حكم الحجاب في الدين الإسلامي

يعد الحجاب واجباً على كل مسلمة عاقلة وبالغة، حيث يبرز اهتمام الدين الإسلامي بالمرأة المسلمة بشكل كبير، بما يضمن لها حفظ عفتها وكرامتها، ويعزز من مكانتها. فالحجاب لم يُفرض لتقييد حرية المرأة، بل لحمايتها كالجوهرة القيمة، ولتفادي المفاسد والفتن الناتجة عن التبرج. سنستعرض في هذا المقال حكم الحجاب في الإسلام.

حكم الحجاب في الإسلام

  • يعتبر التبرج من يسير من الكبائر التي قد تؤدي بصاحبتها إلى الهلاك.
  • إن خلع الحجاب يعد من أعظم الكبائر التي يمكن للمرأة المسلمة العاقلة أن ترتكبها.
  • جاءت أميمة بنت رقيقة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تبايعه على الإسلام، فقالت:
    • (أبايعك على ألا تشركي بالله أحداً، ولا تسرقي، ولا تزني، ولا تقتلي ولدك، ولا تأتي ببهتان تفترينه بين يديك ورجليك.
      • و(البهتان) هو نسب الطفل إلى غير أبيه أو زنا المرأة وهي حامل.
    • ولا تنوحي، ولا تتبرجي تبرج الجاهلية الأولى).
  • وقد ربط الله عز وجل بين التبرج وخلع الحجاب وبين أعظم الكبائر التي تأثم المرأة بسببها وتلقي بها في قعر جهنم، وذلك في حديث واحد.
  • ويعتبر خلع الحجاب سبباً للعنة، واللعنة تعني الخروج من رحمة الله، والعياذ بالله.
  • وعليه، فإن الحجاب واجب على كل مسلمة بالغة.

تابع أيضاً: 

الحجاب طاعة وعفة

  • فرض الله تعالى طاعته وطاعة رسوله، حيث قال سبحانه:
    • بسم الله الرحمن الرحيم:
    • (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن تكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً) الأحزاب ٣٦.
  • لذا، فإن طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم هي طاعة لله، ومعصيته هي معصية لله.
  • وأمر الله عز وجل بالحجاب للنساء من أمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويظهر ذلك في القرآن الكريم.
  • وقد ذُكر الأمر بالحجاب في عدة مواطن وكذلك في الأحاديث النبوية.
  • فقد جاء الأمر من الله بالحجاب في قوله تعالى:
    • بسم الله الرحمن الرحيم:
    • (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمورهن على جيوبهن) سورة النور ٣١.
  • وقال سبحانه:
    • بسم الله الرحمن الرحيم:
    • (وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى).

الحجاب طهر

  • (وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن). الأحزاب ٥٣.
  • فشبه الله الحجاب بالطهر لقلوب المؤمنين والمؤمنات، لأن العين إذا لم ترى شيئاً فلن يهفو إليه القلب.
  • لكن عند رؤية ما يفتن القلب، قد يهفو إليه القلب أو لا يهفو، مما يستدعي درء الفتنة في مهدها، إذ أن الحجاب يقي صاحبه من أطماع ذوي النوايا السيئة.
  • قال سبحانه:
    • بسم الله الرحمن الرحيم:
    • (فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض) الأحزاب ٣٢.

الحجاب يحقق الستر والتقوى والإيمان والحياء

  • قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
    • (إن الله تعالى حيي ستير يحب الحياء والستر).
  • وقال صلى الله عليه وسلم:
    • (أيما امرأة نزعث ثيابها في غير بيتها خلع الله عز وجل عنها ستره).
  • وقال الله تعالى:
    • (يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباساً يواري سوآتكم وريشا).
  • فالمولى عز وجل لم يتوجه بالحجاب إلا للمؤمنات، حيث قال سبحانه:(وقل للمؤمنات)، وأيضًا قال:(ونساء المؤمنين).
  • ولما دخلت نسوة من بني تميم على السيدة عائشة رضي الله عنها وعليهن ثياباً رقيقة، قالت:
    • (إن كنتن مؤمنات فليس هذا بلباس المؤمنات، وإن كنتن غير مؤمنات فتمتعن به).
  • وقال صلى الله عليه وسلم: (إن لكل دين خلق، وخلق الإسلام الحياء، والحياء من الإيمان، والإيمان من الجنة).
  • وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، قالت:
    • (كنت أدخل إليك يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي رضي الله عنه وأدع ثوبي.
    • وأقول: إنما هو زوجي وأبي، فلما دفن عمر رضي الله عنه والله ما دخلته إلا مشدودة على ثيابي.
    • حياء من عمر رضي الله عنه).

لا تفوت هذا:

عدم التحجب يوجب اللعن

  • قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
    • (سيكون في آخر أمتي نساء كاسيات عاريات على رؤوسهن كأسنمة البخت، العنوهن فإنهن ملعونات).
  • فالتبرج هو من صفات أهل جهنم، والعياذ بالله، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
    • (صنفان من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات.
    • رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد لمسيرة كذا وكذا).
  • فالتبرج هو من فعل إبليس، الذي وسوس إلى آدم وحواء، وسبب في هتك سترهما، وانتشار الفاحشة، فالتبرج والفتنة هدفهما الرئيسي هو الفتنة.
  • قال الله عز وجل:
    • (يا بني آدم لا يفتننكما الشيطان كما أخرج أبوكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما من سوءاتهما).
  • إبليس هو من زرع نواة التبرج والفتنة، مؤسساً لما يُسمى بتحرر المرأة، أو بدون تجميل، (تعرية المرأة)، وهو ومن معه في النار لعصيانهم الرحمن.
  • خاصّة هؤلاء المتبرجات اللاتي يزرعن الفتنة بين المسلمين، ويشوهون عقول شبابنا.
  • قال صلى الله عليه وسلم:
    • «ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء».

عدم التحجب يهودي الأصل

  • اليات هم أول من اخترعوا التبرج بهدف إفساد الأمة الإسلامية، ولليهود تاريخ طويل في مجال فساد الأمم من خلال فتنة المرأة.
  • وهم أصحاب باع طويل في هذا المجال، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
    • (فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت من النساء).
  • وكما جاء في سفر أشعيا:
    • (إن الله سيعاقب بنات صهيون على تبرجهن، والمباهات رنين خلاخيلهن، بأن ينزع عنهن زينة الخلاخيل، والضفائر، والأهلة، والحلق، والأساور، والبراقع، والعصائب).

عاقبة التبرج وعدم التحجب

  • قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
    • (لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشى فيهم الطاعون).
  • فإذا خرجت المرأة مكشوفة، مزينة، ناشرة فتنتها في الشوارع، فإنها تسهم في انتشار الفاحشة، وتعرض المجتمع للشهوات المحرمة، التي يمقتها الله ورسوله.
  • الإسلام حريص على تقنين هذه الشهوات من خلال الارتباط الشرعي وتكوين أسرة إسلامية صالحة.
  • انتشار الفاحشة يجلب اللعنات، والتي قد تتحول إلى أوبئة وأمراض لم تكن موجودة بين أجدادنا.
  • لذلك، يلاحظ أن العديد من الأمراض الغريبة، والأوجاع، والأوبئة بدأت تصيب الأطفال في أعمار صغيرة.
  • علينا أن نسأل أنفسنا عما أصابنا؛ فكل ذلك هو نتيجة أفعالنا وبعدنا عن ديننا.
  • وللأسف، لم تنتشر الفاحشة وحسب، بل يظهر ما هو أسوأ، وهو المجاهرة بها دون حياء في وسائل الإعلام المختلفة.
  • قال سبحانه وتعالى:
    • (وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميراً).
  • وقال صلى الله عليه وسلم:
    • (القومَ إذا رأوا المنكر فلم يغيروه؛ عمتهم الله بعقاب).
  • نرى ما حل بالعالم الإسلامي، خاصة من نكبات اقتصادية وفقر وجفاف.
  • وفي مجال الصحة، انتشرت الأوبئة التي لا قبل لنا بها.
  • ولا سبيل للتخلص من كل ذلك إلا بالرجوع إلى الله.

الشروط التي يجب توفرها في الحجاب

  • لكي يكون الحجاب صحيحاً وشرعياً، يُشترط توافر عدة شروط:
    • تغطية جميع أجزاء الجسم ما عدا الوجه والكفين، إلا إذا كانت المرأة ذات جمال فتحتاج لتغطية وجهها حتى لا تكون سبباً في فتنة تأثم عليها.
    • استند ذلك لحديث السيدة أسماء بنت أبي بكر حين دخلت على رسول الله، فأشاح عنها بوجهه الكريم قائلاً:
      • (إذا بلغت المرأة المحيض فلا يظهر منها إلا هذا وذاك، وأشار بيده على وجهه ويديه).
  • يجب أن يكون الحجاب محتشماً، وليس زينة تلفت النظر.
  • لقوله تعالى:
    • (ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها).
  • وقوله تعالى: (ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى).
  • كما يجب ألا يكون الحجاب شفافاً يشف ما تحته، بل يجب أن يكون ساتراً للجسد.
  • يجب أن يكون الحجاب واسعاً ولا يوضح تقاسيم جسم المرأة.
  • ينبغي على المرأة أن لا تتعطر وهي خارج بيتها، كما قال صلى الله عليه وسلم:
    • (أيما امرأة استعطرت فوجدوا من ريحها فهي زانية).
  • يجب ألا يكون الحجاب شبيهاً بلباس الرجال، لقوله صلى الله عليه وسلم:
    • (لعن الله المتشبهات من النساء بالرجال ولعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء).
  • ولقوله صلى الله عليه وسلم:
    • (ليس منا من تشبه من النساء بالرجال ومن الرجال بالنساء).
  • يجب أن يكون بعيداً عن لباس الكافرات، لقوله صلى الله عليه وسلم: (من تشبه بقوم فهو منهم).
  • وأن لا يكون الهدف منه الشهرة بين الناس، لقوله صلى الله عليه وسلم:
    • (من لبس ثوب شهرة في الدنيا ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة ثم ألهب في النار).

الأدلة من القرآن على فرضية الحجاب

  • آية سورة الأحزاب (59): “يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ…”.

    • تشير الآية إلى وجوب ارتداء الجلابيب لإخفاء أجزاء من الجسم، مثل الشعر والعنق، لحماية النساء من الإيذاء ولتمييزهن كنساء محتشمات.
  • آية سورة النور (31): “وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ…”.

    • تأمر الآية النساء بستر زينتهن وعدم إظهارها إلا ما يظهر منها مثل الوجه والكفين، وتحث على تغطية الرأس (الخمار) على الجيوب (الصدر)، مما يستدعي ستر الشعر والعنق.

الأدلة من السنة على فرضية الحجاب

  • حديث عائشة رضي الله عنها: يروي أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهي ترتدي ثيابًا رقيقة، فَأَعْرَضَ النبي عنها وقال: “إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا بَلَغَتِ الْمَحِيضَ لَمْ تَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنْهَا إِلَّا هَذَا وَهَذَا”، مشيرًا إلى وجهها وكفيها. يُفهم من هذا الحديث أن المرأة البالغة يجب أن تستر جميع بدنها عدا الوجه والكفين.
  • حديث أم سلمة رضي الله عنها: ينص على أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إِذَا كَانَ عِنْدَ مُكَاتَبِ إِحْدَاكُنَّ مَا يُؤَدِّي فَلْتَحْتَجِبْ مِنْهُ”. يدل هذا الحديث على وجوب احتجاب المرأة عن الرجال الأجانب إلا إذا كان المكاتَب مالكًا ما يؤديه.
  • حديث فاطمة رضي الله عنها: يشير إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى فاطمة وهي ترتدي ثوبًا يغطّي جسمها جزئيًا. وقال: “إِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْكِ بَأْسٌ، إِنَّمَا هُوَ أَبُوكِ وَغُلَامُكِ”، مما يدل على أن الحجاب كان ضرورياً عند ظهورها بغيره.

الإجماع على فرضية الحجاب

  • إجماع الأمة: توافقت الأمة الإسلامية على وجوب الحجاب، وهذا يُعتبر من المعلوم من الدين بالضرورة.
  • قول ابن حزم: أشار إلى أن العلماء اتفقوا على أن شعر وجسم المرأة عورة إلا وجهها ويديها. واختلاف الآراء حول الوجه والكفين وبعض الأجزاء الأخرى لا ينفي إجماعهم على وجوب تغطية باقي الجسم.
  • قول ابن عبد البر: ذكر أن جميع العلماء متفقون على أن المرأة تغطي بدنها باستثناء الوجه والكفين، وأكد أن الأجزاء التي يجب تغطيتها تشمل معظم جسم المرأة.
Scroll to Top