ما هو الأدب؟
الأدب كمفهوم لغوي
تشتق كلمة الأدب من الجذر اللغوي (أَدَبَ)، حيث تعني: نظم مآدب الطعام ودعوة الناس إليها، ويفهم منها أيضاً تعليم الأخلاق الحميدة. فحينما نقول (أَدَبَ القومَ)، نعني دعوة هؤلاء إلى مآدبه. بالإضافة إلى ذلك، يشير مصطلح التأدب إلى عملية تهذيب النفس وتعليمها السلوكيات الجيدة. كما يُعتبر الأدب بمثابة ما يجب على الشخص تعلمه ليكون قادراً على تأدية دوره، مثل أدب القاضي أو الكاتب.
في إطاره الأوسع، يشمل الأدب كل ما ينتجه العقل البشري من أنواع المعرفة. وقد كان الأدب عند العلماء القدماء يتضمن علوم مثل اللغة، القواعد، الاشتقاق والنحو، البيان، وغير ذلك. وبصفة خاصة، تُستخدم كلمة “آداب” للإشارة إلى علوم الأدب، التاريخ، الجغرافيا، واللغة، بينما تشمل “الآداب” بشكل عام الأعراف والضوابط الاجتماعية المتفق عليها، بما في ذلك آداب الحوار والنقاش.
الأدب وتعريفه الاصطلاحي
يُعتبر الأدب بمثابة الأداة التعبيرية التي تنقل أفكار وعواطف الإنسان. ويتم التعبير عنه من خلال أساليب الكتابة المتنوعة، مما يتيح فرصاً متعددة للتعبير عنها، ويعتمد الأدب بشكل كبير على اللغة والثقافة، السمة التي تطغى على الأعمال الأدبية بالتنوع في الأشكال. ويعكس الأدب الجماليّات الخياليّة ويتضمن الرؤى التي يسعى كتابها إلى توصيلها. يمكن تصنيف الأدب حسب اللغة، الموضوع، نوع الأدب، أو بحسب الفترة التاريخية والقومية.
ومن بين الأعمال الأدبية القديمة نجد المعلقات العربية والملاحم اليونانية، بينما تبرز الأعمال الأدبية الحديثة من روايات ومسرحيات، مثل أعمال نجيب محفوظ ومسرحيات وليام شكسبير، وكذلك رحلات ابن بطوطة والعديد من السير الذاتية الكوميدية.
التطور التاريخي لمصطلح الأدب
تغيرت دلالات كلمة “الأدب” عبر العصور، بدءًا من العصر الجاهلي وصولاً إلى العصر الحاضر، مرتبطاً بتطور الحياة الثقافية العربية. في الجاهلية، كانت تعني الكلمة “الدعوة إلى الطعام” كما جاء في شعر طرفة بن العبد. ولكن في العصر الإسلامي، تطورت لتصبح مرتبطة بخصال الأخلاق الحسنة، لتتوسع مع الزمن إلى مدلول يشمل التهذيب والتربية.
استمر تطور الكلمة خلال العصر الأموي، حيث بدأت تتعلق بمساقات التعليم ودراسة القرآن، كما ازداد الاهتمام بالشعر والنثر. وصولًا إلى العصر العباسي الأول حيث اتسع المعنى ليشمل علوم البلاغة واللغة، وفي الثاني انتقل إلى تخصصات اللغة والنحو، مما صنع أبعادًا جديدة لكلمة “الأدب” لتدل على الكلام المبدع بلاغياً، والذي يعبر عن مشاعر وتجارب الإنسان بأسلوب فني.
يوجد تباين في آراء العلماء حول مفهوم الأدب، ومنها:
- يرى ابن خلدون أن الأدب يشمل المعرفة الدينية وغير الدينية.
- ابن قتيبة اعتبر الأدب السلوكيات التي يجب مراعاتها في مجتمع معين.
- في بداية القرن التاسع عشر، اعتبر الأدب ما ينتجه العقل أو العاطفة من كلام بليغ يؤثر على مشاعر القارئ.
- الأدب الغربي يتضمن مجموعة من الأعمال النثرية والشعرية التي تعكس أسلوب خاص بفنون بلاغية وفكر شعبي.
نشأة الأدب
تاريخ الأدب العربي
الأدب العربي يمثل تراثاً عريقاً يتفاعل مع حياة المجتمعات. فقد تداخل الأدب العربي مع آداب الأمم الأخرى، منها:
التأثر بالأدب الفارسي
ساهم دخول الفرس في الإسلام واستخدامهم اللغة العربية في إثراء الأدب العربي بمفردات وتراكيب جديدة. كما أن أسلوب شعرهم المنظم أضاف لمسة جديدة للأدب العربي، مما ساهم في ظهور ألفاظ ومعاني لم تكن معروفة من قبل.
التأثر بالثقافة اليونانية
التأثر العربي بالأدب اليوناني كان أكثر في الجانب الفلسفي، حيث كانت الأولويات في ذلك الوقت تميل إلى الأمور الدينية. ولكن يبقى هنالك آثار أدبية تظهر فيها تأثير الفلسفات اليونانية، مثل أشعار الأخطل.
الأدب السرياني وتأثيره
لعب الأدب السرياني دوراً بارزاً في بناء اللغة العربية حيث تم تصنيف النحو والصرف بناءً على السريانية. وقد ساهم السريان في نقل وتداول العلوم اليونانية للأمة العربية، مما أثرى الأدب العربي في فترة الدولة العباسية.
تاريخ الأدب الغربي
يعود تاريخ الأدب الغربي إلى منطقة ما بين النهرين، حيث تأسس في مدينة سومر حوالي عام 3200 قبل الميلاد. وقد كانت (إنخيدوانا) هي أول كاتبة معروفة، حيث كتبت مجموعة تراتيل مخصصة للآلهة السومرية. ومع مرور الزمن، أصبح الاهتمام متجهاً نحو الشخصيات في الأدب، بدلاً من الأمور الدينية التي كانت تعتمد عليها الأعمال الأدبية الأولى.
سجلت الأدب القديم مجموعة من القصص المهمة مثل ملحمة جلجامش، التي ناقشت مواضيع متعددة، كالفخر والصداقة.
أقسام الأدب
يقسم الأدب إلى نوعين رئيسيين: الأول هو الشعر وضروبه والثاني هو النثر.
الشعر وأنواعه
يعرف الشعر بأنه الكلام الموزون والمقفى. وقد اكتسب الشعر مكانة هامة في الثقافة العربية كوسيلة للحفظ والتعبير. ومن أقسامه:
- شعر الفخر: يبرز مفاخر الأفراد.
مثال:
وأنا الذي قتلت بكراً بالقنا
وتركت تغلب غير ذات سنام
- شعر الرثاء: يتناول ذكر محاسن الأموات.
مثال:
بطيبـةَ رسـمٌ للرسـولِ ومعهـدُ
منيرٌ ، وقد تعفو الرسـومُ وتهمـد
- شعر الغزل: يبرز جمال المرأة.
مثال:
بـانتْ سعادُ فـقلبي اليوم متبولُ
مـتـيّمٌ إثـرها لـم يـفد مَـكْبولُ
- شعر الذم والهجاء: يهدف للإهانة والتقليل.
مثال:
بني دارم لا تفخروا إن فخركم
يعود وبالا عند ذكر المكارم
النثر
يعتبر النثر إنشاءً يتميز بالفن والبلاغة بعيدًا عن اللغة الجافة. وهو يتناول الكلام في أشكال بليغة تحتوي على تنسيق لفظي وجمل منسقة، مما يجعله أحد جوانب التعبير الفني.
- للاستزادة حول النثر، يمكنك الاطلاع على: تعريف النثر وأنواعه.