تاريخ الدولة الفاطمية في مصر: حقبة مهمة من التاريخ الإسلامي

نشوء الدولة الفاطمية في مصر

تعتبر الدولة الفاطمية كيانًا مذهبيًا، حيث اعتنقت مذهب الشيعة الإسماعيلية، وهو مذهب يختلف تمامًا عن مذهب أهل السنة الذي يتبعه أغلب سكان مصر. كان الفاطميون يسعون إلى إقامة نظام سياسي وديني في مصر، وقد لعب الموقع الجغرافي الفريد لمصر، الذي يحيط بها العالم العربي، دورًا مهمًا في طموحاتهم للسيطرة على المراكز الإسلامية الكبرى، مثل مكة والمدينة المنورة ودمشق وبغداد، التي تمثل مركز الخلافة العباسية، والتي كانت معادية لهم. بدأت الحملات الفاطمية على الحدود الغربية لمصر منذ عهد الخليفة الأول عبيد الله المهدي.

نفذ الفاطميون ثلاث حملات لغزو مصر: الأولى في العام 301 هجري، والثانية في 307 هجري، والثالثة في 322 هجري، وكانت هذه الحملات مزيجًا من الهجمات البرية والبحرية. استغرقت كل حملة منها عامين على الأقل وحققت الدولة الفاطمية من خلالها السيطرة على مدينة الإسكندرية وبعض المناطق الوسطى في مصر. بيد أن هذه الحملات لم تحقق نجاحًا كبيرًا، نظرًا لاستمرار الخلافة العباسية في قوتها وقدرتها على صد هجمات الفاطميين.

مع مرور الوقت، بدأت الدولة العباسية تعاني من تدهور سياسي واقتصادي، مما جعلها عاجزة عن مواجهة أي غزو خارجي لمصر. كان الخليفة المعز الفاطمي على دراية تامة بهذه الأوضاع، لذا قام بإعداد العدة لفتح مصر وجمع الأموال، والتي قيل إنها بلغت أربعة وعشرين مليون دينار. أمضى أيضًا سنتين في حفر الآبار وبناء المنازل على الطريق المؤدي إلى الإسكندرية ليستقر فيها جيشه. في عام 358 هجري، انطلق الجيش الفاطمي من القيروان تحت قيادة بعض السفن الحربية، حيث استولى على الإسكندرية ثم واصل زحفه إلى الجيزة، مما أدى إلى مواجهة المقاومة الإخشيدية التي كانت قد أعدت له، ليعسكر جوهر، قائد الجيش الفاطمي، في المكان الذي أسس فيه مدينة القاهرة، عاصمة الفاطميين في مصر.

زوال الدولة الفاطمية

توجد العديد من العوامل التي ساهمت في ضعف وسقوط الدولة الفاطمية، منها:

الأسباب السياسية

نظام الحكم في الدولة الفاطمية كان وراثيًا، مما أدى إلى تولي الخلافة من قبل ثمانية خلفاء من بينهم ثلاثة مراهقين وخمسة أطفال. كان أول هؤلاء الحاكم بأمر الله خلال الفترة من 386 إلى 390 هجري، وقد كان هذا الخليفة يفتقر إلى الخبرة السياسية، حيث كانتauthority بيد ابن عمار ثم برجوان. هذا الوضع الداخلي المضطرب يعكس ضعف الدولة نتيجة لصغر سن الخليفة وقلّة خبرته في الحكم.

دور النساء في الحكم

شهدت النساء في العصور الإسلامية مكانة مهنية مرموقة، ولعبت أدوارًا فعالة في المجتمع المصري. كانت السيدة تغريد، زوجة الخليفة المعز بالله، من النساء البارزات في الدولة الفاطمية، حيث كانت تُعرف بأم الأمراء وتمتلك عقلية تجارية بارعة. كان الخليفة يستشيرها في بعض مسائل الدولة، وكان لعدد من زوجات الخلفاء الفاطميين دورٌ في التأثير على مجريات الأمور، مما ساهم في تدهور الدولة.

الأسباب العسكرية

  • ضعف الدولة الفاطمية في التصدي للصليبيين.
  • الحروب مع العباسيين.
  • الحروب مع السلاجقة.
  • ظهور الزنكيين والأيوبيين كقوى جديدة.

الأسباب الدينية

  • التعصب الذي أظهره الشيعة تجاه السنة.
  • تعظيم الخلفاء والدعاء لهم من على المنابر.
  • سيطرة أهل الذمة على المناصب الحكومية.
  • الانقسامات داخل المذهب الإسماعيلي.

الأسباب الاقتصادية

  • إنفاق الأموال في الاحتفالات الكثيرة.
  • تزايد ثروات الخلفاء والوزراء الفاطميين بشكل ملحوظ.
  • الأزمات الاقتصادية الناتجة عن نقص في مياه النيل وظهور المجاعات والأوبئة.
  • يُشير بعض المؤرخين إلى أن الخلفاء الفاطميين كانوا يُعرفون بحبهم للمظاهر والبذخ، مما أدى إلى إسراف الدولة في نفقاتها ونتج عنه تدهور أخلاقي أفضى إلى انهيار الدولة.

حقائق عن الدولة الفاطمية

الجانب الديني للدولة الفاطمية

  • تمثل الإمامة أو الخلافة الفاطمية خلافة دينية وراثية تستند إلى أساسين رئيسيين هما:
  • الأول: العلم الإلهي الذي ورثه الفاطميون عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم من خلال علي ابن أبي طالب وأبنائه.
  • الثاني: الوصية التي تعتبر الإمامة فاطمية في عدالتها وراثة لوصاية علي.

الجانب العسكري للدولة الفاطمية

لم تعتمد الدولة الفاطمية على المصريين للدفاع عنها أو لتوسيع أراضيها إلا في نطاق محدود، بل استندت بشكل كبير إلى المرتزقة الأجانب، بما في ذلك المغاربة والأتراك والصقالية والسودانيين والأرمن والروم. واجهت الفاطمية صراعات وصراعات بين المرتزقة انتجت عن حرق مدينة الفسطاط و نهبها من قِبَل السود خلال عام 411 هجري، لكن الأمر انتهى بنجاح الترك والمغاربة في صد السود إلى صعيد مصر.

في المجمل، كانت فترة الدولة الفاطمية من أكثر العصور سعة وازدهارًا، غير أنها أيضًا كانت تسعى جاهدة لتطبع المجتمع بعقائدها وأفكارها الخاصة، مما انعكس على الحياة الاجتماعية الفاطمية. تميزت الحياة آنذاك بالتفاخر والترف، بشكل لم يُشاهد في فترات أخرى من التاريخ الإسلامي لمصر، وأحيانًا بظهور دوافع تطرف وغموض. وعلى الرغم من هذه التحولات، كانت هناك ترددات لدى الشعب المصري في التكيف بالكامل مع الأهداف المذهبية والسياسية للدولة الفاطمية.

Scroll to Top