يتجه بعض الأفراد إلى حلف اليمين كذبًا على المصحف، عمدًا منهم لتفادي مشاكل أو لحل نزاعات كبيرة، مثل محاولة إنقاذ زواجهم. إلا أن هذا الأمر قد لا يكون بتلك السهولة. في هذا المقال، سنتناول حكم الحلف كاذبًا على المصحف بغرض إتمام الزواج.
حكم الحلف كاذبًا على المصحف لأغراض الزواج
- يستخدم بعض الأشخاص الحلف على المصحف لإثبات صحة كلامهم أو لتبرئة أنفسهم.
- لكن وجب التنويه أن الحلف على المصحف سواء كان صادقًا أو كاذبًا هو بدعة، ولم يكن موجودًا في زمن النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
- بصفة عامة، يُمنع المسلم من الحلف بغير الله عز وجل أو بصفاته.
- بعض الأفراد يتهاونون في خطورة الحلف كاذبًا على المصحف، ويقومون بذلك لأي سبب كان، بما في ذلك إتمام الزواج، لكن هذا اليمين يعد من الأيمان الكاذبة التي تجلب الإثم والنار لصاحبها.
- الكذب يُعتبر محرمًا في الإسلام، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين من عواقبه الوخيمة في الدنيا والآخرة.
- توجد العديد من الآيات القرآنية التي تنهى عن الكذب، مثل قوله تعالى: (وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).
- كما أن هناك آيات لعن الله فيها الكاذبين، مثل الآية (وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ).
- أكد العديد من العلماء أن الحلف كاذبًا على المصحف يعد إثمًا كبيرًا، ويدعو فاعله إلى التوبة والاستغفار وعدم العودة لذلك تحت أي ظرف.
- ابن قدامة يوضح أن الحلف بالقرآن أو بكلمات الله يُعد يمينًا، ويجب فعل كفارة في حال الحنث فيها.
- في حين أشار الشيخ “عويضة عثمان” إلى أن الحلف كذبًا على المصحف أو وضع اليد عليه يؤدي إلى غضب الله في الدنيا والآخرة.
اطلع أيضًا على:
كفارة الحلف كاذبًا على المصحف
- يشكل الكذب عمومًا سلوكًا سيئًا يجلب الذنوب، أما الحلف كاذبًا على المصحف فهو أمر أكثر خطورة، وعلى مرتكبيه التوبة ودفع كفارة اليمين.
- كفارة اليمين الكاذب على المصحف هي: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة. وفي حال عدم القدرة على ذلك، ينبغي عليه الصوم لمدة ثلاثة أيام.
- قال الله تعالى: “فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ۖ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ۚ ذَٰلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ”.
- إذا كان الحالف يرغب في إطعام عشرة مساكين، يجب أن يتأكد أن الطعام يكفيهم قوت ليلة أو أن يكون من أوسط ما يطعم به أهله، وفقًا لقول الله تعالى.
- لم يتفق العلماء على مقدار الكسوة، حيث أن المذهب الحنفي حددها بالثياب التي تصلح لجميع الناس.
- في المذهب المالكي، تُقَدّر الكسوة بالملابس الشرعية التي تجوز الصلاة بها، وليس بالضرورة أن تكون جديدة.
- أما الشافعية، فحددوا المقدار المجزئ بأن يكون أي لباس جائز.
- تحرير الرقبة يعني عتق العبد المملوك، ويتفق الفقهاء على أن تحرير الرقبة يجب أن تكون مؤمنة.
- يمكن أيضًا تكفير اليمين الكاذب بصيام ثلاثة أيام إن لم يتمكن الحالف من خيارات الكفارة الأخرى، وفقًا للآية الكريمة: (فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ).
- على الرغم من ذلك، لم يتفق العلماء حول وجوب تتابع هذه الأيام، إذ ترى المذاهب الشافعية والمالكية أنه ليس شرطًا، بينما يُصرّ الحنابلة والحنفية على ضرورة تتابعها.
كما أدعوك للاطلاع على:
اليمين الذي تجب فيه الكفارة
يتسائل البعض عما إذا كانت جميع أنواع الأيمان تتطلب كفارة، حيث هناك ثلاثة أنواع رئيسية:
- يمين اللغو: وهو اليمين الذي يقوله الفرد دون قصد التحليف، مثل قوله “والله” أو “نعم والله”. هذا النوع لا يحتاج إلى كفارة ولا يُعتبر ذنبًا، كما جاء في قوله تعالى: (لَّا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ).
- اليمين الغموس: يُشير إلى اليمين الكاذب الذي يحلفه الشخص وهو يعلم أنه كاذب، وهو ذنب كبير لا يُكفَّر عنه، ويجب على مرتكبه التوبة الصادقة.
- اليمين المنعقدة: وهي اليمين التي يقصدها الفرد لينفذ أمرًا معينًا، وفي حال عدم الوفاء بها، يجب عليه كفارة اليمين.
يمكنكم أيضًا الاطلاع على:
هل يجوز الحلف على القرآن كذبًا لإرضاء الزوج الذي كثير الشك؟
لا، الحلف كذبًا لتفادي المشاكل بالقرآن أو بأي شكل لإرضاء الزوج يعتبر محرمًا، وهو يمين غموس يستوجب الكفارة والتوبة لتفادي العقاب في الآخرة، والله أعلم.