يُعتبر الحديث عن التسامح جوهريًا، حيث تشجع جميع الأديان السماوية على هذا المبدأ النبيل. يُسهم التسامح والعفو في تصفية الروح الإنسانية من الحقد والشر، ويعزز بناء مجتمع متطور يستند إلى الحب والتعاضد بين الأفراد.
عبر موقعنا، سنستعرض حديثًا نبوياً شريفًا عن التسامح، بالإضافة إلى بعض الآيات القرآنية التي تؤكد على أهميته في الإسلام. تابعونا لمزيد من المعلومات.
أهمية التسامح في الإسلام
- أرسل الله سبحانه وتعالى نبيه الكريم، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، بدين الإسلام العظيم الذي اكتمل به الدعوة إلى عبادة الله وحده.
- تميزت الأمة الإسلامية بأنها أمة وسطية تتسم بالاعتدال، كما جاء في كتاب الله تعالى:
- بسم الله الرحمن الرحيم: “وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن يتقلب على عقبيه.” (البقرة: 143)
- “وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله وما كان الله ليضيع إيمانكم، إن الله بالناس لرؤوف رحيم.” (البقرة: 143)
- لذا، تعكس هذه الوسطية الصفات النبيلة التي تتميز بها الأمة، ومن هذه الصفات التسامح، والعدل، والرحمة، والعفو عند المقدرة، وغيرها الكثير من القيم الإيجابية.
- تُعزز هذه الأخلاق السمحة العمل على توحيد الأمة، وتحقيق العيش بسلام وأمان.
توجيهات قرآنية حول التسامح
يوجد في القرآن الكريم العديد من الآيات التي تدعو إلى التسامح، بالإضافة إلى الأحاديث النبوية التي تؤكد على أهمية الأخلاق الفاضلة. إليكم بعضًا منها:
- قال الله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم: “ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور.” (الشورى: 43)
- كما جاء في قوله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم: “والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين.” (آل عمران: 134)
- وقال الله عز وجل: بسم الله الرحمن الرحيم: “وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم.” (النور: 22)
- وأيضًا: بسم الله الرحمن الرحيم: “فاصفح الصفح الجميل.” (الحجر: 85)
- قوله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم: “خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين.” (الأعراف: 199)
- وفي قوله: بسم الله الرحمن الرحيم: “ولا تستوي الحسنة ولا السيئة إدفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم.” (فصلت: 34)
أحاديث شريفة عن التسامح
توجد العديد من الأحاديث النبوية الشريفة التي تتناول التسامح والعفو عند القدرة. إليكم أبرزها:
الحديث الأول
- عن عائشة رضي الله عنها قالت: “ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا قط بيده، ولا امرأة، ولا خادمًا، إلا أن يجاهد في سبيل الله. وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه إلا أن ينتهك شيء من محارم الله تعالى.” (رواه مسلم)
الحديث الثاني
- عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: “كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، يحكي نبياً من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليه، ضربه قومه فأدموه، وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون.” (متفق عليه)
الحديث الثالث
- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب.” (صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم)
الحديث الرابع
- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: “كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعليه برد نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي فجبذه بردائه جبذة شديدة. فنظرت إلى صفحة عاتق النبي الكريم وقد أثرت بها حاشية الرداء من شدة جبذته. ثم الأعرابي قال: يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك، فالتفت إليه، فضحك ثم مر له بالعطاء.” (متفق عليه)
الحديث الخامس
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم، كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالحمى والسهر.” (صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم)
- الحديث السادس: “أدخل الله عز وجل الجنة رجلاً كان سهلاً مشتريًا وبائعًا وقاضيًا ومقتضيًا.” (صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم)
توجد العديد من الآيات والأحاديث التي تُظهر فضل التسامح والعفو عن الآخرين، والصبر على إيذائهم، خاصة إذا كان ذلك في سبيل الله، حيث يتطلب الأمر الصبر والاحتساب في انتظار فرج الله عز وجل.
قصص عن تسامح النبي صلى الله عليه وسلم
تتواجد الكثير من القصص الحقيقية التي تجسد تسامح رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم. من بينها:
القصة الأولى: النبي والرجل الذي أراد قتله
- روى جابر بن عبد الله رضي الله عنه قصة تدل على تسامح رسول الله صلى الله عليه وسلم. حدثت هذه القصة أثناء غزوة الرقاع حيث كان النبي يستريح تحت شجرة وقد تم تعليق سيف.
- استغل رجل مشرك تلك اللحظة ليباغت النبي، ويهدده بسيفه، قائلاً: “أتخافني؟” فأجاب النبي: “لا”.
- تساءل المشرك: “فمن يمنعك مني؟” فقال النبي: “الله”.
- فقد المشرك السيطرة وسقط السيف من يده، فرفعه النبي في وجهه قائلاً: “من يمنعني منك؟”، فأجاب الرجل: “كن خير أخذ”.
- وعفا النبي عنه، وأخذ عليه عهداً بعدم مقاتلة المسلمين، ثم ذهب الرجل إلى قومه قائلاً: “جئتكم من عند خير الناس”.
القصة الثانية: فتح مكة
- تُعتبر قصة فتح مكة أكبر دليل على تسامح رسول الله صلى الله عليه وسلم. عندما دخل مكة بعد هجرته، قام بتحطيم الأصنام، في انتظار رد فعل أهل مكة تجاهه.
- ترقب أهل مكة العقاب على ما فعلوه به وبأصحابه، لكنه قال لهم: “ما تظنون أني فاعل بكم؟”، فردوا: “خيرًا أخ كريم وابن أخ كريم”.
- فقال لهم: “اذهبوا فأنتم الطلقاء”، وعادت الأمان إلى أهل مكة.
- بدأت وفود العرب تتجه نحو النبي لتعتنق الإسلام، مما يبرز قيمة التسامح والعفو عند القدرة، وهي القيم التي تجسدها شخصية النبي محمد صلى الله عليه وسلم.