تعريف القانون الإداري
يُعرّف القانون الإداري بأنه مجموعة من القواعد القانونية المتعلقة بالأنشطة الإدارية، والتي تنظم السلطات الإدارية في الدولة من حيث تشكيلها وأعمالها كسلطات عامة تملك امتيازات خاصة في تعاملها مع الأفراد. يُعتبر القانون الإداري فرعاً من فروع القانون العام الداخلي الذي يتواجد في جميع الدول، بغض النظر عن مستواها الحضاري. من خلال هذا التعريف يمكننا الاستدلال على مفهومين للإدارة العامة: المفهوم العضوي والمفهوم الموضوعي. فالقانون الإداري بمعناه العضوي يركز على إدارة الأجهزة الإدارية في الدولة، في حين أن القانون الإداري بمعناه الموضوعي يركز على الجانب الوظيفي للأجهزة الإدارية لتحقيق المصالح العامة.
تاريخ نشأة القانون الإداري
تعود نشأة القانون الإداري إلى القرن التاسع عشر، تحديداً خلال فترة الثورة الفرنسية عام 1789م، عندما أسست فرنسا نظاماً إدارياً مستقلاً ومتكاملاً. ومنعت الهيئات القضائية الفرنسية من التدخل في شؤون الإدارات، احتراماً لمبدأ الفصل بين السلطات. وكان يتم معالجة المنازعات بين الإدارة والأفراد من خلال نظام يسمى “الإدارة القاضية”. لاحقاً، أُنشئ مجلس الدولة في عهد نابليون بونابرت، بالإضافة إلى مجالس المحافظات التي عملت كمجالس استشارية لتقديم المشورة القانونية ومراجعة المنازعات الإدارية، وقد عُرف هذا النوع من القضاة بالقضاء المحجوز.
صدر قانون يمنح مجلس الدولة صلاحية الفصل في المنازعات الإدارية، دون الحاجة إلى مصادقة رئيس الدولة على تلك القرارات، كما أُعطيت له صلاحيات في صياغة القوانين وإصدار الفتاوى. استخدم مجلس الدولة في فرنسا كنقطة فصل في القضايا الإدارية، وكان يمتلك ولاية القضاء المفوض، لكن ذلك كان محصوراً في حالات خاصة نص عليها القانون، حيث يمكن للأطراف المعنية رفع دعاواهم مباشرة إلى مجلس الأمة. وخلال هذه الفترة، بقيت الإدارة الجهة المختصة بالنظر في المنازعات الإدارية.
انتقلت هذه الثقافة إلى الدول الأنجلوسكسونية مثل بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، لكنها لم تعتمد نظام الإدارة المستقل كما فعلت فرنسا، بل اعتمدت على المحاكم العادية التي تعالج جميع أنواع المنازعات، بما في ذلك القضايا الإدارية. ومع تزايد تدخل الدولة في شؤون الأفراد، تم إنشاء محاكم وهيئات مختصة بالنظر في المنازعات الإداريّة، ولكنها كانت تختلف عن المحاكم الإدارية الفرنسية من حيث الاختصاص وطريقة إصدار الأحكام.
خصائص القانون الإداري
يتميز القانون الإداري بعدة خصائص أساسية، منها:
- حداثة القانون الإداري: حيث تم تطوير مبادئه القانونية بشكل رئيسي خلال القرن العشرين عبر القوانين التي أقرها القضاء الفرنسي.
- صعوبة تقنين القانون الإداري: حيث لا يتم جمع نصوصه الفرعية في قانون واحد مثل بعض فروع القانون الأخرى، حيث أن لكل فرع منهم دور خاص ووفقا لمتطلبات تطبيق القانون.
- الصفة القضائية: يسهل تطبيق القانون الإداري في المحاكم لما يتضمنه من وجود عنصر القضاء الإداري كوسيلة لحل النزاعات.
- المرونة: يتميز القانون الإداري بتقبل التعديلات على نصوصه استجابةً للتطورات والأسباب المؤثرة.
- الاستقلالية: يُعد القانون الإداري قانوناً مستقلاً بحد ذاته ويملك سلطات قضائية خاصة.
- علاقة قواعده بالنظام العام: تُعتبر القواعد الإدارية ملزِمة ويتوجب الالتزام بها، حيث تهدف إلى تحقيق المصلحة العامة.
مصادر القانون الإداري
تعتمد مصادر القانون الإداري على عدة عوامل ساهمت في صياغته، ومنها:
- التشريع: الذي يُعتبر مجموعة من القواعد القانونية التي تصدر عن الهيئات المختصة في الدولة، ويمكن أن يتضمن تشريعات دستورية أو قوانين إدارية أو لوائح فرعية.
- العرف: يُمثل مجموعة من القواعد التي تعتمدها الإدارة في أداء وظائفها، حيث يصبح هذا العرف ملزماً للجهات المعنية.
- القضاء: يعتبر القضاء مصدراً رئيسيا للقانون الإداري، على الرغم من عدم اعتباره مصدراً رسمياً، حيث يتجاوز القضاء الإداري القضاء العادي في التعامل مع القضايا الإدارية.
- المبادئ العامة للقانون: ترتكز على وجود قواعد غير مكتوبة ولكنها ملزمة، وقد تتعلق بتعريفات معينة في القانون.
موضوعات القانون الإداري
يشمل القانون الإداري مجموعة من الموضوعات الهامة، منها:
- القرار الإداري: يعبر عن إرادة الإدارة الملزمة وفقاً لقوانين معينة، وقد يكون هذا الإفصاح إيجابياً أو سلبياً لم يحدث أثر قانوني.
- العقد الإداري: يُشير إلى العقود التي تبرمها الدولة كشخص عادي وتخضع لقوانين معينة، ولكن قد يتم معالجة النزاعات قبل القضاء العادي.
- الوظيفة العامة: تمثل الواجبات والمسؤوليات المترتبة على الإدارة لتحقيق المصلحة العامة.