استكشاف خاص حول فصيلة الشوكيات الجلدية

شوكيات الجلد

تُمثل شوكيات الجلد (بالإنجليزية: Echinodermata) مجموعة فريدة من الكائنات البحرية التي لا توجد في المياه العذبة. تتوزع نحو 7000 نوع من شوكيات الجلد في المحيطات، والعديد منها يمتلك خمسة أذرع أو مضاعفاتها، بينما تتكون قشرتها الخارجية من كربونات الكالسيوم.

تعتمد هذه الكائنات على خلايا معينة تُعرف بـ”الكوناتين”، والتي تساهم في دعم الهيكل العظمي، بالإضافة إلى خلايا صبغية. وقدرتها على إفراز مواد لزجة أو سامة تساعدها على الحفاظ على هيكلها وضمان بقائها. ومن أبرز الميزات التي تميز شوكيات الجلد عن غيرها من الكائنات الحية ما يلي:

  • تصنف كائنات حية بحرية متعددة الخلايا تمتلك أنظمة عضوية متقدمة.
  • تتميز بألوان وأشكال متنوعة.
  • تلعب دورًا هامًا في التأثيرات البيئية والجيولوجية.
  • توجد في أعماق البحار، وفي المناطق المدية والجزرية على الشواطئ.
  • تمتلك نظامًا دمويًا مسؤولًا عن عمليات التغذية والتخلص من الفضلات.

تصنيف شوكيات الجلد

تصنف شوكيات الجلد إلى خمس فئات تعتمد على خصائصها، شكلها، وظائفها، وتفاعلها مع البيئة في المحيطات والبحار. الفئات هي:

طائفة القنفذيات (Echinoidea)

تشتق كلمة قنفذيات (بالإنجليزية: Echinoidea) من الكلمة اليونانية “echinos” والتي تعني شوكي. تشمل هذه الطائفة: قنافذ البحر، الدولارات الرملية، وقنفذ القلب. تعتمد هذه الكائنات بشكل عام على نظام وعائي مائي للحركة والتغذية، وتتواجد في شكلين رئيسيين: منتظم وغير منتظم.

تعتبر القنفذيات المنتظمة آكلة للأعشاب البحرية، بينما تعتمد القنفذيات غير المنتظمة مثل دولارات الرمل على المواد الغذائية الموجودة في الرواسب.

تتميز جميع القنفذيات بجسم كروي، وقد أنبوبية تحتوي على مصاصات توفر لها الغذاء، وهيكل عظمي يشتمل على أشواك متحركة.

طائفة الزنبقيات (Crinoidea)

الزنبقيات، المعروفة أيضًا بالزهريات، هي طائفة صغيرة من الشوكيات التي تعيش معظمها في الأعماق البحرية، بينما يوجد بعضها في الشعاب المرجانية.

يتكون شكل الزنبقيات من جزئين: الجزء الأول “الكأس” وهو الجزء المركزي، والجزء الثاني “الشعاع” وهو الامتدادات التي تشبه الأذرع، والذي يهدف للحصول على الغذاء. تمتلك بعض الزنبقيات جزءًا ثالثًا يعرف بالساق يساعدها على التثبيت.

من أهم خصائص الزنبقيات:

  • شكل جسمها نجمي.
  • لا تحتوي أقدامها على مصاصات.
  • تمتلك أذرع متشعبة.
  • عدم وجود أشواك أو رجيبات.

طائفة النجميات (Asteroidea)

تُعرف طائفة النجميات، والتي تعد واحدة من الأكثر انتشارًا من شوكيات الجلد، أيضًا بنجوم البحر. تضم حوالي 1600 نوع وتتضمن 7 فئات فرعية، وهي كائنات مهيمنة في البيئة البحرية وقد تكون مفترسة.

ومع ذلك، تلحق النجميات بعض الأضرار بالشعب المرجانية. شكلها مميز بشكله النجمي وأذرع متعددة، ويمكن تمييزها من خلال بنية ذراعيها التي تدعم هيكلها.

أهم ما يميزها:

  • تمتلك أجسادًا مسطحة على شكل نجمة ذات خمسة أذرع.
  • تمتلك أقدامًا أنبوبية مزودة بمصاصات.
  • تقوم بعملية التنفس عبر الخياشيم الجلدية.
  • يتكون هيكلها العظمي من صفائح كلسية وأشواك متحركة.

طائفة الخيارات (Holothuroidea)

تضم هذه الطائفة 1100 نوع من خيار البحر، التي تتواجد في جميع المحيطات حول العالم، بما في ذلك المحيط الهندي، الأطلسي، الهادئ، والبحر الأبيض المتوسط، وتعيش في المناطق الضحلة ومنعزلة في قاع المحيطات العميقة.

أهم ما يميزها يشمل:

  • تتسم بألوان متنوعة (مثل الأسود، البني، والأخضر الغامق).
  • يتراوح طولها بين 3 سم ومتر واحد.
  • بعض الأنواع قد يصل قطرها إلى 24 سم، وتشبه الديدان.
  • تفتقر هذه الفئة إلى الأذرع، العمود الفقري، والأرجل، مع أقدام أنبوبية ومصاصات، وتتميز بجسم طويل أسطواني.

طائفة نجم البحر الهش (Ophiuroidea)

تشمل فئة نجم البحر الهش 2000 نوع وتتميز بشكلها الخماسي وهيكلها العظمي الداخلي المكون من كربونات الكالسيوم. أذرعها طويلة ونحيلة ومرنة جدًا، مما يساعدها على الحركة مثل الثعابين. وتستطيع هذه الحيوانات تجديد أذرعها في حالة فصلها عن القرص.

خصائص شوكيات الجلد

تتمتع شوكيات الجلد بمجموعة من الخصائص المميزة:

  • تصنف ككائنات بحرية تمتلك جوفًا حقيقيًا يحتوى على أوعية دموية.
  • تمتلك أجسادًا فريدة في الشكل (نجمة أو كروي) واللون، كما أن أجسادها غير مقسمة ولا تحتوي على رأس.
  • يغطي جسمها شوكيات كلسية، ومعظمها تحتوي على أقدام أنبوبية لتحسين الحركة.
  • تفتقر إلى الدماغ، لكن لديها جهازًا عصبيًا متطورًا يشمل حلقات وأحبال عصبية نصف قطرية.
  • تتواجد لديها وسائط للتنفس عبر الأقدام الأنبوبية والخياشيم.
  • تمتلك أعضاء حسية بطيئة التطور وأجهزة لمسية ومستقبلات كيميائية.
  • الإخصاب يحدث غالبًا خارجيًا وتتميز بقدرتها على تجديد الأجزاء المفقودة.
  • يتكون هيكلها العظمي من كربونات الكالسيوم، وهي كائنات ثلاثية الأورمات وتمتلك نظامًا دوريًا مفتوحًا.
  • تفتقر لنظام إخراج معروف.
  • يمتلك نظام وعائي مائي (شبكة من القنوات المليئة بالماء) تساعد على الحركة في قاع البحر.
  • تتسم بتنسيق خماسي، حيث تتواجد خمسة أجزاء متساوية مرتبطة بالجسم المركزي.

موطن شوكيات الجلد

تفضل شوكيات الجلد الموطن العميق، حيث توجد عميقًا في البحار، إذ يمكن أن تتواجد بعض الأنواع على عمق 1000 متر، وفي حالات أخرى قد يصل العمق إلى 5000 متر، ويعتبر خيار البحر من بين أكثر الأنواع تواجدًا في أعماق كبيرة.

تتواجد شوكيات الجلد في جميع المياه البحرية حول العالم، باستثناء القطب الشمالي الذي يتواجد فيه أعداد قليلة جدًا. كما أن هناك أنواع معينة تعيش على الشواطئ الرملية مثل القنافذ والدولارات الرملية. وتعتبر المناطق المعتدلة مواطن مناسبة للنمو والتكاثر، بينما تتواجد أيضًا في المناطق القطبية والمدارية.

لتحديد مواقعها بالتفصيل، نجد أن الأنواع المتفرعة من الشعاب المرجانية تشمل المحيط الهندي والهادئ. كما توجد أعداد كبيرة من شوكيات الجلد في القارة القطبية الجنوبية، بينما تنتشر شوكيات الجلد التي لا تزال في مرحلة العوالق (اليرقات العائمة) في مياه العالم، وتتحرك بفعل التيارات المائية.

غذاء شوكيات الجلد

تعتمد شوكيات الجلد على الافتراس أو تناول النباتات، أو حتى ابتلاع الطين كمصادر غذاء، مما يعني أنها حيوانات آكلة للحوم والنباتات. بعض أنواع شوكيات الجلد تتغذى على المحار والبعض الآخر يتغذى على شوكيات البحر.

خلال عملية التغذية، تقوم بعض شوكيات الجلد بخرط معدتها من خلال الفم لتتمكن من هضم الفريسة جزئيًا، ثم تنكمش المعدة لتكتمل عملية الهضم داخل الجسم. تشكل الكائنات الحية الصغيرة التي ترافق الماء أو الموجودة في القاع الغذاء الرئيسي لشوكيات الجلد.

تستخدم الشوكيات أجسادها (الأقدام الأنبوبية) لإنتاج مادة مخاطية لزجة، وخلال الحركة، تساعد الأذرع في تمرير الفريسة إلى الفم عبر حركة الأهداب.

حجم ومظهر شوكيات الجلد

تتسم معظم شوكيات الجلد بحجمها الصغير، حيث يتراوح طولها بين 10 سم وقد تتجاوز ذلك، بينما توجد بعض الأنواع الكبيرة نسبيًا التي تصل إلى مترين، وعدد قليل منها قد يصل قطره إلى متر.

لهذه الكائنات أشكال متنوعة، قد تأخذ شكل نجمة، أو شبيه الزهرة، أو كائنات دودية، أو كروية مثل قنافذ البحر. تشترك جميعها في صفات مثل التناظر الخماسي والهيكل العظمي الداخلي ونظام الأوعية الدموية.

الهيكل العظمي لشوكيات الجلد يتميز بالتشابك كما في نجوم البحر، أما المظهر الخارجي لها فيميل للألوان المتعددة مثل الأحمر، البرتقالي، الأخضر، والأرجواني. توجد بعض الأنواع الاستوائية بلون بني غامق أو حتى أسود، في حين أن الأنواع ذات الألوان الفاتحة غالبًا ما تكون معرضة لأشعة الشمس القوية. تلعب ظروف الموطن دورًا في تنوع الألوان.

التركيب الداخلي لشوكيات الجلد

تحوي شوكيات الجلد جوفًا فارغًا يحمل مجموعة من الأجهزة والغدد، بما في ذلك أمعاء كاملة، وغدد تناسلية، ونظام شعري للدم. وعلى الرغم من أن معظمها يفتقر للأجهزة التنفسية، إلا أن لدى بعض الأنواع أجهزة تنفس بدائية. فيما يلي تفاصيل التركيب الداخلي لشوكيات الجلد:

الجهاز الهضمي

تمتاز شوكيات الجلد بجهاز هضمي بسيط يشتمل على الفم والمعدة والأمعاء وفتحة الشرج. وغالبًا ما يقع فمها في الجانب السفلي بينما تكون فتحة الشرج في الجزء العلوي.

معروف عنها القدرة على إخراج المعدة لإتمام عملية الهضم، مما يمنحها ميزة مطاردة الفريسة حتى لو كانت أكبر منها.

الجهاز العصبي والحواس

على الرغم من عدم وجود أدمغة، فإن شوكيات الجلد تمتلك شبكة من الأعصاب تمتد من الفم إلى جميع الأذرع. عند نهاية كل ذراع، توجد نقاط كأنها عيون تجلب لها حساسية تجاه الضوء.

تمتاز بعض الأقدام الأنبوبية بحساسيتها تجاه المواد الكيميائية، مما يسمح لها بالتعرف على الروائح والطعام. كما أن شوكيات الجلد حساسة للتغيرات البيئة، خاصًة في درجات الحرارة والضوء.

نظام الدورة الدموية

تمتلك شوكيات الجلد شبكة من القنوات المتوسعة في الجسد التي تحتوي على سوائل، حيث تتم من خلالها عمليات تبادل الغازات والمغذيات. تتكون هذه الشبكة من حلقات مركزية وأقاليم تحتوي على أقدام أنبوبية، مما يسهل إفراز المواد المخاطية. لا تمتلك شوكيات الجلد قلبًا حقيقيًا، ودمها خالٍ من أي صبغة تنفسية مثل الهيموجلوبين.

الجهاز التناسلي

تمتاز شوكيات الجلد بأنها الكائنات الوحيدة التي تملك أجهزة تناسلية خارج تجويف الجسم، يرجع ذلك إلى صغر حجمها. تحتوي هذه الكائنات على 10 غدد تناسلية، بواقع اثنتين في كل ذراع، قرب قاع الذراع، وبعضها يمتلك خمسة أزواج بالقرب من نهاية الأذرع.

بعض الأنواع لديها غدة تناسلية واحدة أو قد تمتد حتى 1000 منسل، تكون على شكل خصلة ريشية أو كتل مكونة من أنابيب تشبه عنقود العنب. توجد شوكيات الجلد بجنس ذكري أو أنثوي، وتعتبر ناضجة جنسيًا بين السنتين والثلاث سنوات، حيث تقوم بطرح البويضات والسوائل المنوية في الماء ليتم تخصيبها، وتستطيع الأنثى إطلاق ما يقرب من 100 مليون بويضة دفعة واحدة.

تكاثر شوكيات الجلد

تتبع شوكيات الجلد غالبًا عملية الإخصاب الخارجي، حيث يتم طرح البويضات من الإناث والحيوانات المنوية من الذكور في المياه. لا تقدم هذه الكائنات أي رعاية أبوية للبيض أو اليرقات الناتجة عن عملية الإخصاب.

يمكن أن تتكاثر أيضًا عن طريق عمليات انقسام الجسد، وتجديد الأعضاء المفقودة خلال عملية التجزئة. وفيما يلي تفاصيل طريقة التكاثر في شوكيات الجلد:

التكاثر الجنسي

يتم التكاثر الجنسي من خلال الإخصاب الخارجي للبويضات التي تضعها الإناث في المياه وتتلقاها الحيوانات المنوية من الذكور. تمتد فترة الإباضة من شهر إلى شهرين خلال فصل الربيع والصيف، بينما تستطيع بعض الأنواع التكاثر على مدار العام.

ترتبط عمليات الإباضة والتفريخ غالبًا بحركة القمر، حيث تنشط شوكيات الجلد عندما يتواجد القمر في مرحلة الربع الأول أو الأخير، مما يؤدي إلى تجمع مجموعة كبيرة منها في مواقع محددة، وتتخذ أسلوبًا حركيًا لتجنب التصاق البويضات والحيوانات المنوية في الرواسب.

التكاثر اللاجنسي

بعض الأنواع تعتمد على التكاثر اللاجنسي بطرق تجزئة الجسم إلى اثنين أو أكثر من الكائنات المستقلة. الأنواع التي تستخدم التجزئة لا تتمكن من التكاثر جنسيًا، مثل خيار البحر وزنبق البحر.

لضمان نجاح هذه العملية، يجب توفر عاملين: أولهما القدرة على شفاء الجروح الناتجة عن التجزئة، وثانيهما وجود أجزاء معينة من الجسم لإعادة تكوين الأجزاء المفقودة، إذ إذا حدثت عملية التمزق بشكل غير صحيح، فلن تتحول الأجزاء إلى كائنات مستقلة.

Scroll to Top