كيف أهلك الله قوم عاد؟

نبي الله هود

نبي الله هود، المعروف بأنه من العرب، هو هود بن عبد الله بن رباح بن الجلود بن عاد بن عُوص بن إرم بن سام بن نوح. وقد أرسله الله -تعالى- لدعوة قوم عاد إلى توحيد الله سبحانه، بعدما انحرفوا عن العقيدة الصحيحة. ويمثل هود أول بروز للشرك بعد الطوفان الذي حل بقوم نوح -عليه السلام-، حيث نجت مجموعة مؤمنة استمرت في توحيد الله. إلا أنه مع بدأ ظهور الشرك بين قوم عاد، ظهر هود -عليه السلام- وتحدث عنه القرآن الكريم في سبع مناسبات، متضمنًا تفاصيل دعوته، واستجابة قومه، وآثار كفرهم، والعذاب الذي نزل بهم.

أما قبيلة عاد، فقد كانت قبيلة عربية استوطنت اليمن، وتحديدًا في منطقة الأحقاف، بين سلطنة عمان وحضرموت. ويُقال إنهم سكنوا ثلاثة عشر قرية، لكنهم طغوا في الأرض وفسدوا، وكان هذا التجبّر نتيجة لقوتهم الجبارة وتمكين الله لهم. وقد منحهم الله -تعالى- زيادة في الخلق، فكان الواحد منهم طويلاً جدًا، فقد قيل إن أقصرهم بلغ طوله ستين ذراعًا. ولم يكتفوا بظلمهم بل انغمسوا في عبادة الأوثان، حيث قدسوا أصنامًا مثل صمود وصداء والهباء. في ظل هذا الوضع، أرسل الله -تعالى- نبيه هودًا -عليه السلام- ليعيدهم إلى توحيد الله وعبادته وترك الأصنام، والعدل بينهم، محذرًا من عواقب الغرور. قال الله تعالى: (واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف وقد خلت النذُر من بين يديه ومن خلفه ألا تعبدوا إلا الله إني أرى عليكم عذاب يوم عظيم)، إلا أن قومه جحدوا دعوته وسخروا منه، مما أدى إلى نزول عذاب الله عليهم.

إهلاك قوم عاد

تميز قوم عاد بقوة أجسامهم وهائل عمرانهم، حتى تم ذكرهم في القرآن بقول الله تعالى: (إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ). كانت ثقتهم مبنية على اعتقادهم بأن لا أحد يمكنه هزيمتهم. حيث قالوا: (مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً)، لكن الله -تعالى- رد عليهم في الوقت الذي لم يتوقعوا فيه، حيث أرسل عليهم ريحًا عاتية أهلكتهم، فلم يستطيعوا الحراك. قال الله تعالى: (سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ). وقد وصفت الريح بأنها صرصر، تعني أنها شديدة البرودة، وكانت تعصف بهم إلى السماء ثم ترميهم أرضًا لتؤدي إلى هلاكهم، فتجلّت قدرة الله تعالى في هذه العقوبة. وبذلك، كان عقابهم متماشيًا مع استكبارهم، حيث كانوا يرون أنفسهم الأقوى على وجه الأرض، وتظهر لهم قدرة الله بآجال أبسط الكائنات وهو الهواء.

دعوة هود لقومه

بعد أن طهر الله -تعالى- الأرض من المشركين عبر إهلاك قوم نوح، عاد قوم عاد إلى عبادة الأوثان وأخذوا يتوسلون إليها في حاجاتهم. أرسل الله -تعالى- نبيه هودًا، الذي كان من أكرمهم أخلاقًا وأشرفهم نسبًا، يدعوهم إلى توحيد الله وترك الشرك، محذرًا إياهم من عواقب أفعالهم. لكنهم جحدوا دعوته على غرار أسلافهم. سعى هود -عليه السلام- إلى إقناعهم عبر الحجج المنطقية، موضحًا كيف تهلك الأمم السابقة بسبب كفرها، وهذا ما حذرهم الله منه عبر هود، فقال لهم: (واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح وزادكم في الخلق بسطة فاذكروا آلاء الله لعلّكم تفلحون). لكن قومه أبوا إلا السخرية منه، قائلين: (إنّا لنراك في سفاهة وإنّا لنظنّك من الكاذبين).

رغم إهانات قومه له، استمر هود عليه السلام في دعوته بالعقل والحكمة. قال لهم: (يا قوم ليس بي سفاهة ولكنّي رسول من رب العالمين أبلغكم رسالات ربي وأنا لكم ناصح أمين)، مؤكدًا لهم أنه لا يأتيهم بسفاهة، بل كرسول موحى له من عند الله. وكان من بين افتراءاتهم أنهم ادعوا أن ليس لدى هود أي آية تدل على نبوته وهو كذب، حيث ذكرت الآيات القرآنية أنه جاء إليهم بالدليل على رسالته ولكنهم واجهوه بالكفر. حتى تحداهم بآثاره بقوله: (فكيدوني جميعًا ثم لا تنظرون)، لكنهم لم يستطيعوا إلحاق الأذى به، فحماه الله من بطشهم. وهذا يمثل إحدى الآيات الكبرى التي أظهرها الله للناس.

Scroll to Top