حكم رسم الكائنات الحية
تعد مسألة حكم رسم الكائنات الحية من الموضوعات الفقهية المعاصرة التي تتطلب البحث والتفصيل في إجاباتها، وفيما يلي توضيح للرأي الشرعي في ذلك:
- يجب التفريق بين رسم الكائن الحي بشكل كامل، أي يتم تضمين كافة أجزاء الجسد، وبين رسم جزء واحد منه، مما قد يُصعِّب تصور الحياة من خلال الجزء المرسوم فقط.
- أما عن حكم رسم الكائنات الحية، فإن العلماء قد أجمعوا على تحريمه، وهو الرأي الأكثر قبولاً والأكثر اتباعًا. يشمل ذلك جميع الكائنات، سواء كانت إنسانًا، طائرًا، أو حيوانًا، وسواء كان الرسم كاملًا أم جزئيًا.
- وجدت آراء لبعض العلماء الذين يتيحون رسم الكائنات بشرط عدم اكتمال الصورة وعدم وجود ظل لها.
- وبحسب ما ورد عن مفتى القدس، فإن هناك إجماعًا على جواز رسم الكائنات غير الحية، التي لا تحتوي على روح.
- بينما يُعتبر رسم الكائنات الحية بشكل كامل محرمًا بالإجماع، وكذلك الأمر بالنسبة للتماثيل والمجسمات التي تشبه الكائنات الحية. ويرجع ذلك إلى أن هذا الرسم يشبه خلق الله عز وجل.
ومن هنا يمكنكم الاطلاع على:
حكم رسم الكائنات على الأسطح المختلفة
- اختلفت الآراء بين العلماء بشأن رسم الكائنات الحية على أسطح مثل الجدران والأوراق والملابس.
- وأغلب الفقهاء، بما في ذلك الحنابلة والحنفية والشافعية، يرون تحريم ذلك كما هو الحال في رسم المجسمات.
- وأدلّتهم تدعمها الأحاديث النبوية الصحيحة والتي وردت في صحيح البخاري وغيرها.
- من بين هذه الأحاديث، قول النبي صلى الله عليه وسلم: “إِنَّ الَّذِينَ يَصْنَعُونَ هَذِهِ الصُّوَرَ، يُعَذَّبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ…”.
- كما يُروى عن عبد الله بن عباس أن النبي قال: “من صَوَّرَ صُورَةً، فَإِنَّ اللَّهَ مُعَذِّبُهُ حَتَّى يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ…”. ويشير ابن عباس إلى أنه إذا كان لا بد من الرسم، فيجب الرسم لما لا يحتوي على روح، كالأشجار.
- بينما يؤكد مذهب المالكية والإمام ابن حمدان من الحنابلة أن رسم الكائنات الحية على سطح ما هو مكروه وليس محرمًا.
وجهة نظر علماء مصر حول رسم الكائنات الحية
أما عن حكم رسم الكائنات الحية وفقًا للإفتاء المصرية، فهو كما يلي:
- أوضح الدكتور عويضة عثمان عبر الموقع الرسمي للإفتاء أن رسم الكائنات الحية مثل الطيور والبشر جائز.
- كما أشار إلى أن رسم المناظر الطبيعية وغير الحية هو جائز بلا جدال، ويعتبر من الفنون الراقية التي تساهم في إغناء الذوق الفني.
- كذلك أضاف الدكتور عويضة أن هناك خلافًا بين العلماء حول رسم الكائنات الحية، ولكن المعمول به في مصر هو مذهب الإمام مالك.
- كذلك، فإن الرسم يجب أن يتسم بمحتوى نبيل وملائم ولا يدعو إلى الفحش أو ما يغضب الله عز وجل.
حكم التصوير الفوتوغرافي للكائنات الحية
- تباينت الآراء حول رسم الأشخاص والكائنات الحية باستخدام أدوات مثل الأقلام الملونة.
- لكن أشهر الآراء وخاصة من دار الإفتاء المصرية تقول إن الرسم باستخدام القلم الرصاص أو الألوان جائز وطبيعي.
- مع الالتزام بشرط أساسي بعدم مخالفة الضوابط الدينية.
- ويمكن أن يستند المسوّغون لتلك الآراء إلى أن الأحاديث الخاصة بتحريم الرسم تشير إلى المجسمات فقط.
- مما يعني أن اللعن المذكور يقتصر على التماثيل المشابهة لخلق الله سبحانه وتعالى.
- وعلى ذلك، فإن الرسم بالألوان، سواء كان على الجدران أو الملابس، يعتبر مباحًا طالما أنه لا يناقض الدلالات الشرعية.
- أما التصوير الفوتوغرافي فيُمثل صورة مجسمة للكائنات الحية ولكنه يُعتبر جائزًا أيضًا، ولا يقع تحت إطار التحريم.
يمكنكم الاطلاع على:
حكم الرسوم الكاريكاتيرية للكائنات الحية
بالنظر إلى حكم الرسوم الكاريكاتيرية المتعلقة بقضايا المجتمع، نرى الآراء التالية:
- يجب عدم ترك الرسم الكاريكاتيري دون تقييد، بل يجب توضيح المحتوى الذي يقدمه.
- فالرجاء أن يكون ذا قيمة وهدف، ليس مجرد رسم بلا مغزى.
- كما ينبغي أن ينقل أفكارًا بناءة بدلاً من السخرية من الأفراد أو الفئات خاصةً الدينين.
- كما جاء في كتاب الله: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ…”.
- أما بالنسبة لرسم غير الكائنات الحية، فلم يحدث خلاف بين العلماء حوله سواء في الكاريكاتير أو غيره.
حكم رسم أجزاء من الكائنات الحية
- رسم جزء واحد من الكائنات الحية، كإظهار الإنسان بدون رأسه، يعتبر مباحًا.
- وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة ما يشير إلى ذلك.
- “فَمُرْ بِرَأْسِ التِّمْثَالِ الَّذِي بِالبَابِ فَلْيُقْطَعْ…”
- واستنادًا إلى قول ابن عباس، فإن فصل الرأس من الصورة يجعلها غير مؤذية، وبالتالي هي مقبولة.
- وبناءً عليه، فإن الفقهاء أدى بهم هذا الأثر إلى عدم تحريم رسم الكائنات الحية إذا لم يتم رسم الأجزاء الأساسية التي تعكس الحياة فيها.
حكم رسم الكائنات الحية دون ملامح
- تعتبر المسألة الخاصة برسم الكائنات بدون ملامح من بين العناصر الخطيرة المرتبطة برسم الكائنات الحية، حيث أنه يجوز رسم وجه الشخص دون ملامح واضحة.
- كما هو الحال برسم أشياء غريبة ذات خصائص فريدة تتجاوز حدود الرسوم التقليدية.
- مثلاً، رسم البشر مع أجنحة، حيث أن هذه الفكرة بعيدة عن المحظورات المقررة.
- وهو بذلك لا يشابه خلق الله عز وجل.
- ويجب أن يكون التأثير العام للرسومات، سواء كانت واضحة أو غير واضحة، ذا محتوى يتسم بالالتزام، ولا يحرض على الشر أو السلوك غير اللائق.
- الرأي الذي أقرب إلى الصواب هو تجنب رسم الكائنات الحية بصورة مشابهة تمامًا لخلق الله.
- وفي الوقت ذاته، يمكن القول إن التماثيل والمجسمات مُحرمة بالإجماع، ولكن أصدرت بعض الفتاوى التي تجيزها لأغراض تعليمية.
- فإذا ما زال سبب التحريم من عبادة وتعظيم، فلا مانع من استخدامها.