تدمر، منها ما تم العثور عليه في الأناضول في تركيا، وكذلك نصوص أخرى في مدينتي ماري وإيمار قرب نهر الفرات، مما يثبت أن الاسم الحالي للمدينة كان مستخدمًا في العصر الأشوري.

عهد الرومان

بعد احتلال الرومان للمنطقة، أصبحت تدمر مدينة تجارية مهمة تربط بين تجارتهم مع الفرس، وأطلق عليها الإمبراطور الروماني هادريان اسم “المدينة الحرة”، لكونها استمرت في تطبيق قوانين خاصة بها رغم ارتباطها بالإمبراطورية الرومانية. شهدت تدمر في هذا العصر ازدهارًا تجاريًا وحضارة معمارية متقدمة، إلا أنها وقعت في قبضة الفرس بسبب موقعها الاستراتيجي.

تمكن الحاكم العربي أذينة من استعادة تدمر، لكنه قُتل في ظروف غامضة، لتتولى زوجته الملكة زنوبيا الحكم. وقد وسعت سيطرتها لتصل إلى حدود مصر، لكنها خاضت حربًا ضد الإمبراطورية الرومانية التي أرادت إعادة السيطرة على المدينة. خلال هذه الحقبة، انتشرت المسيحية، وتم تحويل العديد من المعابد إلى كنائس.

عصر الحكم العربي

استطاع الغساسنة السيطرة على تدمر بعد تحالفهم مع الرومان، وقاد الصحابي خالد بن الوليد – رضي الله عنه – عملية فتح المدينة في عام 634 ميلادية. تبع ذلك حكم الأمويين الذين طوّروا المدينة وجعلوها مزدهرة. أما في العصر العباسي، فقد شهدت تدمر تراجعًا وانخفاضًا في الأهمية، مما أدى إلى تحولها من مدينة مزدهرة إلى قرية، لكنها حافظت على مكوناتها الأثرية حتى حصول سوريا على استقلالها.

الاكتشافات في تدمر

أثارت تدمر فضول العديد من الرحالة الأوروبيين الذين سافروا لزيارتها، من بينهم الرحالة الإيطالي دلافالي. وفي عام 1881، تمكن المستكشف الروسي لازرايف من اكتشاف النظام المالي الخاص بتدمر. وقد بدأت أعمال التنقيب في عام 1924 بقيادة المستكشف الدنماركي إنغولت، حيث تمت استعادة العديد من المباني الأثرية مع استمرار اكتشاف المزيد من الآثار المدفونة في صحرائها.

Scroll to Top