فخر واعتزاز اللغة العربية
قال لي أستاذي الفرنسي إنهم يحبون لغتهم بعمق لا يمكننا تخيله، فنجد منهم من يتقن اللغة الإنجليزية بشكل يفوق الناطقين بها، ومع ذلك، لا يتحدثون بها على الإطلاق، بل يتمسكون بالتحدث بلغتهم الفرنسية الأصيلة. هذا التأمل جعلني أتساءل عن وضع لغتنا العربية وكيفية تعامل أبناء الوطن معها. ينبغي عليهم أن يفخروا بعراقتها وأصالتها، فهي جيب فكر عميق وثراء في المعاني والكلمات، وتعتبر من أكثر لغات العالم غنى.
حضارة أمة باللغة العربية
تراجع دور اللغة العربية يعود جزئيًا إلى وسائل الإعلام، والأفلام، والأغاني التي أصبحت في كثير من الأحيان سطحية، مع ضعف الرقابة حول هذه المحتويات. بالإضافة إلى ذلك، لا يمكننا إغفال وضع نظام التعليم لدينا. كيف يمكننا إلقاء اللوم على التعليم في ظل الظروف الحالية؟ أم ينبغي أن نعود إلى أنفسنا، فنحن من سمحنا لتأثيرات لغوية وثقافات أخرى بالوصول إلى عقولنا والتأثير على أفكارنا؟
يجب أن نفكر في هذا الأمر بعمق ونسعى لتطبيقه من خلال التمسك بلغتنا العربية الأصيلة، وهي لغة ديننا وقرآننا الكريم. ينبغي أن نعمل على تعزيز هذه اللغة عبر الإنترنت، التي أصبحت وسيلة إعلام وتسويق فعالة في الوقت الراهن.
اللغة العربية هي مجد حضارتنا وتاريخنا وحاضرنا، وهي منبر ثقافتنا. لقد اختار الله اللغة العربية لتكون لغة خاتم الرسالات السماوية، وهي إرث يمتد عبر عصور الحضارة الإسلامية العريقة. قال الله تعالى: {وَكَذَٰلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا}.
إرث أدبي وثقافي عريق باللغة العربية
الأدب هو رافعة اللغة العربية ووعاء ثقافتها. قيل إن الشعر هو ديوان العرب، لما له من مكانة في نفوسهم منذ العصر الجاهلي. تعكس العديد من المؤلفات الأدبية فترة زمنية معينة وتجسد مشاعر العرب ووجدانهم. تعتبر العربية فريدة في أسلوب تعبيرها، حيث يصعب على اللسان وصف جمالها. لقد تفوقت لغة الضاد على جميع اللغات من حيث الأسلوب والبلاغة، كما يقول حافظ إبراهيم:
وَسِعْتُ كِتَابَ الله لَفْظَاً وغَايَة
وَمَا ضِقْتُ عَنْ آيٍ بهِ وَعِظِاتِ
فكيفَ أَضِيقُ اليومَ عَنْ وَصْفِ آلَةٍ
وتنســيقِ أَسْــمَاءٍ لمُخْــتَرَعَاتِ
أنا البحرُ في أحشائِهِ الدرُّ كَامِنٌ
فَهَلْ سَأَلُوا الغَوَّاصَ عَنْ صَدَفَاتي
إن اللغة تمثل هوية الشعب، فهي وسيلة الاتصال الأساسية، وتجمع بين الثقافة والعراقة والأصالة والجمال. تتميز العربية بفصاحتها وغزارة مفرداتها، فضلاً عن العلوم التي تنبثق منها، مثل علم الأصوات والنحو والصرف.
رابطة تؤلف بيننا باللغة العربية
في الختام، اللغة العربية رابطة تجمع العرب والمسلمين، وتعزز العلاقات الإيجابية. كما يقال: “العربية تزيد من المروءة”، والمروءة تنبثق من لغتها المتقنة والمعاني الدقيقة. إنها لغة غنية وشاملة تُؤكد العقل وتغذي الفكر والروح.