الفيروسات
تُعرف الفيروسات أيضًا باسم الحُمّات، وهي طفيليات دقيقة تُعتبر من مسببات الأمراض. تفتقر الفيروسات إلى القدرة على النمو خارج خلايا الكائنات الحية، حيث يحدث تكاثرها داخلها فقط. تتميز الفيروسات بحجمها صغير للغاية، فلا يمكن رؤيتها إلا من خلال المجهر الضوئي، وتعمل على غزو أجسام الكائنات الحية بمختلف أنواعها.
تمثل الفيروسات تصنيفًا خاصًا في عالم الأحياء، فهي ليست نباتات أو حيوانات أو بكتيريا، ويتم وضعها في مملكة خاصة بها. في الحقيقة، لا ينبغي اعتبار الفيروسات كائنات حية بالمعنى الدقيق للكلمة؛ إذ إنها لا تعيش بحرية، ولا تستطيع القيام بالعمليات الأيضية من دون خلية مضيفة. يشير اسم الفيروسات إلى كلمة لاتينية تعني سائل ضحل أو سم.
الأجزاء الرئيسية للفيروسات
تحتوي معظم الفيروسات إما على الحمض النووي الريبي (RNA) أو الحمض النووي المنزلي (DNA) كمادة وراثية. يتكون جسم الفيروس من الحمض النووي وصدفة خارجية من البروتين. تحتوي أبسط الفيروسات على RNA أو DNA يكفي لتشفير أربعة بروتينات، بينما الفيروسات الأكثر تعقيدًا يمكن أن ترمز بين 100 إلى 200 بروتين.
اكتشاف الفيروسات
في عام 1886، قام الكيميائي والباحث الزراعي الألماني أدولف ماير بنشر دراسة عن مرض فسيفساء التبغ. ومن خلال تجاربه، استنتج ماير أنه عندما يتم سحق أوراق مصابة وحقن العصير المضر في عروق أوراق التبغ السليمة يؤدي ذلك إلى ظهور بقع صفراء على الأوراق. اعتقد ماير أن سبب المرض يعود إلى هذا العصير، لكنه واجه صعوبة في إثبات ذلك، رغم اعتقاده بأن السبب كان بكتيريا، إلا أنه لم يتمكن من عزل العامل المسبب للمرض تحت المجهر.
في عام 1892، قام طالب روسي يدعى ديمتري إيفانوفسكي بتكرار تجارب ماير مع تعديلات بسيطة. وفقًا لمقال نُشر في عام 1972، فقد مرر إيفانوفسكي العصارة من أوراق النباتات المصابة خلال مرشح “تشامبرلاند” الذي صفى الكائنات الحية الدقيقة. ولكنه لم يتمكن من فصل مسبب المرض عن السائل، وأظهر أن المادة المسببة للعدوى كانت صغيرة بما يكفي للمرور عبر الفلتر. ومع ذلك، افترض إيفانوفسكي أن مسبب الإصابة بمرض التبغ هو نوع من البكتيريا. لكن في عام 1898، أثبت العالم الهولندي مارتينوس بيرينك أن مرض فسيفساء التبغ ليس بكتيريًا، بل هو “فيروس حي سائل”، وهو المصطلح الذي أصبح قديمًا الآن.
تختلف أشكال الفيروسات وفقًا لنوعها، سواء كانت بسيطة أو معقدة. حيث تندرج الأشكال الحلزونية وعشرونية الوجوه تحت الفيروسات بسيطة التركيب. كما يمكن أن تنتقل الفيروسات عبر عدة طرق: فيروسات نباتية تتنقل بواسطة الحشرات، في حين تنتقل فيروسات الحيوانات من خلال نقل دم الحيوان بواسطة الحشرات الماصة أو النواقل. وفيروس الإنفلونزا، وهو الأكثر شيوعًا، ينتقل عبر الرذاذ الناتج عن السعال والعطس، كما أن هناك أنواع من الفيروسات تنتقل عبر العلاقات الجنسية، أو عن طريق الفم، أو الشرج.
خصائص الفيروسات
تتباين الآراء حول طبيعة الحياة بالنسبة للفيروسات. بعض العلماء يصفونها بالكائنات الحية الدقيقة، بينما يعتبرها آخرون هياكل عضوية على حافة الحياة. هناك تشابه معين بين هذه الكائنات الصغيرة والكائنات الحية الأخرى، بما في ذلك وجود جينات وراثية، والقدرة على الانتقاء الطبيعي والتطور. تتنوع خصائص الفيروسات إلى نوعين: الخصائص الحية وغير الحية.
الخصائص الحية
تشمل الخصائص الحية للفيروسات تلك التي تجعلها تشبه الكائنات الحية الأخرى، وهي:
- تتكاثر بسرعة، ولكن فقط داخل خلايا الكائنات الحية المضيفة.
- تمتلك القدرة على التحور.
الخصائص غير الحية
أما الخصائص غير الحية للفيروسات فهي معاكسة لصفات الكائنات الحية، وتشمل:
- تعتبر غير خلوية، بمعنى أنها لا تحتوي على سيتوبلازم أو عضيات خلوية.
- لا تتمكن من إجراء أي عملية استنساخ أو انقسام بصورة مستقلة، ويتعين عليها الاعتماد على الأجهزة الأيضية للخلية المضيفة. بمعنى آخر، الفيروسات لا تنمو أو تنقسم، بل تُصنع وتجتمع مكوناتها داخل الخلية المضيفة المصابة.
- تحتوي الغالبية العظمى من الفيروسات على إما DNA أو RNA، ولكن ليس كليهما.
تصنيف الفيروسات
يتم تصنيف الفيروسات بناءً على محتواها من الحمض النووي، حجمها، شكل أغلفتها البروتينية، ووجود غلاف بروتين دهني. يتكون النظام التصنيفي الأساسي من فئتين بناءً على محتوى الحمض النووي: فيروسات DNA أو فيروسات RNA. تتقسم فيروسات DNA إلى تلك التي تحتوي على الحمض النووي المزدوج أو والتي تحتوي على الحمض النووي ذو السلسلة الأحادية. أما فيروسات RNA، فهي تنقسم أيضًا إلى تلك التي تحتوي على الحمض النووي ذا السلسلة المزدوجة أو الحمض النووي ذا السلسلة الأحادية.
قدم العالم البيولوجي ديفيد بلتيمور نظام تصنيف يُعرف باسم نظام تصنيف بلتيمور، بجانب التصنيف الذي أقرته اللجنة الدولية لتصنيف الفيروسات، حيث تم تصنيف الفيروسات إلى:
- فيروسات DNA ثنائية السلسلة، مثل الفيروسات الغدانية، والفيروسات الهربسية، والجدرية.
- فيروسات DNA أحادية السلسلة، بما في ذلك الفيروسات الصغيرة.
- فيروسات RNA ثنائية السلسلة، وتشمل فيروسات جرمي.
- فيروسات RNA أحادية السلسلة الإيجابية، مثل الفيروسات الطخائية.
- فيروسات RNA أحادية السلسلة السلبية، مثل الفيروسات الربدية.
- فيروسات النسخ العكسي RNA أحادية السلسلة، مثل الفيروس القهقري.
- فيروسات النسخ العكسي DNA ثنائية السلسلة، مثل الفيروسات الكبدية.