الرياضيات البابلية: تعريف وتاريخ
يمكن تعريف الرياضيات البابلية بأنها مجموعة متطورة من الممارسات الحسابية المستخدمة في الشرق الأدنى القديم. تعكس هذه الرياضيات تقاليد سكان بلاد الرافدين منذ ظهور السومريين وحتى سقوط مدينة بابل في عام 539 قبل الميلاد. وكتب البابلية على الألواح الطينية باستخدام الخط المسماري، وكانت اللغات المستخدمة في الكتابة هي السومرية والأكدية. كما يُشار إليها في بعض الأحيان بالرياضيات الآشورية البابلية.
تأتي معرفتنا بالرياضيات البابلية أساسًا من الألواح الطينية المكتشفة، حيث تم العثور على حوالي 400 لوح طيني منذ عام 1850 الميلادي. كانت عملية التدوين تُجرى على الألواح الطينية الرطبة، ثم تُحمص في الأفران أو تُجفف تحت حرارة الشمس.
تعود غالبية الألواح الطينية المُكتشفة إلى الفترة بين 1600 و1800 قبل الميلاد، وتتناول موضوعات متعددة مثل الكسور والجبر والمعادلات التربيعية والدوال التكعيبية، كما تضمنت أيضًا نظرية فيثاغورس.
أسباب اهتمام البابليين بالرياضيات
تؤكد الاكتشافات الأثرية أن البابليين قد أبدوا اهتمامًا بالرياضيات منذ الألفية الرابعة قبل الميلاد، وساهموا بفاعلية في وضع الأسس والمبادئ الرياضية. وقد أوضحت الألواح الطينية المكتشفة أهمية الرياضيات في تحديد انفعالاتهم الطبيعية، مثل الحاجة إلى إدارة مياه نهري دجلة والفرات.
وكانت ضرورة السيطرة على الفيضانات وشق الجداول وبناء الخزانات والسدود سببًا رئيسيًا في تشجيعهم على تطوير مهاراتهم الرياضية. كما تطلب العمل الزراعي، وقياس الأراضي، وبناء أنظمة الري والمعابد، والمشاركة في التجارة معرفة دقيقة بالرياضيات والهندسة والجبر.
النظام الحسابي لدى البابليين
رغم معرفتهم بعمليات الجمع والطرح والضرب والقسمة، إلا أن البابليين اعتمدوا على النظام الستيني في حساباتهم. كما استخدموا نظام قياس الزمن، فالسنة تتكون من 12 شهرًا، واليوم من 24 ساعة، والساعة من 60 دقيقة، وهو النظام نفسه المتبع حاليًا.
يغطي النظام الستيني ستين رمزًا تمثل الأعداد من واحد إلى ستين، ولا يزال هذا النظام مستخدمًا في قياس الزمن والزوايا، مثل القياس السداسي للمثلثات. وقد اعتمد البابليون على العدد ستين في معاملاتهم اليومية وفي الحسابات الفلكية، حيث يتميز هذا العدد بإمكانية قسمته على معظم الأعداد، مما يجعله مثاليًا للتعامل مع الكسور.
بالإضافة إلى ذلك، يُعتبر البابليون روادًا في استخدام الجداول الرياضية لعمليات الضرب والقسمة، حيث استخرجوا جميع الجذور التربيعية والتكعيبية وكذلك الكسور. كانت قياسات الدائرة لديهم محددة بـ360 درجة، مما يُعتبر إنجازًا بارزًا في تاريخ الرياضيات، والذي حققوه نحو عام 2000 قبل الميلاد من خلال اعتمادهم على النظام الستيني.