ما هي صلاة الاستسقاء؟
تعريف صلاة الاستسقاء
الاستسقاء في اللغة يعني طلب الماء، سواء كان ذلك من الله سبحانه وتعالى أو من الناس. أما في الاصطلاح، فهي دعاء الله تبارك وتعالى لطلب الماء من خلال هيئة معينة، وعند الحاجة إليه. يمكن أن يتحقق الاستسقاء من خلال الصلاة، المعروفة باسم صلاة الاستسقاء، أو عبر الدعاء خلال خطبة الجمعة، أو بالدعاء بعد الصلوات، أو حتى بالدعاء دون الحاجة إلى صلاة أو خطبة.
سبب إقامة صلاة الاستسقاء
يصلي المسلمون صلاة الاستسقاء في حالات القحط والجفاف، عندما ينحبس المطر أو يقل بشكل كبير، وذلك بسبب الحاجة الضرورية للماء لسقي الناس والمحاصيل والأنعام. وقد يكون انحباس المطر اختباراً من الله تعالى لعباده بسبب ذنوبهم، مما يستدعي منهم اللجوء إلى الله بالصلاة والدعاء في طلب الفرج والغيث.
حكم صلاة الاستسقاء وموعدها
ما هو حكم صلاة الاستسقاء؟
تعتبر صلاة الاستسقاء من السنن المؤكدة عن النبي -عليه الصلاة والسلام- حسب رأي غالبية الفقهاء. بينما يرى أبو حنيفة أنه لا حاجة لإقامة صلاة للاستسقاء، بل يكفي الدعاء فقط. أما جمهور الفقهاء، فيعتبرون أن صلاة الاستسقاء سنة متبعة في الحج والبر والبحر عند الحاجة، استناداً إلى ما ورد في عدة أحاديث.
متى يمكن أداء صلاة الاستسقاء؟
يمكن أداء صلاة الاستسقاء في أي وقت عدا الأوقات المنهي عنها. أفضل وقت لأدائها هو بعد طلوع الشمس بقدر رمح، وهو ما يذهب إليه جمهور العلماء. أما المالكية فيرون أن وقتها يمتد من طلوع الشمس حتى زوالها. الشافعية يشجعون على إقامتها رغم دخول وقت المنع، إلا أن الأفضل عدم إقامتها في تلك الأوقات احترازاً من الخلاف، مع التأكيد على أداء الصلاة في وقت صلاة العيد، حيث يتشابه الأمر في المكان والصورة والوقت، ويمكن تأديتها جماعةً أو فرادى، سواء داخل المسجد أو في الهواء الطلق، والأفضل أن تكون في الصحراء.
ما هي الحكمة من مشروعية صلاة الاستسقاء؟
تتعدد الحِكم وراء مشروعية صلاة الاستسقاء، ومنها ما يلي:
- التضرع إلى الله تعالى طلباً للمطر عند انحباسه وجفاف الأرض، حيث يلجأ الناس إلى الله بعبادة وخشوع في اليوم الذي يحددهم الإمام للصلاة والدعاء راجين من الله الغيث.
- الاستسقاء يمثل تجلي ضعف العبد وافتقاره وإخلاصه في التوجه إلى ربه.
كيفية أداء صلاة الاستسقاء
صلاة الاستسقاء تؤدى بركعتين، يبدأ المصلي فيها بتكبير سبع تكبيرات في الركعة الأولى، ثم يتلو الفاتحة وما تيسر من القرآن الكريم جهراً، بعدها يركع ويسجد، ثم يقوم للركعة الثانية، ويتلو فيها خمس تكبيرات غير تكبيرة القيام، ويكرر ما فعل في الركعة الأولى. في النهاية، يقرأ التشهد ويسلم. ويذهب جمهور فقهاء الشافعية والمالكية وبعض الحنفيين إلى أهمية إقامة الإمام للخطبة بعد الصلاة، بينما يرون أنه يمكن تقديم الخطبة على الصلاة. تفاصيل كيفية أدائها عند الفقهاء كالتالي:
- الشافعية: يُؤدّى كصلاة العيد بركعتين، حيث يُكبر المصلي سبع تكبيرات دون تكبيرة الإحرام، مع الفصل بين كل تكبيرة وأخرى بقدر قراءة آية. ويستحب قراءة سورة “قاف” أو “الأعلى” في الركعة الأولى. وبعد ذلك، تُؤدى الركعة الثانية بخمس تكبيرات، وتُقرأ فيها سورة “القمر” أو “الغاشية”. يخطب الإمام بعد انتهاء الصلاة بخطبتين كالعيد، مع الإكثار من الاستغفار قبل البدء.
- الحنفية: تختلف آراؤهم في ذلك، فمنهم من رأى أنه دعاء واستغفار دون صلاة. يجب أن يكون الإمام متوجهاً نحو القبلة، وقائماً أثناء الدعاء مع رفع يديه والناس يجلسون مؤمنين على دعائه، بينما يرى آخرون أنه يمكن أداء ركعتين.
- الحنابلة: تُؤدى كصلاة العيد ولها خطبة واحدة، يفتتحها الإمام بالتكبير مع الإكثار من الاستغفار والصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام-، ويرفع يديه عند الدعاء، ويقرأ في الصلاة سورة “الأعلى” وسورة “الغاشية”.
- المالكية: تُصلى كصلاة العيد، لكن يُستحب أن يكون التكبير محل الاستغفار، ثم تُلقى خطبتان بعد الصلاة مع قيام الإمام ببعض السنن مثل استقبال القبلة والدعاء، ويقرأ الإمام في الركعة الأولى سورة “الأعلى”، وفي الثانية سورة “الشمس”.
يمتاز الإمام بالصلاة دون الحاجة لأذان أو إقامة، وبعدها أو قبلها يجدل حول الخطبة وفق اختلاف المذاهب، ويبدأها كما ورد في السنة عن النبي -عليه الصلاة والسلام-: “إنكم شكيتم جفاف دياركم واستئخار المطر. وقد أمركم الله بالدعاء، ووعدكم بالاستجابة”. كما يُستحب الإكثار من الدعاء بطلب الغيث مثل دعاء النبي -عليه الصلاة والسلام-: “اللهم اسقنا، اللهم اسقنا، اللهم اسقنا”. ويرى جمهور الفقهاء باستثناء أبي حنيفة أن النداء لصلاة الاستسقاء يكون بعبارة “الصلاة جامعة”، وأن يتم أداؤها جماعة في الصحراء مع الجهر بالقراءة فيها.
سنن وآداب صلاة الاستسقاء
تتميز صلاة الاستسقاء بمجموعة من السنن والآداب التي مستحب مراعاتها أثناء أدائها، ومن هذه السنن والآداب ما يلي:
تحويل وقلب الرداء
يستحب أكثر العلماء ذلك للإمام والمأموم، وفقاً لآراء الشافعية وأحمد، بينما يرى أبو حنيفة عدم استحباب ذلك. وقد ورد عن سعيد بن المسيب والثوري أن هذا خاص بالإمام فحسب. ويكون قلب الرداء بتحويله من الجهة اليمنى إلى اليسرى والعكس، اتباعًا لفعل النبي -عليه الصلاة والسلام-.
التوبة والصدقة
يُستحب تذكير الإمام للناس وحثهم على التوبة والصدقة قبل خروجهم للصلاة، وإعادة المظالم إلى أصحابها، وصيام ثلاثة أيام قبل ذلك، على أن يتوجهوا في اليوم الرابع لأداء الصلاة، وكما يستحسن أن يرتدوا في ثياب تدل على التذلل، بما يتفق مع رأي الجمهور، باستثناء الحنابلة، كما يُفضل اصطحاب الأطفال وكبار السن والضعفاء لطلب رحمة الله تعالى.
رفع الأيدي عند الدعاء
يستحب رفع الأيدي عند الدعاء لكل من الإمام والمأمومين، استناداً إلى حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه-: “كان النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء، وكان يرفع حتى يُرى بياض إبطيه”.
التوجه بتواضع وتذلل
من المستحب خروج الناس لصلاة الاستسقاء على هيئة المتضرعين والمتواضعين، متجنبين الزينة والتجمل، لإظهار الفقر الكامل لله تعالى. من الأفضل الإكثار من الطاعات قبل التوجه للصلاة وطلب الدعاء من أهل الصلاح.