حديث نبوي عن فضل الشهداء

عظّم الله سبحانه وتعالى مكانة الشهيد، ووعده بعظيم الأجر في الدار الآخرة، والشاهد على ذلك ما جاء في كتاب الله في سورة النساء، الآية 74: “فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة، ومن يقاتل في سبيل الله فيُقتل أو يُغلب فسوف نؤتيه أجرًا عظيمًا”.

وقد تحدث الرسول صلى الله عليه وسلم عن منزلة الشهداء في الجنة في العديد من الأحاديث. في هذا السياق، سوف نعرض حديثًا شريفًا عن القدر الذي يتمتع به الشهداء، كما سنبين سبب تسميتهم بهذا الاسم، وسنستعرض أنواع الشهداء.

حديث شريف حول الشهداء

تتعدد الأحاديث النبوية التي تناولت أجر الشهيد ومكانته في الجنة. وفيما يلي نبين حديثًا شريفًا عن الشهداء:

  • أوضح النبي محمد صلى الله عليه وسلم أن مفهوم الشهادة لا يتقصر فقط على من قُتل في ساحة المعركة مدافعًا عن وطنه أو ماله، بل يشمل أصنافًا أخرى.
    • قال أبو هريرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الشهداء خمسة: المطعون، والمبطون، والغريق، وصاحب الهدم، والشهيد في سبيل الله”. (متفق عليه)
  • كما رواى مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “ما تعُدُّون الشهداء فيكم؟” قالوا: “يا رسول الله، من قُتل في سبيل الله فهو شهيد”.
    • فقال: “إن شُهداء أُمتي إذًا لقليل، قالوا: فمن يا رسول الله؟ قال: “من قُتل في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في الطاعون فهو شهيد، ومن مات في البطن فهو شهيد، والغريق شهيد”.
  • وورد عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن الرسول صلى الله عليه وسلم قوله: “من قُتل دون ماله فهو شهيد” (متفق عليه).
  • ومن الأحاديث التي تبين مكانة الشهداء ما رواه النبي صلى الله عليه وسلم: “لما أصيب إخوانكم بأحد، جعل الله أرواحهم في جوف طير خضر ترد أنهار الجنة، تأكل من ثمارها، وتأوي إلى قناديل من ذهب معلقة في ظل العرش، فما وجودوا طيب مأكلهم ومشربهم ومقيلهم.
  • فقالوا: من يبلغ إخواننا عنا نحن أحياء في الجنة نرزق، لئلا يزهدوا في الجهاد؟ فقال الله عز وجل: “أنا أبلغهم عنكم”. فأنزل الله الآيات التالية من سورة آل عمران:
    • “ولا تحسبن الذين قُتِلُوا في سبيل الله أمواتًا بل أحياء عند ربهم يرزقون * فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون * يستبشرون بنعمةٍ من الله وفضلٍ وأن الله لا يُضيع أجر المؤمنين”.
  • وأكد النبي صلى الله عليه وسلم على عظيم منزلة الشهداء حيث يتمنى أهل الجنة العودة إلى الحياة الدنيا لتحقيق الشهادة من أجل بلوغ منازل أعلى، كما يظهر في الحديث التالي:
    • يُؤتَى بالرجل من أهل الجنة فيقول الله سبحانه وتعالى: “يا ابن آدم: كيف وجدت منزلك؟” فيقول: “أي ربّ خير منزلٍ”، فيقول: “سل وتمنَّ” فيقول: “أسألك أن تردني إلى الدنيا فأقتل في سبيلك عشر مراتٍ، لما يرى من فضل الشهادة”.
  • وجدت أيضًا حديث شريف يصف ميزات الأجر الذي يمنحه الله للشهداء، فعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “للشهيد عند الله سبع خصال:
    • يُغفر له في أول دفعةٍ من دمه، ويُرى مقعده من الجنة، ويُحلّى بحلة الإيمان، ويُزوّج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين، ويُجار من عذاب القبر، ويأمن الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار، الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها، ويُشفّع في سبعين إنسانًا من أهل بيته”.

منازل الشهداء في الجنة

  • كما ذكرنا سابقًا، أكد النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه عن الشهداء أن الشهادة لا تتعلق فقط بمن مات في سبيل الله، بل وجود درجات مختلفة للشهداء في المنازل والمكانة.
  • وتعتبر أعلى منزلة للشهداء تلك التي تخص من قُتل دفاعًا عن الدين الإسلامي بشروط إخلاص وصدق في النية.
  • تأتي بعد ذلك المنزلة لمن قُتل دفاعًا عن دينه أو ماله أو عرضه، وفقًا لما أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه.

سبب تسمية الشهيد بهذا الاسم

تتنوع آراء العلماء حول سبب تسمية الشهيد بهذا الاسم، ومن هذه الآراء ما يلي:

  • بعضهم يعتقد أن الشهيد سُمّي لأنه يشهد الأنبياء بمعنى البلاغ.
  • ومنهم من يقول إن هذه التسميّة تنبع من كونه حيًا شاهداً على ما يحدث كما قال تعالى: “ولا تقولوا لمن يُقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون”، وهو الرأي الأكثر اقترابًا من الصواب.
  • وترى بعض التفاسير أنه يُطلق عليه هذا الاسم لأن الله والملائكة يشهدون بإيمانه وإخلاصه.
  • كما يُحتمل أنه سُمّي بهذا الاسم لأنه يرى مقعده من الجنة قبل مغادرة روحه، أو لأنه يشاهد الملائكة، والله أعلم.

أنواع الشهادة

كما أشرنا في بداية الحديث، فإن منزل الشهادة تتضمن بأنواع متعددة لا تقتصر فقط على من استشهد مدافعًا عن دينه. وفيما يلي نوضح حالات متعددة تُعتبر شهداء وفقًا للقرآن والسنة:

من مات في سبيل الله شهيدًا

من قُتل دفاعًا عن الإسلام فهو شهيد كما جاء في قوله تعالى: “فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة ومن يقاتل في سبيل الله فيُقتل أو يُغلب فسوف نؤتيه أجرًا عظيمًا”.

من مات مصابًا بالطاعون شهيدًا

فمن يموت تأثرًا بالطاعون يُعتبر شهيدًا، كما قال النبى: “الطاعون شهادة لكل مسلم”.

المبطون شهيدًا

وهو من يموت بسبب مرض يصيب البطن، كما ورد في حديثه: “من قُتله بطنه لم يُعذّب في قبره”.

المطعون شهيدًا

أكد النبي محمد صلى الله عليه وسلم أن من يموت مطعونًا يُعتبر شهيدًا حينما قال: “ومن مات في البطن فهو شهيد”.

الغريق شهيدًا

ووفقاً لما قاله النبي صلى الله عليه وسلم، فالغريق يُعتبر من الشهداء حيث قال: “المائدُ في البحر الذي يصيبه القيء له أجر شهيد”.

المحروق شهيدًا

وكل من يموت بسبب الحرق يُعد من الشهداء كما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم.

صاحب الهدم شهيدًا

وهو المسلم الذي يتعرض للموت نتيجة سقوط هدم عليه.

قائل الحق لحاكم ظالم شهيدًا

عندما سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم: “أي الجهاد أفضل؟” قال: “كلمة حق عند إمام جائر”.

موت طالب العلم شهيدًا

الطالب الذي يموت وهو يحمل العلم يُعتبر شهيدًا، ويدل على ذلك حديث شريف: “من خرج في طلب العلم كان في سبيل الله حتى يرجع”.

المقتول صبرًا شهيدًا

من يسجن ظلماً ويصبر على ذلك، إذا قُتل يُعتبر من الشهداء.

المقتول مدافعًا عن حقه شهيدًا

من يُقتل بسبب دفاعه عن حقه كالأرض أو المال فهو شهيد، كما ورد في الحديث النبوي: “من قُتل دون مظلمته فهو شهيد”.

الشهادة في الإسلام

الشهادة في سبيل الله تعني الاستعداد للتضحية بالنفس والمال وكل ما يملكه المسلم دفاعًا عن العدالة والمظلومين. يعتبر العمل من أسمى الأعمال وهو من مرتبات الإيمان العالية.

تشمل الشهادة في سبيل الله الأفعال التالية:

  • المشاركة في الجهاد والتصدي للاحتلال والظلم.
  • التبرع لدعم المشاريع الخيرية.
  • الدعوة إلى الله ونشر تعاليم الإسلام.
  • الوقوف ضد الفساد والظلم.
  • المشاركة في الأعمال الخيرية.

فضائل الشهيد

  • يُغفَر للشهيد كل ذنوبه إلا الدين، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: يُغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين. رواه مسلم.
  • الشهيد يُغفر له، ويرى مقعده من الجنة، ويُزوّج بالحور العين، ويحميه الله من عذاب القبر، ويكون آمنًا من الفزع الأكبر، ويشبع لأهله. كما جاء في الحديث: للشهيد عند الله سبع خصال: يُغفر له في أول دفعة من دمه، ويرى مقعده من الجنة، ويحلى بحلة الإيمان، ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين، ويجار من عذاب القبر، ويأمن مما هو آت، ويوضع على رأسه تاج الوقار، الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها، ويشفع في سبعين إنسانًا من أهل بيته.

مكان دفن الشهداء

  • قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “ادفِنُوا القتلى في مصارعهم”.
  • كما اتفق العلماء على أن دفن الشهيد في مكان وفاته مستحب جدًا لكنه ليس واجبًا.
  • هذا يُعتبر من فضائل الشهداء ومكانتهم العالية عند الله.

كيف نكون شهداء

إن الشهيد هو من يجاهد في سبيل الله وفق شروط قد لا تتوفر في بعض الأوقات، ولكن يمكن للمرء أن يسأل الله تعالى بأن يكون من الشهداء، كما جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: “من سأل الله الشهادة بصدق، بلغه الله منازل الشهداء، وإن مات على فراشه”.

أسئلة شائعة حول الشهداء

Scroll to Top